عبدالمجيد العُمري يكتب: “‏الشيخ إبراهيم العُمري” رجل السماحة والمعروف

  • 5/29/2020
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

روى البخاري وابن ماجة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رحم الله عبداً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى) ولو سألت عن السر فيما بارك الله لبعض التجار لقيل لك : الصدق والسماحة. ومن عامل الناس جميعاً بالسماحة واليسر ورحابة الصدر والصدق ،وكان في أخلاقه وتعامله مع الناس سمحاً ليناً ، يسر الله أموره وسهلها مهما كانت، فالجزاء من جنس العمل،روى الإمام أحمد في مسنده عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:(اسْمَحْ، يُسْمَحْ لَكَ). وأحسب أن الشيخ إبراهيم بن سليمان العُمري رحمه الله ( ١٣٤٤ – ١٤٢٥هـ) ممن أعطى صورة مثلى وأسمى في سماحة النفس ومكارم الأخلاق وحسن المعاملة في البيع والشراء وتواضعه مع الضعفاء والفقراء والتيسير عليهم والإحسان إليهم ومعاملتهم بالمعروف وبمايضمن كرامتهم بين أهلهم ومجتمعهم . ولقد سمعت بقصص عجيبة ومشرفة عن هذا المحسن الخفي الذي ينفق ولايعلن ويحسن ولايسيء بمعروفه بالمن والأذى والتشهير والإعلان ، ويعفو ويحسن لمن عفا عنه فكان يسقط حقه كاملاً من الإيجارات أو بعضها ، وينفس عن المعسرين والمكروبين وكل ذلك ابتغاء ما عند الله عز وجل ومن السماحة في المعاملة قال تعالى : ( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )، وفي الحديث الشريف (من أنظر معسراً أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه..). ولقد كان الشيخ إبراهيم العُمري معروفاً في الأوساط التجارية ببريدة عند الصغير والكبير أكثر من أشقائه وشركائه صالح وناصر- رحمهم الله- جميعاً وذلك لأنه لم يغادر بريدة مطلقاً ، والأمر الآخر أنه هو الذي كان يتولى زمام الأمور التجارية والزراعية فيها ، وقد كانت المحلات التي يملكونها متعددة منها السكنية والتجارية والصناعية بأنواعها مما نوع بمعرفة الناس له وشاع بها ذكره الطيب في حسن المعاملة. ومما روي عنه من قصص السماحة والتيسير : جاءه في أحد الأيام رجل يطلب سلفة مالية ، وكانت السلفة تعادل مايتوافر لديه من النقد ذلك اليوم ، ولم تكن الصرافات الآلية موجودة آنذاك ، وقد أعطاه المبلغ بلا تردد ، فقال له ابنه :هذا هو كل المبلغ النقدي الموجود عندنا الآن ؟! فقال: (يجيب الله خير ) أعطاه المبلغ، وكانت جميع قروضه حسنة ولوجه الله فلا يأخذ عليها فائدة مادية أو غيرها. وجاءه شخص يطلب منه التوسط والشفاعة لدى رجل آخر لتأجيل مستحقات عليه فاتصل طالباً منه إمهاله وتأجيله فمانع صاحب الحق من الإمهال والتأجيل ، فما كان من الشيخ إبراهيم إلا أن أعطى الرجل المدين المبلغ وقال له : سدد له مبلغه . وأتى إليه يوماً شخص معتذراً عن تأخير سداد المبلغ المستحق ومتحججاً بالتزامات أسرته وعدم مقدرته على السداد في هذا الوقت وما سبق ، فقال له :خذ هذا المبلغ مساعدة لك، وذهل الرجل أطلب منك العذر على التأخير وتغمرني بعطاء!!. وكان أحد المستأجرين قد خسر في تجارته وأنكسر فترة من الزمن وبقي في محله ولم يمر عليه ليأخذ الأجرة كالمعتاد حتى تحسنت أحوال الرجل، فقدم الأجرة ، وحين قال له الرجل ( من سنتين مامريت يا أبوعلي تأخذ الايجار) لم يرد عليه الشيخ إبراهيم بما يكسر خاطره فيقول علمت بظروفك وإنكسارك ، بل قال له : (أعرف اللي عندك قريب)، ويقول صاحب المحل رأيته في شارعنا عدة مرات لاستلام الإيجارات ، فإذا وصل محلي عقبه لما بعده ولايقف عند محلي مراعاة لظروفي ، ومما عهد عنه أنه لم يشتك مستأجراً على الشرطة أو الحقوق . ومع ما يقوم به من السماحة في البيع والشراء فقد كان من أجود الناس فيتلمس أحوال المساكين والضعفاء ويحاول مساعدتهم بالخفاء ،يقول ابنه سليمان : قلت له يوما :فلان ينوي الزواج ، فقال: اعطه ما يكفي المهر المعتاد ، ولم أقترح عليه فعل خير إلا وزاد عليه. وسماحته في التعامل مع الناس عامة ، فهو سمح حتى في البيوع فيقنع بالمكسب القليل في البيع، وكانت السماحة عامة في حياته كلها ولا يتوانى أبداً في فعل الخير في معاملاته وحياته اليومية مع الصغير والكبير القريب والبعيد، وكان يحب قضاء لزومه بنفسه رغم توفر الخدم والعمالة وإحاطة أبنائه البررة به ، وجميع من عمل معه يؤكد بأنه لا يحس يوما أنه أثقل على أحد أو تسبب بمضايقة لأي شخص ، فكان رحيما بالجميع وخاصة بالضعفاء والأيتام والأطفال، بل إنه لايأكل وجبة وهناك أحد من العماله كالسائق أو الخادم حتى يجلسوا معه على السفرة ، فكان يؤثر على نفسه في كل شي وينتصر للحق مهما كان ذا عاطفة جياشه قريب الدمعة والتأثر بالمواقف الإنسانية ، يشرك في دعائه وصدقاته الكثير من الأقارب ومشايخه ومعلميه والزوجات والذرية ويتغافل عن كثير من الأمور مراعاة للغير ،اكتفيت بالكتابة عن هذه الخصلة الطيبة من خصال هذا الرجل وهي ( السماحة) وما أكثر خصاله الحميدة والعديدة ، فرحمه الله تعالى وأنزله منازل الأنبياء والشهداء والصالحين ووالديه و إخوانه والحمد لله رب العالمين.

مشاركة :