تمكن الشابان جواد حرب ويونس الجباعي أن يعيدا الألق لأكلة "اللزقيات" الشعبية المرتبطة بتراث محافظة السويداء (جنوب سوريا)، وأن يجدا فيها مشروعا منتجا لهما ليكون المشروع الأول من نوعه في تلك المحافظة التي يقطنها غالبية من الدروز. وهذه الأكلة الشعبية التراثية كانت تقدم للضيوف في المناسبات، وعند انتهاء الفلاح من موسم الحصاد كان يصنع هذه الأكلة ويدعو أهله وجيرانه لتناولها إيذانا بانتهاء موسم الحصاد، وفي الشتاء ايضا عندما ينزل الثلج لما تحتويه هذه الأكلة من مواد مفيدة تمد الجسم بالطاقة والحيوية. في السابق كانت هذه الاكلة ُتٌخبز على الصاج "التنور" وتتألف من الطحين الأسمر والذي يضاف إليه الحليب الطازج والسكر، وبعض البهارات التي تعطي للخبز نهكة مميزة، وبعد نضوج الخبز يتم وضعه في وعاء كبير ويقطع إلى قطع مربعة متساوية، ثم يضاف عليها المرق (الصوص) المكون من الحليب والحلاوة الطحينة وقطع الراحة المصنوعة من النشاء، ثم يضاف هذه المزيج إلى خبز اللزقيات، ويقدم للضيوف بعد أن يرش عليه بعض المكسرات كالفستق الحلبي او اللوز أو الجوز. وتوارث الأبناء هذه الأكلة الشعبية التراثية عن الأجداد، وما تزال هذه الاكلة تحظى باهتمام الجيل الشاب حاليا، رغم تغير ظروف الحياة. الشابان الجباعي وحرب رفعا شعارا ووضعاه على عربتهما المتنقلة "خذلك صحن لزاقيات على الماشي"، ليأتي الشبان والشابات ليتذوقوا هذه الاكلة التراثية التي لا تقدم إلا في المناسبات لتصبح متاحة للكل وبأسعار مقبولة وبأي وقت تريد، تحمل نهكة الماضي العريق. وقال الشاب يونس الجباعي البالغ من العمر (25 عاما) لوكالة أنباء (شينخوا) بدمشق إن "مشروع العربة المتنقلة لأكلة اللزاقيات بدأ قبل حوالي الشهرين من الآن ، ولكن بسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة السورية للتصدي لمرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد ـ 19) وفرض حظر التجوال الليلي، تم تأجيل افتتاح المشروع لهذا الوقت"، مؤكدا أن هذا المشروع يدر أرباحا مقبولة عليهما. وأشار الشاب الجباعي الذي مازال يدرس في الجامعة سنة ثانية تاريخ، إلى أن أم شريكه في المشروع تساعدهما في العمل في صنع ارغفة خبز اللزاقيات في منزلها في بلدة عرى بالريف الغربي لمحافظة السويداء. وتابع الجباعي يقول، وهو يقوم بتحريك الصوص الذي اعده لهذه الاكلة الشعبية، لتقديم وجبه لأحد الزبائن إن "الظروف التي تعيشها سوريا حاليا صعبة، وفرص العمل قليلة امام الشبان لهذا فكرت انا وشريكي جواد بهذا المشروع"، مؤكدا أنه لاقى استحسانا لدى الناس. وروى بكثير من الفرح مراحل انجاز العربة المتنقلة وكيفية صنعها لتبدو جميلة وذات مظهر جذاب، مضيفا " كنا ننتظر بفارغ الصبر أن تنجز العربة ، لنجرها إلى المدينة ونضع فيها اللزاقيات"، منوها بأن هذه الأكلة تحظى باهتمام واسع لدى غالبية سكان المحافظة، ومن الصعب أن تنجز بسهولة. وقال "نحن رفعنا شعار خذلك صحن لزاقيات على الماشي، لان الشخص قد يشتهي هذه الاكلة، وتحتاج إلى وقت لتجهيزها، ونحن وفرنا عليهم عناء صنعها ونقدمها لهم بنكهة الأجداد، ولكن بطريقة سريعة". ويتناوب الجباعي مع شريكه حرب في العمل من خلال ورديتين صباحا ومساء، لانهما يأتيان من قرية بريف السويداء الغربي وتبعد حوالي 12 كيلو مترا غربا. ووقف محمد جركس (26 عاما) أمام عربة الجباعي لتناول صحن لزاقيات على الماشي، وقال إن "هذا المشروع جديد، وهو ربط الماضي بالحاضر من خلال هذه الأكلة التراثية التي يرغبها الجميع هنا"، مشيرا إلى أن هذه الأكلة باتت مكلفة هذه الأيام بينما من خلال هذا العربة المتنقلة بإمكان أي شخص ان يدعو صديقه لتناول هذه الأكلة بكل سهولة. وأعرب جركس، عن اعجابه بهذا المشروع، مؤكدا أن هذا العربة لفتت أنظار الناس، ولاقت استحسانا كبيرا، وقال "خذلك صحن على الماشي". من جانبها، أكدت رؤى كيوان أن "هذا المشروع عمل جديد، ولأول مرة نرى مثله بالسوق في السويداء، وقد لاقى اعجابا كبيرا من الناس"، مؤكدة أن هذه الأكلة مرغوبة من قبل أهالي السويداء، وخاصة وانها تأتي جاهزة للأكل مباشرة دون عناء. وقالت "أشجع الشبان على العمل، وكسب الرزق الحلال"، مشيرة إلى أن جواد ويونس شابان طموحان وحققا شيئا مهما. ويختار الشابان أمكنة يئمها الناس، بحثا عن الرزق الحلا ، في هذه الظروف الصعبة، التي فرضتها الحرب تارة، ومرض (كوفيد ـ 19) تارة أخرى.
مشاركة :