تعقد روسيا آمالها، للصمود القوي في معترك تذبذبات البترول واضطرابات أسواقه، على المملكة التي تعتبرها روسيا أضخم حليف في استقرار اقتصادها سواء في قوة تأثيرها على اقتصاديات أسواق البترول الدولية، أو دخول الاقتصاد السعودي بقوة في عمق الاقتصاد الروسي بشراكات استراتيجية يقودها الثلاثي السعودي عمالقة النفط والكيميائيات والتعدين في العالم شركات أرامكو السعودية، وسابك، ومعادن، معززة بالدعوة الرسمية من الزعيم الروسي فلاديمير بوتين لشركة أرامكو السعودية للاستثمار في تكنولوجيا الغاز الطبيعي المسال الروسي، واستثمارات مخططة بقيمة حوالي 10 مليارات دولار في مشاريع الطاقة المختلفة التي أعلنها وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك بما في ذلك التعاون بين صندوق الاستثمار المباشر الروسي وصندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي استثمر حوالي ملياري دولار في مشاريع مشتركة يتزعمها الصندوق السعودي في تشغيل السكك الحديدية الروسية وتأجير طائرات الركاب في روسيا. في حين اتضح بأن النفط يظل الهاجس الأكبر المهدد للمالية الروسية التي اخذت على حين غرة بحسب مخططي الميزانية في البلاد الذين لم يتصوروا انهيار للنفط كما تفعل أزمة كورونا، إلا أن روسيا بحكم تحالفها البترولي القوي مع المملكة وارتباطهما بـ»ميثاق التعاون بين الدول المنتجة للنفط»، الذي يمكنه التدخل لدعم قرارات وتوجهات أوبك ودعم أوضاع السوق، الذي اسسته المملكة مبادرة منها لضمان حلول الطاقة في مختلف الازمات لتضع روسيا بالفعل كامل ثقتها بقدرة المملكة على قيادة سوق الطاقة العالمي وتوجيهه للسبل المثلى وأن موسكو رهن الإشارة لما تراه المملكة مجدياً للاقتصاد النفطي العالمي في ظل استمرار مخاوف انهيار النفط وبطء تشافيه مع عدم انقشاع أزمة كورونا عن المشهد بعد. وبهذا الصدد كلف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحكومة بتنفيذ مجموعة من التدابير الرامية إلى دعم صناعة النفط طوال فترة اتفاق خفض الإنتاج في أوبك+. ووفقا لوثيقة نشرت على الموقع الإلكتروني للرئاسة الروسية، فإن الإجراءات تشمل وصفة بعدم معاقبة الشركات التي تبتعد عن حصصها الإنتاجية، ورفع مؤقت للعقوبات المفروضة على شركات النفط الحكومية لعدم تمسكها ببرامجها الاستثمارية للفترة 2020/2021. كما تسرد الوثيقة «المعدلات الخاصة» التي سيتم تنفيذها من قبل شركة خطوط الأنابيب ترانسنفت والسكك الحديدية الروسية لنقل النفط الخام والمنتجات النفطية طوال فترة اتفاق أوبك+. وفي إطار اتفاق أوبك+، تعهدت روسيا بخفض إنتاجها إلى 8.5 ملايين برميل يومياً في مايو ويونيو من خط الأساس البالغ نحو 11 مليون برميل يومياً، وهو ما يترجم إلى أكثر من مليوني برميل يومياً، أو بنسبة 19 في المائة، حسبما قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك لوكالة «انترفاكس». ومع ذلك، كان الكثيرون يشككون في أن تلتزم البلاد بحصتها نظراً لسجلها في اتفاقيات أوبك+ السابقة. ولكن هذه المرة أصبحت أزمة أسعار النفط خطيرة بما يكفي لتحفيز مشغلي حقول النفط الروسية على التحرك السريع، حيث قال نائب وزير الطاقة بافل سوروكين إن موسكو تتوقع تحقيق «الحد الأقصى من الانخفاض في أقرب وقت ممكن عملياً». ووفقاً لإحصاءات تتبع انتاج أوبك+ بلغ متوسط إنتاج روسيا من النفط الخام بعد خصم المكثفات 8.72 ملايين برميل يومياً في الأيام العشرين الأولى من مايو. وهذا هو أكبر خفض للإنتاج كان على المنتجين