تمكن الجيش الليبي التابع للحكومة الشرعية، من قلب مُعادلة الصراع رأساً على عقب، وانتقل من الدفاع إلى الهجوم، بعد أن أطلق عملية «عاصفة السلام»، منذ أكثر من شهرين. فقد حرّر كامل مدن الساحل الغربي، وقاعدة الوطية الجوية، وبلدات في الجبل الغربي، و3 معسكرات استراتيجية بطرابلس، ودمّر 9 منظومات للدفاع الجوي بانتسير، وأجبر مرتزقة شركة فاغنر الروسية على الانسحاب من جنوبي العاصمة، بعد أن تسيّد سماء المعركة. وكانت عملية عاصفة السلام، وهجوم القوات الحكومية على عدة محاور جنوبي طرابلس قد انطلق في 25 مارس الماضي بعد استمرار ميليشيا حفتر في انتهاك الهدنة وقصف أحياء العاصمة. واستطاعت القوات الحكومية في نفس اليوم لأول مرة وبشكل مُباغت اقتحام قاعدة الوطية الجوية (140 كلم جنوب غرب طرابلس)، وأسرت 27 عنصراً من ميليشيا حفتر. واستطاعت القوات الحكومية في 13 أبريل تحرير كامل مدن الساحل الغربي (صرمان وصبراتة والعجيلات والجميل ورقدالين وزلطن) بالإضافة إلى معسكر العسة بالقرب من الحدود التونسية، ومنطقة مليتة الاستراتيجية. وشن الجيش الليبي هجوماً على ميليشيات حفتر في 18 أبريل الماضي في مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس)، من 7 محاور، وحرّر مناطق جنوب مدينة القره بوللي (45 كلم شرق طرابلس)، وشمالي ترهونة، وأسر العشرات من مسلحي اللواء التاسع ترهونة (المتحالف مع حفتر)، وسيطر على معسكر الرواجح. وقد دعت هذه الهزائم المتلاحقة برئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، أن يتقدّم بمقترح سياسي لحل الأزمة، وحفتر يرد عليه في نفس اليوم بخطاب يدعو فيه أنصاره لتفويضه حاكماً على ليبيا، واعتُبر ذلك أول شرخ بين حليفين. ونتيجة للانتصارات التي حققها الجيش الليبي على ميليشيات حفتر أعلنت قبائل الورفلة في مدينة بني وليد (180 كلم جنوب شرق طرابلس) في الرابع من مايو الحالي رفضها تواجد ميليشيا حفتر في المدينة، بعد إرسال الميليشيا للسفاح محمود الورفلي، لتأمين طريق الإمدادات بين بني وليد وترهونة. كما شن الجيش الليبي هجوماً ثانياً على قاعدة الوطية في الخامس من مايو وتمكن من اقتحام إحدى بواباتها، والقضاء على قائد الكتيبة 134 المكلفة بحماية القاعدة، وعدد من عناصر ميليشيا حفتر، قبل أن يتراجع ويكتفي بمُحاصرتها وقصفها مدفعياً وصاروخياً وبالطائرات المسيرة. وفي السادس من مايو شنّت القوات الحكومية 24 ضربة جوية لطائرات حكومية مسيرة استهدفت قاعدة الوطية الجوية وتدمير عربتي غراد وسيارة محمّلة بالذخيرة. وردت ميليشيات حفتر بقصف أحياء طرابلس ب156 صاروخاً وقذيفة، تسبّبت في مقتل 6 مدنيين وإصابة أكثر من 10 آخرين، في نفس اليوم الذي قتل وأصيب فيه نحو 70 مسلحاً من عناصرها في 6 ضربات جوية. وفي 14 مايو أعلن حلف شمال الأطلسي (الناتو) استعداده لدعم الحكومة الليبية ويرفض وضعها مع حفتر في كفة واحدة. وفي 18 مايو استطاعت القوات الحكومية السيطرة على قاعدة الوطية الجوية الاستراتيجية بعد انسحاب ميليشيا حفتر المُتحصّنة بها منذ 2014. ودخلت في اليوم الثاني بلدتي تيجي وبدر (جنوب غرب)، اللتين تقطنهما قبائل الصيعان، الموالية لحفتر، بالجبل الغربي قرب الحدود التونسية. كما دخلت في العشرين من مايو مدينة الأصابعة (120 كلم جنوب طرابلس)، بعد قتال شرس مع ميليشيا حفتر، رغم موافقة أعيان المدينة على تسليمها دون قتال. واستطاعت القوات الحكومية في 22 مايو أن تسيطر على معسكر التكبالي (10 كلم جنوبي طرابلس) وعلى كامل منطقة صلاح الدين، بما فيها كلية الشرطة، ومصلحة جوازات السفر والجنسية وقسم البحث الجنائي، بالإضافة إلى أجزاء واسعة من منطقة مشروع الهضبة، ومعسكر الصواريخ (15 كلم جنوب طرابلس). ونتيجة لهذه الانتصارات استطاعت القوات الحكومية أن تسيطر على معسكر حمزة الاستراتيجي بمحور مشروع الهضبة، بالإضافة إلى معسكر الصواريخ في منطقة خلة الفرجان. كما سيطرت على معسكر اليرموك (15 كلم جنوبي طرابلس) بخلة الفرجان، أكبر وأهم معسكرات طرابلس، بعد يومين من الكر والفر. وأدت الانتصارات التي حققها الجيش الليبي إلى انسحاب المئات من مرتزقة شركة فاغنر الروسية من محاور القتال جنوبي طرابلس إلى مطار بني وليد، ونقلهم إلى وجهة غير معلومة في الرابع والعشرين من مايو الجاري.
مشاركة :