القاهرة: «الخليج» «نظرية الترجمة» هي حقل معرفي جديد، وليس بجديد، ذلك أنه حقل لم يعرف له وجود إلا منذ عام 1983 بوصفه مدخلاً مستقلاً في المسرد الدولي للجمعية اللغوية الحديثة، ومع ذلك فهو حقل قديم قدم برج بابل، إن بعض دارسي الأدب يؤكدون أنهم لم يسمعوا به على الإطلاق، بوصفه موضوعاً مستقلاً بذاته ولذاته، وآخرون من الذين يمكنهم ممارسة الترجمة بأنفسهم يجزمون بأنهم يعرفون كل ما هم بحاجة إلى معرفته، وربما يزعم الذي ينحصر عمله في التعامل مع لغة واحدة أنه ليس بحاجة إلى نظرية الترجمة، ومع ذلك فإن الترجمة تلازم كل لغة لزوماً لا فكاك منه، بسبب علاقات هذه اللغة بنسق دلالي آخر، سواء أكان نسقاً ماضياً أم حاضراً، وعلى الرغم من أن نظرية الترجمة معدودة في العرف الأكاديمي تخصصاً هامشياً، فهي ذات أهمية مركزية لكل من يتصدى لتفسير الأدب، وفي حقبة تاريخية تتميز بظهور النظريات الأدبية تصبح نظرية الترجمة ذات علاقة وثيقة تتزايد باطراد بهذه النظريات جميعاً.يتساءل «إدوين غينتسلر» في كتابه «في نظرية الترجمة اتجاهات معاصرة» من ترجمة د. سعد عبد العزيز مصلوح: ما المقصود بعبارة نظرية معاصرة في الترجمة؟ ويوضح أن رومان جاكوبسون يقسم الحقل إلى مناطق ثلاث: الأولى ترجمة لغوية أحادية ويقصد بها إعادة الصياغة اللغوية للعلامات في لغة ما بعلامات اللغة نفسها، والثانية ترجمة لغوية تبادلية أو تفسير علامات في لغة ما بعلامات من لغة أخرى، وهي الترجمة بمعناها الدقيق، والثالثة ترجمة سيميائية تبادلية وهي نقل العلامات أو تحويلها من لغة ما إلى أنساق من علامات غير لفظية، من اللغة إلى فن أو موسيقى، وجميع الحقول التي انتهى إليها جاكوبسون في تقسيمه يعزز بعضها بعضاً، ويستطيع المرء إذا أخذنا هذا التعريف مأخذ القبول، أن يرى في يسر كيف توقع نظرية الترجمة الدارس في شبكة سيميائية تبادلية كاملة، قوامها اللغة والثقافة، وهي شبكة تلامس كل التخصصات وجميع أنواع الخطاب.يشير المؤلف إلى أن نظرية الترجمة شهدت في السنوات الأخيرة انفجاراً أنتج الجديد من التطورات، وشخص جورج شتينر تاريخ نظرية الترجمة حتى جاكوبسون بأنه سلسلة متصلة من إعادات الصياغة للتمايز النظري التقليدي بين الترجمة الرسمية (الأمينة على النص الأصلي) والترجمة الحرة (القائمة على استعمال أساليب إبداعية لإعادة تشكيل المقصود بالنص الأصلي) والنظرية الحديثة للترجمة شأنها شأن نظرية الأدب المعاصرة، تبدأ من البنيوية وتعكس ظاهرة التكاثر النظري التي تميز العصر، وتركز فصول هذا الكتاب على خمس فقط من المقاربات الخاصة بالترجمة، تبدأ من منتصف الستينات من القرن العشرين، وتواصل تأثيرها إلى الآن وهي ورشة الترجمة في أمريكا الشمالية، علم الترجمة، بواكير الدراسات الترجمية، نظرية النسق المتعدد، التقويضية.يقول المؤلف: حين أقوم بعرض لوضع نظرية الترجمة، من خلال الدراسات الأدبية، أفترض أن ليس لدى القارئ إلا القليل من سابق التعرض للنظريات التي يجري تقديمها هنا، إن العاملين في مجال الترجمة ينأون بأنفسهم عن الرطانة التي تسود المقاربات اللسانية، والمنتمون إلى التقويضية يعملون على تدمير المصطلحية العلمية التي يتطلبها السيميائيون والخطاب العدواني لدى التقويضيين يستعدي الدارسين في الحقول الأخرى، ذلك أن الأفكار المحددة تعتمد على المصطلحات المستخدمة في وصفها.
مشاركة :