أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سينهي علاقة بلاده بمنظمة الصحة العالمية، مكرراً اتهاماته للمنظمة بأنها متساهلة للغاية مع الصين، ومشيراً إلى أن الولايات المتحدة سوف تعيد توجيه الأموال المخصصة للمنظمة نحو مشاريع صحة عالمية أخرى. فهل سيحتاج ترامب الى موافقة الكونغرس للخروج من منظمة الصحة العالمية؟ "الأرضية القانونية في هذه المسألة يلفها الغموض"، تفيد مديرة سياسة الصحة العالمية في مؤسسة "كيسر فاملي افونديشون" بواشنطن، جينيفر كيتس، لمجلة "نايتشور" التابعة لمؤسسة سميثسونيان" الأمريكية، ففي الوقت الذي قد يحتاج ترامب الى موافقة الكونغرس نظراً لأن الولايات المتحدة أصبحت عضواً من خلال قرار مشترك عام 1948، فقد تمكن رؤساء سابقون من الانسحاب من معاهدات من دون تدخل الكونغرس. ويتخوف خبراء السياسة الصحية الآن من التأثيرات السلبية على جهود الصحة العامة، وهذه تتراوح بين عودة ظهور شلل الأطفال والملاريا، إلى عوائق تتعلق بتدفق المعلومات المرتبطة بـ كوفيد-19، وأضرار ستلحق بالشراكات العلمية في أنحاء العالم، ويعتقد بعضهم أن الولايات المتحدة ستفقد تأثيرها على مبادرات الصحة العامة الدولية، بما في ذلك توزيع الادوية واللقاحات للفيروس التاجي المستجد ما أن تصبح متاحة. ولم تخفف من مخاوف الباحثين تلك المقترحات بشأن مبادرات جديدة تقودها الولايات المتحدة للتأهب لمواجهة الجائحة في الخارج. ويقول بعضهم إن هذه الجهود قد تضيف عدم الاتساق لفي جهود الاستجابة العالمية لكوفيد-19، والصحة العالمية عموماً، إذا لم يجر ربطها بمنظمة صحة عالمية تحظى بتمويل كامل. وتؤكد مديرة مركز علوم الصحة العالمية والامن بجامعة جورجتاون، ربيكا كاتز، لمجلة "نايتشور": "من الصعب جداً التفكير بالآثار الهائلة لذلك". فتوقيت الخلاف سيء جداً، اخذا في الاعتبار الحاجة الى التنسيق والتعاون الدوليين للتعامل مع كوفيد-19. وفيما لا يحتاج ترامب الى موافقة الكونغرس لحجب الأموال عن منظمة الصحة العالمية، تشكل الفجوة المالية التي خلفتها الولايات المتحدة مشكلة كبيرة. فالولايات المتحدة أكبر مانح للمنظمة بنسبة 15% من ميزانيتها، وتوفر 27% من ميزانية منظمة الصحة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، و19% من ميزانية التصدي للسل وفيروس نقص المناعة البشرية والملاريا والحصبة، وغيرها، وهو ما يمثل استثماراً أمريكيا وقد تبدد، وفقاً للباحثين. وكان ترامب قد أشار إلى الحكومة الأمريكية ستواصل تمويل الصحة العالمية عن طريق منظمات مساعدات ووكالاتها، وهذا ما تقوم به التشريعات المقترحة للحكومة الأمريكية، وينقل تقرير "نايتشور" في هذا السياق، عن منصة "ديفيكس" قولها إن وزارة الخارجية الأمريكية تعمم مقترحا لمبادرة قيمتها 2.5 مليار دولار تشرف على الاستجابات المحلية والعالمية للأوبئة العالمية، تسمى "استجابة الرئيس لتفشي الامراض"، وأن قانوناً مقترحاً قدم إلى مجلس الشيوخ أخيراً باسم "القانون العالمي للأمن الصحي والدبلوماسية لعام 2020"، سيعتمد 3 مليارات دولار لمبادرة عالمية لاحتواء الأوبئة محلياً وخارجياً، بإشراف أحد موظفي وزارة الخارجية الأمريكية المعينين من قبل الرئيس. وفي هذا السياق، تؤكد اماندا غلاسمان، زميلة في مركز التنمية العالمية بواشنطن أنه "يتعين أن تتعاون تلك الجهود مع منظمة الصحة العالمية، ويجب أن تأتي مع التزامات متزايدة تجاه هذه الأخيرة"، وفي اعتقادها إذا ما بذلت الولايات المتحدة جهودا موازية لمنظمة الصحة العالمية، فلا تتوقع أن تكون فعّالة كثيرا لأن بناء شراكات مع البلدان يستغرق سنوات، مشيرة في هذا السياق الى اعتماد الحكومة الأمريكية خلال تفشي إيبولا في جمهورية الكونغو الديمقراطية على منظمة الصحة العالمية بسبب العنف الذي أبقى معظم المنظمات الإنسانية الدولية بعيداً. وتؤكد غلاسمان أن منظمة الصحة العالمية لا تزال هي من تنسق الجهود حتى في البلدان ومن دونها سيكون هناك الكثير من عدم الاتساق في جهود الصحة العالمية، مما قد يؤدي الى إضافة حوالي 11 مليار دولار ستنفقها الولايات المتحدة على برامج الصحة العالمية كل عام. والأهم برأيها قد يكون فقدان التعاون الدولي، وهو مهم تحديداً لمصالح الولايات المتحدة الأمنية، حيث تقول: "نحن بحاجة الى شيء مثل منظمة صحة عالمية لإدارة العلاقات والحفاظ على تدفق المعلومات". وفيما يتوقع معظم الباحثين في التقرير أن تنجو منظمة الصحة العالمية من قرار تجميد التمويل على المدى القصير، لأن مانحين آخرين سيعوضون الفجوة كما فعلت الصين بالتعهد بملياري دولار، يرى أخرون أن خطوة ترامب مضرة بمنظمة الصحة العالمية كما بالولايات المتحدة، فبمرور الوقت، ستفقد هذه الاخيرة نفوذها وحقوقها في التصويت، وتتخلى عن قدرتها على تشكيل جدول أعمال الصحة في انحاء العالم. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :