عاشت الولايات المتحدة، أمس الأول الجمعة، إحدى أسوأ ليالي الاضطرابات الأهلية، بعدما تواصلت التظاهرات الغاضبة، بسبب مقتل أمريكي أعزل خلال توقيفه من قبل الشرطة في مدينة مينابوليس، اضطرت معها سلطات مينيسوتا للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية لإعلان التعبئة الكاملة للحرس الوطني، وإعلان حظر للتجوال، قبل أن تنتقل عدوى الاحتجاجات إلى ولايات أخرى، وأمام البيت الأبيض. وسمحت سلطات مينابوليس، أمس، بنشر ألف عنصر من الحرس الوطني لمؤازرة القوى الأمنية، في مواجهة أعمال العنف التي امتدت إلى مختلف أنحاء الولايات المتحدة، بعد انتشار فيديو لشرطي يضغط بركبته على عنق أمريكي من أصول إفريقية، يدعى جورج فلويد ظل يستغيث لدقائق من عدم قدرته على التنفس حتى مات. ولم يخفف توجيه تهمة القتل غير العمد إلى الشرطي المشتبه فيه الغضب العارم في البلاد، وسجّلت أعمال شغب خلال تظاهرات ضد عنصرية الشرطة امتدت من نيويورك إلى لوس أنجليس في إحدى أسوأ ليالي الاضطرابات الأهلية في أمريكا منذ سنوات. وأصابت عدوى الاحتجاجات مجموعة كبيرة من المدن، بينها بوسطن ودالاس ودنفر وديموين وهيوستن ولاس فيجاس وممفيس وبورتلاند. واشتبك متظاهرون خرقوا حظر التجول المفروض، مع الشرطة لليلة الرابعة على التوالي في مينابوليس، حيث أشعلت حرائق، وسجلت أعمال نهب، وعمليات كرّ وفرّ بين المتظاهرين وعناصر الشرطة. وتحولت المدينة إلى بؤرة عنف منذ تداول فيديو مقتل فلويد خلال عملية اعتقاله على نطاق واسع. ووجهت السلطات إلى الشرطي ديريك شوفين تهمة القتل غير العمد، إضافة إلى تهمة الإهمال الذي تسبب بالموت. وقال مدعي عام المقاطعة، مايك فريمان: «هذه القضية جاهزة الآن، وقمت بتوجيه التهم»، لكن ذلك فشل في تهدئة مجتمع الأمريكيين الأفارقة بعدما أعادت حادثة مقتل فلويد نكء جرح العنصرية. وفي أتلانتا، هاجم متظاهرون سيارات للشرطة، وأحرقوها، بعدما خرجت الاحتجاجات عن السيطرة، بينما حدثت مواجهات بين متظاهرين وعناصر الاستخبارات أمام البيت الأبيض منتصف الليل. وأشاد الرئيس دونالد ترامب بتعامل عناصر جهاز الخدمة السرية لحماية البيت الأبيض من المتظاهرين الغاضبين بسبب وفاة جورج فلويد، الليلة الماضية، مؤكداً أنهم لو تسللوا إلى مقر الرئاسة لواجهوا «الكلاب الأكثر شراسة والأسلحة المشؤومة». كما أكد أن أعمال العنف في الولايات منظمة وليس لها علاقة بمقتل فلويد. وقال في تغريدة له: «سمحوا للمحتجين بالصراخ، والتشدّق بقدر ما كانوا يريدون، لكن عندما يتخطى أحدهم الحدود كانوا يلجمونه بكل قوة». وبعدما وصف المتظاهرين ب«البلطجية»، وهدد بإرسال قوات فيدرالية للتعامل معهم بقسوة، غيّر ترامب لهجته، الجمعة، معلناً أنه اتصل بأسرة فلويد للتعبير عن «حزنه». وقال: «أتفهم الأذى، أتفهم الألم. عانى الناس كثيراً». وفرضت السلطات حظر تجول، أمس الأول، في مينابوليس بعد ثلاث ليالٍ من الاحتجاجات التي تسببت باندلاع النيران في مناطق عدة. لكنّ المتظاهرين لزموا الشوارع في تحدٍّ للشرطة التي استخدمت الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية ضدهم. وانتشرت أعمال النهب على نطاق واسع، وأظهرت صور أشخاصاً يخرجون من المتاجر، وحملوا ما باستطاعتهم من البضائع. وتجمع المتظاهرون أمام منزل الشرطي تشوفين الذي تعرض للتخريب الجمعة، وهم يهتفون باسم فلويد. وقالت تارا باليان (39 عاماً): «كل ما يمكنني فعله فقط هو البكاء، والبكاء أكثر»، مضيفة «استغرق الأمر طويلاً حتى يدرك الناس أن حياة السود تهم». وهتف العديد من المحتجين: «لا نستطيع التنفس». وندد حاكم ولاية مينيسوتا تيم فالز، بالعنف، وقال إن مسؤولين تعرضوا لإطلاق نار. وأضاف: «هذا لا علاقة له بموت جورج، ولا بعدم المساواة التي هي أمر حقيقي. هذه فوضى». وشدد على أن الأولوية تكمن الآن في استعادة النظام، موضحاً أن عناصر الأمن واجهت الليلة الماضية عبوات ناسفة يدوية الصنع، محملاً جماعات ذات مستوى تنظيم عالٍ، المسؤولية عن اتباع استراتيجية ممنهجة بغية منع السلطات في الحفاظ على النظام. وحذر فالز من أن مينابوليس ومركز الولاية مدينة سانت بول تتعرضان لهجوم. وأشار الحاكم إلى أن 80% من المتظاهرين لم يكونوا من السكان المحليين، بل جاؤوا من مناطق أخرى، متعهداً بتنفيذ اعتقالات جديدة في حال تجدد التظاهرات. (وكالات)
مشاركة :