الروس تنفيذه منذ عقود، وهذا ما دفع الحكومة لتقديم يد العون ومساعدتهم على إدارة الوضع. وسيستمر هذا الوضع حتى نهاية يونيو، وبعد ذلك سيتم تخفيف التخفيضات المشتركة في إنتاج أوبك+ من 9.7 ملايين برميل يومياً إلى 7.7 ملايين برميل يومياً. وافترضت روسيا أن الأسعار ستنخفض إلى حوالي 30 دولارًا للبرميل وستتعافى إلى 40-50 دولارًا للبرميل في وقت لاحق من هذا العام، اعتمادًا على نجاح المعركة العالمية ضد جائحة الفيروس التاجي. وسترتفع الأسعار في النهاية إلى أعلى نطاق يتراوح بين 45 و55 دولارًا للبرميل، وهو ما تسميه وزارة الطاقة الروسية الآن «متوازنًا وعادلًا». وأجبر الانهيار الملحمي للسوق موسكو بالفعل على الاعتراف بأن ميزانيتها ستتأرجح من فائض إلى عجز هذا العام، ولكن لا توجد حتى الآن أي مؤشرات على أن روسيا ستستسلم. وقال وزير المالية الروسي أنتون سيلوانوف هذا الأسبوع إن خسائر ميزانية الدولة ستبلغ 3 تريليون روبل /40 مليار دولار، وسيتعين على الحكومة إنفاق الأموال من احتياطياتها لتغطية الفجوة. كما اعترف المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بأن موسكو تود أن تكون أسعار النفط أعلى. لكن الرئيس فلاديمير بوتين كرر عدة مرات أنه «على الرغم من التحديات، فإن روسيا ستمر هذه الفترة بشرف والاقتصاد يزداد قوة». في وقت ولّدت شركات النفط تدفقا نقديا كبيرا، إلا أن تكاليف الإنتاج التنافسية، والعبء الضريبي الذي ينخفض في ظل انخفاض أسعار النفط وانخفاض قيمة الروبل سيخفف من الضربة التي تتعرض لها شركات النفط الروسية أيضًا. وقالت قناة «انفستت ان روسيا» الروسية اتفق صندوق الاستثمار الروسي المباشر مع الشركة السعودية الحكومية للنفط «أرامكو» على الشروط الأساسية للاستثمار في مجموعة الشركات «نوفوميت» التي تعد إحدى أكبر الشركات الروسية القابضة العاملة في مجال تطوير وإنتاج معدات الغمر النفطية. وقالت إن صندوق الاستثمار المباشر الروسي وشركة «فوس أغرو» المساهمة العامة التي تعتبر إحدى الشركات العالمية الرائدة في إنتاج الأسمدة المحتوية على الفسفور وشركة التعدين السعودية معادن عن الشراكة لتطوير التعاون الاستثماري والتنفيذ المشترك للمشاريع في روسيا والسعودية. وأعلن كونسورتيوم مستثمرين أجانب يضم صندوق الاستثمار المباشر الروسي وصندوق الاستثمار السيادي السعودي، والمجموعة المالية الألمانية عن إنشاء شركة روال لتأجير طائرات الركاب في روسيا. وقالت القناة مستعرضة التحالفات السعودية الروسية بأن صندوق الاستثمار المباشر الروسي أعلن عن انضمام الصندوق السيادي السعودي إلى الاستثمار في شركة «نفط تراتس سيرفيز»، التي تعد واحدة من أكبر شركات التشغيل الروسية لخطوط السكك الحديدية. واتفق كل من صندوق الاستثمار المباشر الروسي وشركة «ار. جي. دي.» المساهمة المفتوحة وشركة السكك الحديدية السعودية «سار» على استكشاف إمكانيات التعاون في مجال بناء البنية التحتية للنقل. وأعلن صندوق الاستثمار المباشر الروسي والشركة السعودية لتطوير التكنولوجيا والاستثمار «تقنية» عن مشروع تنظيم الإطلاقات التجارية للمركبات الفضائية، ووقعت كذلك أرامكو مذكرة تفاهم مع صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي، وشركة سيبور الروسية (التسويق الإستراتيجي للبتروكيماويات) تمكن جميع الأطراف من الاشتراك في تقييم الفرص المحتملة للتعاون في قطاع البتروكيماويات، بما في ذلك تسويق المنتجات البتروكيميائية في كل من روسيا والمملكة.
مشاركة :