فرنسا "المعزولة" غرب ليبيا تحاول الدخول من باب تونس | منى المحروقي | صحيفة العرب

  • 5/28/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - بدأت فرنسا تتحرك لاستعادة نفوذها الضائع في تونس، في خطوة ينظر إليها على أنها محاولة لتخفيف عزلتها في ليبيا، لاسيما بعد التطورات الميدانية الأخيرة التي أفضت إلى سيطرة الميليشيات الإسلامية حليفة تركيا على أغلب مناطق غرب البلاد، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان الذي أكد الأربعاء أن “سيناريو سوريا يتكرر في ليبيا والوضع مزعج للغاية”. وناقش وزير الدفاع التونسي عماد الحزقي مساء الثلاثاء مع نظيرته الفرنسية فلورانس بارلي الوضع في ليبيا حيث شدد الوزير التونسي على رفض بلاده كل أشكال التدخل الأجنبي، داعيا إلى ضرورة إيجاد حل ليبي – ليبي للصراع. وفي المكالمة، التي جرت مساء الثلاثاء، ثمّنت وزيرة الجيوش الفرنسية مستوى العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين، مؤكدة العمل على المزيد من تطويرها في إطار وثيقة مرجعية يتم إعدادها بصفة مشتركة وتمتد على عدة سنوات، حسب البيان التونسي. ووجهت وزيرة الجيوش الفرنسية بالمناسبة دعوة إلى الحزقي لترؤس الجانب التونسي في الدورة الـ28 لأشغال اللجنة المشتركة العسكرية التونسية الفرنسية المزمعة في باريس أواخر سبتمبر القادم. فلورانس بارلي تناقش مع نظيرها التونسي الوضع في ليبيا فلورانس بارلي تناقش مع نظيرها التونسي الوضع في ليبيا كما تطرق الوزيران أيضا إلى سبل تدعيم التعاون العسكري التونسي الفرنسي في مختلف المجالات، لاسيما تلك المتصلة بتدريب الضباط وتبادل الخبرات وتطوير التجهيزات العسكرية. وتحتكر تركيا وبشكل أكبر الولايات المتحدة منذ 2011 اتفاقيات التعاون والتدريب العسكري مع تونس حيث زود البلدان تونس بالأسلحة والمعدات في تحركات عكست شكلا من تنامي نفوذ البلدين في تونس مقابل تراجع النفوذ الفرنسي. وساهمت الولايات المتحدة في تركيز منظومة المراقبة على الحدود التونسية الليبية، كما ساعدت على تركيز منظومة مراقبة إلكترونية ساحليّة لـتأمين وحماية الحدود البحرية وذلك بتثبيت رادارات بمحطات المراقبة الساحلية من الحدود التونسية الليبية إلى الحدود التونسية الجزائرية مزوّدة بكاميرات عالية الدقة وطويلة المدى. وقال المحلل السياسي التونسي المهتم بالشأن الليبي مصطفى عبدالكبير إن العلاقات التونسية الفرنسية مهمة لباريس، وهو ما يفسر تأكيد وزيرة الدفاع الفرنسية على ضرورة تعزيز التعاون العسكري. وأضاف عبدالكبير في تصريح لـ”العرب” أن “موقع تونس الإستراتيجي وجغرافيتها مهمّان بالنسبة إلى باريس وجميع الدول التي تريد خوض معركة داخل ليبيا”. وأوضح “يبدو أن ما يحدث أخيرا يشير إلى أن معركة دولية ستحدث داخل ليبيا خاصة مع التطورات الأخيرة التي كشفت تنامي الدور التركي بعد سيطرة حكومة الوفاق على قاعدة الوطية بدعم تركي، وهو ما أجبر الجيش الليبي على الانسحاب منها بأخف الأضرار وأقل الخسائر”. وتتواتر الأنباء بشأن بدء تركيا اتخاذ خطوات فعلية لتنفيذ خطة التواجد العسكري الدائم في ليبيا عن طريق السيطرة على قاعدة الوطية الجوية الإستراتيجية، وهي التحركات التي يبدو أنها تحظى بمباركة أميركية، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا لخطط فرنسا بشأن الاستثمار غرب ليبيا. وانطلاقا من هذا الموقف تضامنت باريس مع اليونان وقبرص وعارضت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين حكومة الإسلاميين في طرابلس وتركيا، رغم أن الاتفاقية لا تضر بمصالحها بشكل مباشر. وتعد فرنسا إحدى أبرز الدول الأوروبية الرافضة للتدخل التركي في ليبيا وانتقدت خرق أنقرة للقرار الدولي حظر التسليح على ليبيا، وتقود بالتحالف مع اليونان عملية “إيريني” لوقف تدفق الأسلحة إلى ليبيا والتي تستهدف بالأساس منع وصول السلاح التركي إلى ميليشيات حكومة طرابلس. مصطفى عبدالكبير: موقع تونس الاستراتيجي المجاور لليبيا مهم بالنسبة إلى باريس مصطفى عبدالكبير: موقع تونس الاستراتيجي المجاور لليبيا مهم بالنسبة إلى باريس ويعيق الموقفان الفرنسي واليوناني مساعي أميركية تركية بدأت تتضح خلال الأيام الماضية لإقحام الناتو في الصراع الليبي. وتدعم فرنسا الجيش الليبي وهو ما يتضح من خلال إحباطها قرارات داخل الاتحاد الأوروبي كانت تسعى لإدانته أو إدانة قائده المشير خليفة حفتر. ويتهم الإسلاميون فرنسا بدعم الجيش عسكريا مستغلين حادثة إسقاط طائرة ومقتل ثلاثة فرنسيين كانوا على متنها سنة 2016 قالت السلطات الفرنسية إنهم كانوا أثناء مهمة لجمع معلومات استخبارية. وتحاول فرنسا منذ 2011 الاستثمار في ليبيا والحصول على ما عجزت عن أخذه في زمن العقيد الراحل معمر القذافي. وفازت فرنسا عام 2010 بعقد لاستثمار الغاز بحوض “نالوت” غرب ليبيا، قبل أن يعود القذافي ويلغي العقد مع شركة “توتال” الفرنسية بعد جدل قانوني بشأن بيع الشركة جزءا من حصتها إلى قطر، وهو ما يقول مراقبون إنه كان وراء الاندفاع الفرنسي في 2011 لإسقاط نظام القذافي. ويقول عبدالكبير إن “فرنسا من الدول صاحبة الثقل الكبير في الملف الليبي فهي من أول الدول التي نادت بإسقاط نظام معمر القذافي وشرّعت لحلف الناتو التدخل حتى قبل إعلان مجلس الأمن ذلك”. وأضاف “الفرنسيون يعتقدون أن لديهم فضلا في إسقاط نظام القذافي وأنهم سباقون في هذا الملف لكن المنافسة تحتدم اليوم مع تعدد الأطراف الأجنبية والدولية وتنامي الدور التركي ودخول روسيا على الخط في المشهد الليبي… أعين جميع القوى على الغاز والنفط والموارد الطبيعية”. ويثير الدعم الأميركي غير المباشر للتدخل التركي في ليبيا تكهنات بشأن إمكانية دعم فرنسا للتواجد الروسي الذي ما زال لم يتخذ إلى الآن بعدا رسميا. وعبر بيان للقوات الأميركية في أفريقيا “أفريكوم” الثلاثاء عن قلق أميركي حقيقي من تكرار روسيا للسيناريو السوري في ليبيا، حيث نقل البيان عن قيادات عسكرية أميركية تحذيرات من سعي روسيا إلى قلب موازين الصراع لصالحها.

مشاركة :