تسبب انفجار قوي في سيارة مفخخة في مقتل النائب العام المصري، أول من أمس، في إطار عملية اغتيال استحوذت على اهتمام كبير سلطت الضوء على النطاق الآخذ في الاتساع على ما يبدو لنفوذ المسلحين وقدرتهم على شن هجمات معقدة ضد مسؤولين بارزين يتمتعون بدرجة كبيرة من الحماية. استهدف الهجوم موكبًا يقل النائب العام هشام بركات في ضاحية مصر الجديدة الراقية، وذلك في غضون دقائق من مغادرته منزله. وتسبب الانفجار في تحطيم السيارتين بصورة بالغة، واندلعت سحابة كثيفة من الدخان الأسود في الهواء، بينما تهشمت النوافذ الزجاجية في الكثير من المباني المحيطة. وتوفي بركات (65 عامًا)، لاحقًا بسبب إصابات تعرض لها في الرأس والصدر والمعدة، حسبما أفاد مسؤولون طبيون. وقال مسؤولون إن اثنين من حراسه وخمسة آخرين أصيبوا في الحادث. ومن غير الواضح بعد من تولى تنفيذ الهجوم. وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية، قال مسؤولون أمنيون إن سيارة معبأة بالمتفجرات جرى تفجيرها عن بُعد. ويأتي التفجير قبل يوم من الذكرى الثانية للمظاهرات التي أطاحت بالحكومة التي يترأسها الإخوان المسلمون وبداية حقبة جديدة لقيادة مدعومة من المؤسسة العسكرية. ومنذ توليه منصب النائب العام عام 2013، أشرف بركات على جميع أحكام الإدانة في القضايا الجنائية. وفي بيان رسمي، وصف ديوان رئاسة الجمهورية بركات بأنه «نموذج للقضاء النزيه» وأنه لقي مصرعه في «هجوم إرهابي بغيض». وفي واشنطن، أدان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، جون كيربي، حادث التفجير، واصفًا إياه بـ«الهجوم الإرهابي». وأضاف: «تقف الولايات المتحدة بحزم بجانب الحكومة المصرية في جهودها لمواجهة الإرهاب». ولم تكن هذه المرة الأولى التي يستهدف فيها متطرفون قضاة مصريين ومسؤولين قضائيين آخرين. داخل شبه جزيرة سيناء التي تعج بالتوتر، اغتالت جماعة تدين بالولاء لتنظيم داعش، ثلاثة قضاة في مايو (أيار) بعد أن فتحت النار على الحافلة التي تقلهم. كما جرى تفجير عبوات ناسفة أصغر خارج عدد من قاعات المحاكم، بما في ذلك المحكمة العليا بوسط القاهرة. إلا أن حادث الاغتيال الذي وقع الاثنين يمثل استهدافًا لأكبر مسؤول قضائي يسقط قتيلاً في مصر منذ عقود، ويثير مخاوف حقيقية حيال مدى صلابة المتطرفين الذين يشنون حربًا ضد الحكومة. في سبتمبر (أيلول) 2013، اقتحم انتحاري يستقل سيارة معبأة بالمتفجرات موكب وزير الداخلية آنذاك محمد إبراهيم. وقد نجا الوزير من الهجوم، الذي أعلنت مسؤوليتها عنه لاحقًا جماعة تطلق على نفسها «إمارة سيناء من الدولة الإسلامية». هذا الشهر، حاول مسلحون يعتقد أنهم على صلة بمتمردين إسلاميين اقتحام معبد قديم في الأقصر، أحد أهم المقاصد السياحية في مصر. ولم تعلن أية جماعة مسؤوليتها عن الهجوم. وقد زاد المتمردون من وتيرة هجماتهم ضد الحكومة منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع مرسي. من جانبه، قال هاني صابرا، المحلل المعني بشؤون الشرق الأوسط لدى «يورايجا غروب»، وهي شركة تعنى بتحليل المخاطر السياسية في نيويورك، إن الجماعات المسلحة «ستبقى جريئة وستظل تعمد لاستهداف مسؤولين حكوميين ومصالح أجنبية وسائحين. وسيظل الوضع الأمني يمثل مشكلة». يذكر أن الكثير من أنصار مرسي من الإسلاميين تعرضوا للسجن، وصدرت أحكام بالإعدام في حق قيادات كبرى من الإخوان المسلمين بتهم الإرهاب، بجانب مرسي. من جهته، قال أحمد حمدي، الذي يسكن في بناية تطل على موقع التفجير، في الدور السادس، إن التفجير وقع في قرابة العاشرة والنصف صباحًا. وأضاف أحمد (23 عامًا): «سمعت صوت انفجار هائل. وكان الناس يصيحون ويصرخون. ورأيت مصابًا على الأرض، لكن كان هناك دخان أسود كثيف للغاية». وأشار إلى أن الحريق الناجم عن الانفجار استمر لمدة 30 دقيقة قبل أن تتمكن قوات الإطفاء من السيطرة عليه. وقال بعض المقيمين إن بركات اعتاد اتخاذ الطريق ذاته من المنزل للعمل يوميًا. بعد ساعات من الهجوم، أعلنت وزارة الداخلية تشكيلها قوة عمل رفيعة المستوى لتعقب الجناة. * خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ{ الشرق الأوسط}
مشاركة :