رهان أوروبي على «نعم» في استفتاء اليونان

  • 7/1/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

خرجت المفوضية الأوروبية عن عرف التحفظ عن التدخل في الحملات الانتخابية في الدول الأعضاء، ودعت هذه المرة اليونانيين إلى التصويت ضد رئيس حكومتهم الكسيس تسيبراس الذي دعا إلى قول «لا» لخطة الإصلاحات التي يعرضها الأطراف الدائنون، في مقابل صفقة القروض التي يحتاج إليها بلدهم. ونصح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الناخبين في اليونان بالتصويت بـ «نعم» على كل سؤال يطرح عليهم، لأنه سيتعلق بمصير بلادهم في منطقة العملة الواحدة والاتحاد ككل. من شبه المؤكد ان الاتحاد الأوروبي نام على واقع تأخر اليونان عن تسديد مستحقات لصندوق النقد الدولي بقيمة 1.6 بليون يورو، بعد فوات أجل منتصف ليل الثلثاء. وتوقف في الوقت ذاته برنامج المساعدات الدولية لمصلحة اليونان. ولن تحصل أثينا على القروض التي تتفاوض من أجلها مع المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندق النقد الدولي بقيمة 7.2 بليون يورو. ويعني تأخر أثينا عدم الوفاء بالتزاماتها تجاه المقرضين، بأنها قطعت الخطوة الأولى في مسار إجرائي يقودها نظرياً إلى الإفلاس بعد أسابيع. أسواق المال وتميز أداء الأسواق المالية الأوروبية بالحذر، من دون أن تسلك اتجاهاً سلبياً لأن البنك المركزي الأوروبي يتحكم بقنوات تدفق السيولة في النظام المصرفي اليوناني، على رغم هشاشته. كما ساهم قرار الحكومة اليونانية القاضي بإغلاق البنوك ووقف التحويلات المصرفية في إبقاء الوضع تحت السيطرة. ووضعت المفوضية الأوروبية ثقلها السياسي لحمل الناخبين في اليونان على الاستفتاء بـ «نعم»، ما يعد خروجاً عن التزامها تقليداً بالتحفظ وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من الدول الأعضاء. لكن تداعيات افتراض التصويت السلبي على منطقة اليورو ككل، دفعت يونكر إلى تجاوز قاعدة احترام سيادة الدول الأعضاء. وقال عبر الناطق باسمه أمس إن «الاستفتاء يتعلق بمستقبل اليونان داخل منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي». وهو يدعوهم إلى التصويت بـ «نعم» في الخامس من هذا الشهر. وجدد الموقف غداة مكالمة هاتفية بينه وبين تسيبراس بطلب من الأخير ظهر أول من أمس. ونقل الناطق الرسمي مارغاريتيس شيناس عن يونكر التمسك بشروط «موافقة الحكومة اليونانية على الاقتراحات التي قُدمت الجمعة الماضي، وأن تدعو الحكومة أيضاً إلى التصويت بـ «نعم» في استفتاء الأحد المقبل». واشترط يونكر أن يأتي رد أثينا قبل منتصف ليل الإثنين الثلثاء، كي يتمكن مجلس وزراء المال لدول اليورو من معاودة الاجتماع (أمس الثلثاء). لكن رد أثينا لم يأت. ووعدت المفوضية الأوروبية بوضع خطة لتفعيل النمو الاقتصادي والاستثمار وخلق الوظائف، قد تصل الى 35 بليون يورو توفرها صناديق التنمية المشتركة. وكشفت السلطات اليونانية عن نص السؤال الذي ستطرحه على الناخب الأحد المقبل: هل توافق على الاتفاق الذي عرضته المفوضية الأوروبية والصندوق الدولي والبنك المركزي الأوروبي في اجتماع وزراء المال يوم 25 حزيران (يونيو)؟». ودعت حكومة تسيبراس إلى التصويت بـ «لا»، ورأت أن رفض الخطة من قبل الناخبين سيقوي موقفها التفاوضي. وتقرن تصريحات المسؤولين في منطقة اليورو بين موافقة اليونانيين على الخطة ومصير بلادهم داخل المنطقة. ويستندون إلى استطلاعات الرأي التي تتفق كلها حول رغبة اليونانيين في البقاء في منطقة اليورو. وكتب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي في تغريدة على حسابه في موقع تويتر، «الاستفتاء في اليونان ليس مبارزة بين المفوضية ورئيس الحكومة، بل بين عملة يورو وعملة دراخما (اليونانية سابقاً)». هامش المناورة ومع انطلاق الحملة الانتخابية قد يضيق هامش المناورة أمام تسيبراس، خصوصاً أن الثقة بينه وبين المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، في مقدمهم يونكر، قد نُسفت بمفاجأته تنظيم الاستفتاء. وإذا رفض اليونانيون خطة القروض، فربما يعود تسيبراس إلى طاولة المفاوضات كي يطالب بتحسين شروط التفاوض. وفي حال أخفقت توقعاته وصادق اليونانيون على الخطة المقترحة، على رغم شدة شروط التقشف التي تتضمنها، فسيستقيل تسيبراس من رئاسة الحكومة من دون أن يفقد حزبه (سيريزا) موقعه كأكبر كتلة في البرلمان. وعندما يرفض تسيبراس اليساري الخطة، سيجد نفسه أمام خيار وحيد هو الذهاب إلى صناديق الاقتراع مجدداً، أو الحفاظ على رئاسة الحكومة وقبول التحالف مع المحافظين والاشتراكيين، لأنهم سيدعمون خطة التقشف المقترحة. وفي الحالتين، ربما تدخل اليونان مرحلة من عدم الاستقرار السياسي، إضافة إلى أخطار الإفلاس التي تتهددها. وحاول تسيبراس، وفق ما نقلت وكالة «فرانس برس»، تهدئة الأجواء باعتباره الاستفتاء مرحلة في إطار المفاوضات. وأكد «عدم دفع مبلغ 1.6 بليون يورو لصندوق النقد الدولي لافتقار اليونان، إلى المال وليس إلى الإرادة». وأشارت وكالة «رويترز»، إلى بيان نشره موقع وزارة الخارجية الصينية الذي أورد أن وزير خارجية اليونان نيكوس كوتزياس «أبلغ سفير الصين زو شياو لي أن «أثينا لن تخرج من منطقة اليورو». وكانت مصادر في الاتحاد الأوروبي والحكومة اليونانية، أفادت بأن يونكر اقترح عقد اجتماع طارئ لوزراء المال في منطقة اليورو أمس، للموافقة على تقديم مساعدة للحؤول دون تخلف اليونان عن التسديد، إذا أرسل تسيبراس موافقة مكتوبة على الشروط. ولوح أيضاً بإمكان التفاوض على إعادة جدولة الديون في وقت لاحق هذه السنة، في حال قالت أثينا «نعم».

مشاركة :