الرباط - يعمل رئيس الحكومة سعدالدين العثماني على كسب ود الأحزاب المغربية ومحاولة إشراكها في توفير الحلول لتجاوز مخلفات جائحة كورونا، في خطوة قالت أوساط مغربية إن الهدف منها هو تفويت فرصة تكوين حكومة إنقاذ بديلة باتت مطلبا سياسيا وشعبيا في المملكة، وقد تكون من خارج التحالفات البرلمانية الحالية. وعقد العثماني، مساء الأربعاء، اجتماعا مطولا مع زعماء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، حيث عرض على هؤلاء رزمة من الإجراءات والحلول التي تقترحها الحكومة لتجاوز الأزمة، في وقت أشار فيه إلى ضرورة تكاثف جهود الجميع لإخراج البلاد من تأثيرات هذه الجائحة. وأطلع العثماني الأحزاب على الإجراءات التي قررت الحكومة اتخاذها لمواجهة تداعيات جائحة كورونا بعد رفع الحجر المقرر في العاشر من يونيو المقبل، خصوصا على المستوى الاقتصادي، وفي مقدمتها مشروع قانون المالية التعديلي. ولفت مراقبون إلى أن دعوة العثماني لهذا الاجتماع سياسية بالدرجة الأولى وذلك كمحاولة لصرف بعض الأحزاب المغربية الممثلة في البرلمان عن فكرة حكومة إنقاذ بديلة، وخصوصا أن تلك الأحزاب كانت تسير بشكل موحد معارضة الأغلبية في بداية فرض الحجر الصحي. عبدالرحيم العلام: الأحزاب المغربية فشلت في لعب دور مؤثر لمواجهة وباء كورونا عبدالرحيم العلام: الأحزاب المغربية فشلت في لعب دور مؤثر لمواجهة وباء كورونا وأكد مصدر لـ”العرب” من داخل حزب الاستقلال أن اجتماع الأربعاء كان مناسبة للحديث عن الحد الأدنى من التنسيق بين الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي واستمرار العمل الحكومي، خصوصا بعد دعوة الاتحاد الاشتراكي إلى حكومة وحدة وطنية والتأكيد عليها رغم أنه مشارك في هذا الائتلاف. وكي لا يتم إقحام حزبه ضمن الداعين إلى حكومة بديلة ركز نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، على أن الثقة تبنى على امتلاك الأحزاب لرؤية واضحة وعلى ربط القول بالفعل. وحث بركة على تعميق سياسة دعم وإنعاش القطاعات التي تسهم في تشغيل عدد كبير من المواطنين، كقطاع البناء والأشغال العمومية، داعيا إلى دعم القطاعات الواعدة الجديدة كالاقتصاد الصحي والقطاع الرقمي الذي اعتبره ثالثة الأولويات. وكان العثماني أكد قبل أيام أنه “لا معنى لحكومة إنقاذ وطنية، لأنه يتم اللجوء إليها عندما تكون هناك أزمة سياسية في البلاد ونحن لسنا في أزمة سياسية ولم يقل بهذا أحد”. وأضاف “جميع دول العالم التي تواجه كورونا لم تلجأ إلى هذا الأمر ولا مبرر له بتاتا، وواجهوا الجائحة بحكوماتهم وبرلماناتهم وينتصرون عليها إما قليلا أو كثيرا ونحن نواجهها بهذه الأدوات”. وأوضح أن “بعض الناس يريدون إفساد العملية السياسية وهناك من نادى بتعديل الفصل 47 (ينص على اختيار رئيس الحكومة من الحزب الأول في الانتخابات) ونمط الاقتراع ومن طالب بحكومة وحدة وطنية وحكومة تكنوقراط، وهذا دليل على أنهم عجزوا في مواجهة حزب العدالة والتنمية بالطرق الديمقراطية وأرادوا الالتفاف حول المسار الديمقراطي بطرق أخرى”. ويبدو أن اللقاء مع الأحزاب كان خطوة اضطرارية من رئيس الحكومة المغربية لقطع الطريق على المطالبات بتغيير رئيس الحكومة وتشكيل كابينة وزارية جديدة دون الالتزام بتوازنات البرلمان، وخاصة ما يتعلق بأحقية الحزب ذي الغالبية البرلمانية، الأمر الذي يتخوف منه العثماني ومن ورائه حزب العدالة والتنمية الإسلامي. ويضاف الفشل في إدارة