ابن الديرة في الخامس والعشرين من مارس، أخذت حكومة الإمارات قراراً صارماً وحازماً، ببدء برنامج التعقيم الوطني، والحظر شبه الكامل للتنقّل والخروج، إلّا للضرورة القصوى، والعمل عن بُعد بنسبة وصلت إلى مئة في المئة في بعض المؤسسات والدوائر والهيئات، لمواجهة الجائحة «الكورونية» التي دهمت العالم بمنتهى القسوة. ولا شكّ أن هذا الاحتراز آتى ثماره، بتقليص آثار هذا الوباء، فارتفعت نسبة المتعافين، ووضعت اليد على أعداد المصابين، بزيادة عدد الفحوص المنفّذة يومياً.ثم أتى قرار العودة التدريجية إلى العمل والحياة الطبيعية، وبدأت بنسبة 30 في المئة في بعض المؤسسات والأماكن، و50 في المئة في أخرى. وكان هذا القرار مبعث فرح وغبطة للجميع، الموظفين والعاملين، أولاً، ثم المتعاملين الذين أعربوا عن سرورهم بأن العيش في الإمارات لا تليق به إلّا الحركة والنشاط والحيوية التي طبعت هذا الوطن، منذ تأسيسه.فمن حرث البحر، وأحال الصّحارى إلى واحات غنّاء، وشقّ عنان السماء بأبراج تضاهي في جمال تصميمها وبهائها، كبريات مدن حضارية تضرب عميقاً في التاريخ. ومن يحتضن على أرضه جنسيات من مشارق الأرض ومغاربها، ومن يقيم الفعاليات بمختلف أنواعها وأشكالها ومنفّذيها؛ ثقافية وفنّية وإعلامية وحكومية واقتصادية ورياضية على أعلى مستويات التنظيم والاحتراف والابتكار، لا يليق بوطنه هذا إلّا الحياة المتأججة بالعمل والنشاط والحركة والصخب الباعث على الحياة.ومن يرسم لمستقبل بلده بعد خمسين عاماً، ويستعدّ للمئة، ومن يخطط لسبر المريخ ب«الأمل»، ويرسل شباب الوطن لخوض غمار الفضاء، لا مكان للركود والانزواء في حياته.الإمارات.. «أمارات» لكل ما يفيض بالعمل والجدّ والإنتاج وتقديم الخير، ورسم البسمة على الوجوه أينما وجدوا، وبثّ الطمأنينة والسعادة في النفوس، أنّى حلّ أصحابها.العودة إلى الحياة بهذا التدرّج المدروس والهادئ والحذر أيضاً، فتحت أملاً بأن القضاء على هذه الجائحة اللعينة، بات قريباً أيضاً، فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة، وخطوات قادة الإمارات واسعة وواثقة، لأنّ أهدافهم واضحة ومخطط لها بعمق ودقة.ورغم ذلك كله، نقول ونحن مطمئنون، إن هذا كلّه يجب ألّا يغفلنا عن الحذر وتوقّي الحيطة، والتزام التعليمات كاملة، ولا نريد أن نهدم ما بُني بفوضى التفلّت والاستهتار وعدم المبالاة، فالعودة التدريجية إلى العمل والحياة يجب أن ترافقها كل الاحتياطات، بالتزام التباعد، بحسب ما هو مقرّر، والتعقيم وارتداء الواقيات، وهذا يدعم إجراءات القيادة التي لا هدف لها إلّا سعادة الناس ورخاؤهم ورفاههم.عودة مبهجة باعثة على التفاؤل، فوطن التفاؤل لا تليق به المنغّصات، ونحن أعضاد قادتنا وسندهم، ونرخص أنفسنا وأرواحنا في سبيل هذا الوطن. ebnaldeera@gmail.com
مشاركة :