كوبنهاجن- توصلت دراسة دنماركية حديثة سلطت الضوء على مدى تأثر الأسرة بإصابة طفل من أطفالها بالسرطان إلى أن إصابة الطفل بالسرطان لا تؤثر بشكل كبير على العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة. وقال لوسيوس مادير، الحاصل على الدكتوراه من مركز أبحاث جمعية السرطان الدنماركية والقائم على الدراسة، إن إنجاب طفل مصاب بالسرطان لا يؤثر بشكل كبير على الأسرة أو يكون سببا في الطلاق أو في اتخاذ قرار بتنظيم النسل في المستقبل. وأوضح أن الدراسة شملت سجلات حوالي 418 ألفا من الآباء والأمهات الذين أنجبوا أطفالا مصابين بالسرطان منذ عام 1982 وحتى 2014، إضافة إلى متابعة الوالدين بعد انتهاء الدراسة لمدة 10 سنوات إضافية لمعرفة حالتهم وما إذا كان بعضهم اتخذ قرارا بالانفصال. وكشفت نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة «كانسر» التابعة لجميعة السرطان الأميركية أنه بشكل عام كان الاتجاه إلى الانفصال في الأسر التي تمتلك طفلا مصابا بالسرطان أقل من 4 في المئة مقارنة بالأسرة العادية التي تمتلك أطفالا أصحاء، حيث إن النوع الثاني معرض للانفصال بنسبة أقل من 8 في المئة، وكانت الأسر المصاب فيها طفل بالسرطان لآباء غير حاصلين على شهادة جامعية أو صغار في السن أكثر عرضة للانفصال والطلاق، وفقا لموقع الجمعية الأميركية للعلوم المتقدمة. وقال مادير إنه، بالنظر إلى مدى تأثير إصابة الطفل بالسرطان على قرارات الأسرة بإنجاب طفل آخر، توقع أن يتسبب السرطان في اتجاه أغلب الأسر لإنجاب عدد أقل من الأطفال أو إلغاء الإنجاب مرة ثانية، ولكن النتائج جاءت عكس التوقعات وأظهرت أن السرطان لم يؤثر على تنظيم الأسرة. أولياء الأمور لهم مهمة مزدوجة وذلك بالتحكم في عواطفهم والضغط النفسي الذي يتعرضون إليه، ومساعدة أطفالهم وشدد المشرف على الدراسة على ضرورة توصيل نتائجها إلى كل الأسر حتى تكون سببا في مساعدتها على تخطي الأزمة وتشجيعها على الإنجاب دون خوف أو توتر من صحة الأطفال الآخرين. وأشار إلى أن المنظمة الطبية حول العالم يجب أن تدعم الأمهات والآباء أيضا وتوفر لهم أخصائيين اجتماعيين وأطباء نفسيين لمساعدتهم في التعايش مع المرض وتحمل فترة علاج الطفل التي غالبا ما تكون قاسية على جميع أفراد الأسرة. وقال الخبراء إن إصابة أحد الأبناء بالسرطان هي تجربة أسرة كاملة، نظرا إلى أنها تؤثر على الروتين اليومي للأسرة بالإضافة إلى تجربة أشقاء المريض مع آبائهم وأمهاتهم وتأثر العلاقات بين الوالدين كحدوث الانفصال والتوتر، وقد تواجه الأسرة ضغوطا مالية، ويجب التنويه بأن تأقلم وتكيّف الوالدين مع حالة مرض ابنهم أو ابنتهم يؤثر إلى حد كبير على استجابة الطفل من الناحية العاطفية، السلوكية وبالتأكيد تؤثر على استجابته للرعاية الصحية الطبية المقدمة له. وأفادوا بأن أولياء الأمور لهم مهمة مزدوجة وذلك بالتحكم في عواطفهم والضغط النفسي الذي يتعرضون إليه، بالإضافة إلى مساعدة أطفالهم على فهم التغيرات التي حدثت لهم والتكيف معها. وأكدوا أن الوالدين وأفراد الأسرة الآخرين يواجهون احتياجات ومشاعر معقدة أثناء رحلة علاج السرطان، لافتين إلى أن تنسيق رعاية المريض مع مطالب الأسرة الأخرى أمر مربك لمقدمي الرعاية، ويمكن أن يمثل فريق الرعاية الملطفة مصدرا مهمّا للأسر في أثناء تعاملها مع نظام الرعاية الصحية ووضع خطط الرعاية وإدارة المخاوف اليومية. وقالت منظمة الصحة العالمية إن الرعاية الملطفة تخفف من وطأة الأعراض التي يسبّبها السرطان وتحسّن نوعية حياة المرضى المُصابين به وحياة أسرهم. وأشارت إلى أنه من المتعذّر علاج جميع الأطفال المصابين به بيد أن تخفيف معاناة جميع المعنيين به أمر ممكن. وينبغي أن يُنظر إلى الرعاية الملطّفة المقدمة للأطفال على أنها عنصر أساسي للرعاية الشاملة التي تبدأ بتشخيص المرض وتستمر بعده، بصرف النظر عمّا إذا كان الطفل يحصل على العلاج بنيّة إبرائه منه أم لا. وأضافت أنه يمكن تنفيذ برامج الرعاية الملطّفة في إطار تقديم خدمات الرعاية للمجتمع وبالمنزل لتزويد المرضى وأسرهم بدعم نفسي واجتماعي يخفّف آلامهم. وشددت على ضرورة إتاحة علاج المورفين الذي يتناوله المرضى عن طريق الفم وغيره من الأدوية المخفّفة لآلامهم من أجل علاج آلام السرطان التي تتراوح بين المعتدلة والوخيمة والتي تؤثر على نسبة تزيد على 80 في المئة من مرضى السرطان في مرحلته النهائية.
مشاركة :