أزمة كورونا إلى سلسلة من الأخطاء التي ارتكبتها حكومة العثماني ما قد يفقدها ثقة العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي سبق أن انتقد في أكثر من مرة أداء السياسيين في إدارة القضايا الاجتماعية والاقتصادية. ولأجل أن يعطي زخما لدور الحكومة والأحزاب في هذه الفترة الصعبة، أكد العثماني أمام رؤساء الأحزاب أن المغرب نجح خلال المرحلة السابقة في تجنب الأسوأ، مشددا على أن الهدف هو النجاح في المرحلة المقبلة لتخرج البلاد معافاة ومنتصرة ومرفوعة الرأس. وسجل نبيل بن عبدالله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، (معارض)، نقائص على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، في آليات تنفيذ الدعم المالي المؤقت الذي حُرمت منه العديد من الأسر، لاسيما في ضواحي المدن والبوادي والمناطق النائية، كما تأخرتِ الاستفادةُ الفعليةُ للأسر بالقرى من إجراءات الدعم، على الرغم من تأثرها بانعكاسات الجائحة والجفاف معا. وتم في اللقاء عرض تسجيل عدم إشراك الأحزاب السياسية والفعاليات الوطنية المختلفة، بالشكل المناسب وبالقدر المطلوب، في النقاش عبر منابر الإعلام العمومي، للإسهام في تقوية التعبئة الوطنية ومناقشة الأوضاع الحالية والمستقبلية المرتبطة بمواجهة الجائحة. جانب من اجتماع رئيس الحكومة مع زعماء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان جانب من اجتماع رئيس الحكومة مع زعماء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان وحتى لا يبقى هناك شك في التوصل إلى اتفاق يدمج اقتراحات أحزاب الأغلبية والمعارضة في الأجندة الحكومية، أكد العثماني في اللقاء ذاته على ضرورة التعبئة الشاملة للقوى الوطنية السياسية والنقابية لإنجاح ما بعد نهاية حالة الطوارئ، مشدّدا على أن “بلادنا كما نجحت في المرحلة السابقة ستنجح في المرحلة المقبلة”. وقال إن “الهدف من المشاورات مع القوى الوطنية هو الإنصات والتداول بخصوص أكبر قدر ممكن من الآراء والمقترحات بشأن كيفية تدبير تخفيف الحجر الصحي في المرحلة المقبلة”. ويعتقد مراقبون أن الدعوة إلى مثل هذه المشاورات بمثابة رد الاعتبار للأحزاب التي ظهر واضحا أن تأثيرها محدود خلال انتشار الوباء. ويرى عبدالرحيم العلام، أستاذ القانون بجامعة مراكش، أن الحكومة راهنت في مواجهة الوباء على القطاعات التي يرأسها تكنوقراط، ما يثبت هشاشة البنية الحزبية في المغرب، وضعف قوة مقترحات الأحزاب، وفشل منظومتها المؤسساتية. وأوضح رئيس الحكومة، أمام رؤساء الأحزاب، أن “تدبير المرحلة المقبلة مرتبط أساسا بتطور الحالة الوبائية ببلادنا، وهي الحالة التي تعرف تحكما بفضل مجهودات الأطر الصحية التي تشتغل ليل نهار”، داعيا إلى المزيد من التعبئة والالتزام بالقواعد الصحية. كما كشف العثماني أن هناك متابعة دقيقة للوضع الاقتصادي، سواء وطنيا أو دوليا، خصوصا على مستوى الشركاء الاقتصاديين، مبرزا توجه المغرب نحو اعتماد قانون مالية تعديلي برسم 2020، إلى جانب بلورة خطة لإنعاش الاقتصاد الوطني. وشدد على وجود تحولات مستمرة في ما يخص الأرقام والمؤشرات الاقتصادية عالميا، لافتا إلى أن حكومته على استعداد لتطوير مقترحاتها في ما يتعلق بإنعاش الاقتصاد الوطني اعتمادا على ما تتلقاه من أفكار حزبية. وقال “لدينا المرونة الكاملة للتأقلم مع الجديد ومدارسة أي موقف اتخذه شركاؤنا الاقتصاديون والتفاعل معه من أجل تطوير مقارباتنا”.
مشاركة :