سر توحد المشاهد مع الأعمال الدرامية: إحلالية وحرمان عاطفي

  • 5/30/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بمرور اليوم تلو الآخر، يتركز حديث الجمهور على عمل درامي بعينه، وهو أمر معتاد في كل موسم رمضاني بموجب كثرة المسلسلات المعروضة، لكن ما شهده هذا الشهر بدا مختلفًا في نظر البعض. مؤخرًا، عاش الجمهور المصري في حالة توحد مع عدد من الأعمال الدرامية، لعل أولها كان الفرح والاحتفاء بنجاح العصابة في سرقة 20 مليون جنيه ضمن أحداث مسلسل «بـ100 وش»، فعجت مواقع التواصل الاجتماعي بتهليل مستخدميها لهذا النبأ السار بالنسبة إليهم. بعدها بأيام، خطف مشهد جنازة «هشام»، الذي أدى دوره الفنان خالد أنور ضمن أحداث مسلسل «خيانة عهد»، حديث الجمهور، إلى حد نشر مستخدم بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» مقطع فيديو يظهر فيه تأثر والدته إلى حد البكاء. وعلى نحو سريع، تركز الاهتمام على مسلسل «البرنس» للفنان محمد رمضان، فما أن ترك «فتحي»، الذي أدى دوره أحمد زاهر، الطفلة «مريم» في موقف السيارات تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى منصة للدعاء عليه، مع مطالبات بضرورة إنقاذ الصغيرة مما آل إليه أمرها. وتطور توحد الجمهور مع مسلسل «البرنس» إلى حد تلقي الفنان أحمد زاهر، حسب ما هو متداول، لمكالمة هاتفية هددت فيها المتصلة بخطف ابنائه، كما تحولت حساباته الشخصية بمواقع التواصل إلى ساحة لتلقي التهديدات ما بين الضرب والقتل، رغم تأكيداته المستمرة على أنه في الواقع «أحمد» وليس «فتحي». ورغم بساطة الأمر، إلا أنه في الواقع يعكس ظروفًا سبق وأن أثرت على وجدان الجمهور، فحالة التوحد التي يعيشها البعض مع الأعمال الفنية ربما تحمل في طياتها مواقفًا غيرت من أحوالهم، ما يجعل هذه الظاهرة جديرة بالدراسة. وفي هذا الصدد، تقول الدكتورة إيمان دويدار، استشاري الصحة النفسية وتعديل السلوك، إن توحد الشخص مع العمل الدرامي قد يكون سببه التعرض لموقف يشابه المشهد الذي رآه، ما يولد بداخله تأثر نتيجة استدعاء هذه الخبرة السيئة التي عاشها سابقًا، أو ربما يكون المشاهد يعاني من حساسية نفسية شديدة تجاه المواقف السلبية، فلا يمتلك ما يسمى بالصلابة النفسية أو الاتزان الانفعالي تجاه الأحداث الصادمة. وتشير «دويدار»، لـ«المصري لايت»، إلى أن من يجسد هذه المواقف من الفنانين واعي للغة الجسد ولمهاراته التمثيلية والحرفية، فعندما تتلاقى هذه المهارات مع الخبرات السيئة للمشاهد ينتج عنه هذا التأثر والتوحد. تعتبر «دويدار» أن البعض لا يمتلك تحكم مناسب تجاه المواقف، خاصةً وأنهم لا يفكرون قبل الانفعال، مع تناسي أن ما يشاهده هو مجرد عمل فني بأحداث خيالية غير واقعية، حتى يعتبر ما يشاهده حقيقيًا بموجب ظروفه التي سبق وأن مر بها. أما توحد بعض الأمهات مع أحداث الأعمال الفنية، أرجعته «دويدار» إلى احتمالية تعرضهن لمواقف قاسية تتعلق بفقدان الابن أو الأخ أو أي من القريبين منهن، ما نتج عنه استدعاء لهذه الحالة السيئة مع مشاهدتها لمشهد جنازة. فيما يوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن الحرمان العاطفي هو أول العوامل التي تؤدي إلى توحد الشخص مع العمل الفني، والتعامل معه على أنه واقع حقيقي نتيجة العيش داخل تفاصيلها، ما يسبب اضطرابات نفسية. أما العامل الثاني، حسب رواية «فرويز» لـ«المصري لايت»، يتمثل في قلة وعي المشاهد، فهو لا يدرك أن ما يراه هو مجرد عمل درامي، وأن المسؤول عن هذه المشاهد هو المؤلف والمخرج وليس الممثل، أما آخر العوامل تتركز في الإحلالية، أي شعور الشخص بأمور تغضبه أو تحزنه، فيفرج عن هذه الطاقة من خلال تفاعله مع المسلسل ويتعايش معه. وللتعامل مع هذه الحالات، ينوه «فرويز» إلى أن أول ما يتخذه مع من يمر بهذه الظروف هو إجراء ما يُسمى بجلسة نفسية تدعيمية، بغرض الاستماع للأسباب التي أدت به إلى هذه المرحلة، مع محاولة رفع درجة الوعي لديه، بإرشاده إلى أن العمل هي عبارة عن قصة وله مؤلف ومخرج، وأن الممثل مجرد مؤدي.

مشاركة :