بدا أن الحكومة الإثيوبية تحشد قواها الداخلية قبل الدخول في جولة مفاوضات جديدة حول سد النهضة الإثيوبي، مع مصر والسودان، إذ كثفت أديس أبابا تحركاتها الداخلية للتمهيد لاستئناف المفاوضات التي تعثرت أكثر من مرة، عبر حشد سياسي وديني خلف الموقف الإثيوبي، في وقت تمسكت بلهجة متشددة إزاء المطالب المصرية. وكشف وزيرا المياه والخارجية الإثيوبيان عن موقف بلدهما بوضوح في كلمة لهما أمام ممثلي الأحزاب السياسية ورجال الدين في إثيوبيا، أمس الأول، إذ قال وزير المياه والري والطاقة سيليشي بيكيلي إن مفاوضات سد النهضة السابقة "شابتها ميول مصرية لاستدعاء والتأكيد على ما يسمى بالحقوق التاريخية في مياه نهر النيل، والتي لا يمكن قبولها من قبل إثيوبيا أو دول نهر النيل"، بحسب ما نقلت الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية الإثيوبية على "فيسبوك". وترفض إثيوبيا الاعتراف باتفاقية تقاسم مياه النيل، الموقعة بين مصر والسودان، عام 1959، والتي تعطي لمصر 55.5 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل سنويا، بينما تعطي السودان نحو 18.5 مليارا، بينما تسقط على إثيوبيا أمطار سنوية تقدر بـ936 مليارا. من جهته، قال وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارجاشيو إن موقف بلاده ثابت من استخدام مواردها المائية بشكل منصف ومعقول، بما يتماشى مع المبادئ المتفق عليها في إطار من التعاون، وعدم التسبب في أي ضرر كبير، لكنه لم يوضح الآلية التي سيتم اعتمادها لتحديد مدى الضرر الذي قد يلحقه السد بدولتي المصب مصر والسودان. وأطلقت أديس أبابا منتدى حزبيا تشاوريا أمس الأول، يركز على دور الأحزاب السياسية المتنافسة في مشروع سد النهضة، وقال رئيس المجلس المشترك للأحزاب السياسية، موسى آدم، إن المنتدى يهدف بشكل رئيس إلى جمع الأحزاب معا خلف المصالح الوطنية، على الرغم من التفاوت السياسي، بينما عقد مجلس الأديان الإثيوبي اجتماعا بخصوص السد، ودعا القادة الدينيون حكومة بلادهم الى استكمال بناء السد بالتوازي مع إجراء مفاوضات عادلة مع مصر والسودان. وأعلنت مصر مطلع الأسبوع الجاري موافقتها المبدئية على الانخراط في العملية التفاوضية مجددا، بعد تعثرها منذ نهاية فبراير الماضي، بعد إعلان السودان الخميس قبل الماضي الاتفاق مع إثيوبيا للعودة في أسرع فرصة ممكنة إلى التفاوض الثلاثي، لكن العودة للتفاوض لن تكون سهلة في ظل تباين واضح في المواقف. ورأى خبير المياه الدولي نادر نور الدين أنه "لا فائدة من أي مفاوضات محلية مع إثيوبيا بدون وجود وسيط دولي تكون قراراته ملزمة للجميع"، مطالبا إثيوبيا لإثبات حسن نيتها أن تعلن عن تأجيل قرار الملء الأول للسد إلى حين التوصل إلى اتفاق نهائي. بدوره، قال مستشار وزير الري الأسبق خبير المياه الدولي ضياء القوصي، لـ"الجريدة"، "إثيوبيا تريد في الواقع إرساء مبدأ خطير، وهو أنها المتحكمة وحدها في تحديد مصير النيل الأزرق، وهو مبدأ تسعى الى ترويجه في الداخل الإثيوبي، من أجل الحديث عن تحقيق انتصار كبير قبل الانتخابات المحلية المقبلة، لكن اللعبة الإثيوبية لها حدود لا يمكن تجاوزها، فمصر لن تقبل بمثل هذا المسلك نهائيا، ولا مفر من العودة إلى المسار التفاوضي وفقا لمستخرجات مفاوضات واشنطن".
مشاركة :