أثنى سفير استراليا لدى المملكة العربية السعودية رضوان جدوت على العلاقات الوطيدة بين البلدين، والتي بدأت منذ أن أنشأت أستراليا تمثيلها الدبلوماسي في المملكة بمدينة جدة عام 1974، ليتشارك البلدان الروابط السياسية والاقتصادية وكذلك الروابط بين الشعبين. خصوصاً وأن المملكة تعد ثالث أكبر سوق لأستراليا في الشرق الأوسط. وهناك إمكانية كبيرة لتنمية الروابط الاقتصادية بين أستراليا والمملكة. مشيداً بالخطوات التي اتخذتها المملكة لجمع قادة مجموعة العشرين لمناقشة كيفية معالجة أزمة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19". جاء ذلك خلال حوار أجرته "الرياض" مع السفير رضوان جدوت. وفيما يلي نص الحوار: كيف تقيمون العلاقات السعودية - الأسترالية، ومتى بدأت؟ العلاقة بين أستراليا والمملكة العربية السعودية كانت وما زالت ودية وبناءة، ولكن يمكننا أن نفعل المزيد معًا لأننا من اقتصادات الدرجة الأولى في مجموعة العشرين ولدينا عدد سكان متماثل ومناطق صحراوية كبيرة وموارد طبيعية وفيرة. واكتسبت العلاقات شكلاً جدياً عندما أنشأت أستراليا تمثيلها الدبلوماسي في المملكة بمدينة جدة عام 1974. ونحن نتشارك روابط تجارية واقتصادية قوية وتعاوناً استراتيجياً وروابط بين الشعبين، وآمل أن يتحقق المزيد من العلاقات في جميع هذه المجالات. الملك سلمان أول مسؤول سعودي يزور أستراليا كيف أسهمت الزيارة في إرساء العلاقة بين البلدين؟ زار الملك سلمان حفظه الله أستراليا عندما كان ولياً للعهد في عام 2014، وترأس آنذاك وفد المملكة العربية السعودية إلى قمة قادة مجموعة العشرين خلال رئاسة أستراليا للقمة. لقد كانت قمة ناجحة للغاية وشكلت نقطة تحول في التعاون مع المملكة في مجموعة العشرين. ولدينا مصالح مشتركة في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي ونتطلع لمزيد من التعاون فيما يخص أولويات مجموعة العشرين. ماذا عن العلاقات الاقتصادية المشتركة وتشجيع الاستثمارات وتعزيز الثقة لدى المستثمرين؟ تعد المملكة ثالث أكبر سوق لأستراليا في الشرق الأوسط. وهناك إمكانات كبيرة لتنمية الروابط الاقتصادية بين أستراليا والمملكة، خاصة في المجالات التكميلية مثل الزراعة والتعدين والتعليم والبناء والسياحة. ويدرس عدد كبير من طلاب التعليم العالي السعوديين في أستراليا، ويمثل الطلاب السعوديون الحصة الأكبر من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إن إطلاق المملكة لرؤية 2030 للإصلاح والتنويع الاقتصادي في عام 2016 يوفر فرصًا محتملة لقطاع الأعمال الأسترالي، لا سيما في مجالات التعليم والتدريب المهني (التوسع الناجح في حرم الكلية الأسترالية لعلوم الطيران بالرياض) والتعليم الرياضي واستكشاف المعادن والتبادل الثقافي. ما مدى تأثير توافد المبتعثين السعوديين لأستراليا على العلاقات الثقافية والتبادل العلمي والمعرفي؟ نقدر كثيراً العلاقات التعليمية المتنامية بين أستراليا والمملكة، ليس فقط في مجال الصادرات، ولكن أيضاً على مستوى الروابط الحيوية بين الناس التي تعزز هذه العلاقات. وهناك ما يقارب 6000 طالب سعودي يدرسون في أستراليا على مدار العام. ونحن نقدر المساهمة التي يقدمونها لمجتمعنا متعدد الثقافات النابض بالحياة في أستراليا خلال إقامتهم في بلدنا. وعند عودتهم إلى المملكة، فإنهم يستخدمون هذه المؤهلات ذات المستوى العالمي للمساهمة في المجتمع السعودي في مجالات مثل العلوم والتكنولوجيا والأعمال والهندسة. ولقد سرني أن ألتقي بالعديد من هؤلاء القادة الناشئين المثيرين للإعجاب من خلال شبكة السفارة مع الخريجين. ولدينا أيضًا عدد من الطلاب الأستراليين الذين يدرسون الدراسات الإسلامية هنا في المملكة مما يعزز بشكل أكبر العلاقات بين البلدين. كما تساهم زيارة آلاف الحجاج الأستراليين إلى المملكة لأداء مناسك الحج والعمرة كل عام في تعزيز العلاقات الثقافية. كيف ترون حجم التبادل التجاري وأهمية الصادرات والواردات من وإلى البلدين؟ تشكل العلاقات التجارية والاقتصادية القوية حجر الأساس في علاقاتنا المهمة مع المملكة، وعلى الرغم من أننا بعيدون جغرافيًا بشكل نسبي، إلا أن لاقتصاداتنا أوجه تكامل قوية، ولدينا نقاط قوة طبيعية في قطاع الطاقة ولكننا لسنا في موقع تنافس. وكلانا يقدر التكنولوجيا وإيجاد طرق مبتكرة لتطبيقها لحل المشكلات، وعلى سبيل المثال في الزراعة الجافة والحفاظ على المياه وتوزيع الطاقة، ولدينا الكثير لنقدمه للمملكة في قطاعات التعليم والتعدين والزراعة والسياحة، خاصة أن المملكة تعمل على تنويع اقتصادها. كيف ترون الاهتمام المشترك بقضايا مكافحة الإرهاب والأمن والاستقرار على المستوى الدولي؟ تعاون أستراليا مع المملكة في مجال مكافحة الإرهاب مهم لأمننا القومي، بما في ذلك من خلال مشاركتنا المشتركة في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي. كما أننا نشارك معاً في شراكة القوات البحرية المشتركة والتحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية المكون من سبع دول لضمان أمن السفن التجارية في مضيق هرمز. ماذا عن تشجيع وزيادة الاستثمار في قطاعات السياحة والبنية التحتية والتقنية والزراعة والاستثمار في الطاقة؟ تنويع اقتصاداتنا بعيداً عن قطاع الطاقة يخلق فرصاً هائلة في العلاقات الثنائية بين البلدين، تتفهم أستراليا كثيراً خطط المملكة لزيادة الاستثمار في قطاعات جديدة، ففي حين أن قطاع الطاقة والموارد قد دعم النمو الاقتصادي الأسترالي على مدى 30 سنة متتالية، فإن مجال الخدمات النابض بالحياة هو محرك اقتصادنا، وإننا ندعم بقوة رؤية المملكة 2030 ونتطلع للعمل معاً لتحقيقها. كما نرى فرصًا كبيرة لتوسيع علاقاتنا التجارية والاستثمارية بالاعتماد على خبرتنا، لقد أثبتت الشركات الأسترالية تميزها في التعليم والتعدين والزراعة والسياحة ولدينا المعرفة والمهارات التي نود مشاركتها معكم في هذه المجالات، على سبيل المثال، استثمرت شركة Worley الأسترالية في قطاع الخدمات الهندسية في المملكة لدعم مجموعة واسعة من المشروعات، كما استثمرت شركة SALIC العام الماضي في مجال الثروة الحيوانية والقمح في غرب أستراليا. تُعتبر المملكة من أهم الأسواق العالمية لأستراليا لماذا تأخرتم عن استغلال هذه الفرصة حتى الآن؟ نعمل بالتأكيد على بناء علاقات تجارية ثنائية بموجب رؤية 2030، وأصبح الدخول إلى المملكة أسهل بكثير لرجال الأعمال وذلك للزيارة واكتشاف الفرص والذي من شأنه المساعدة في تنمية التبادل التجاري. ويركز فريقنا في القسم التجاري في السفارة على دعم الصادرات الغذائية الأسترالية الفاخرة المشهورة عالمياً (مثل لحم البقر والضأن والأطعمة الذواقة والخضروات والفواكه الطازجة)، ووكلاء التعليم، والترويج لخدمات وتقنيات التعدين وتقديم حلول البنية التحتية للمشروعات الكبرى. ويمثل أيضاً تعزيز الاستثمار السعودي في أستراليا أولوية. كما يسعدنا وجود مجموعة صغيرة ولكن نشطة لقطاع الأعمال الأسترالي في المملكة، مما يساعد على تعزيز شبكات التواصل الحالية وبناء أخرى جديدة. انتشار كورونا يعد جائحة عالمية كيف ترون الإجراءات التي اتخذها البلدان لمواجهته، وما المأمول عالمياً للقضاء عليه؟ استجابت المملكة بسرعة وبحزم للسيطرة على انتشار الفيروس، وإنني أشيد بالقيادة السعودية للإجراءات التي تم اتخاذها حتى الآن. وتمتلك أستراليا نظامًا صحيًا من الطراز العالمي، حيث إن استجاباتنا للطوارئ مرنة وقابلة للتوسع لتمكيننا من الاستجابة بشكل فعال لأي وضع قابل للتطور. ونحن نستخدم التكنولوجيا لمكافحة الفيروس، بما في ذلك في الآونة الأخيرة من خلال إطلاق تطبيق على الجوّال يعمل على تسريع عملية تتبع الاتصال ويقلل من فرص انتقال الفيروس، ونواجه تحديات غير مسبوقة لصحتنا ومجتمعاتنا واقتصاداتنا بسبب جائحة كوفيد-19. وتتطلب مثل هذه التحديات تعاوناً استثنائياً بين قادتنا إذا أردنا القضاء على الفيروس عالمياً. إننا في حاجة إلى العمل معًا بشكل منفتح لتحقيق هذا الهدف المشترك. وبالمناسبة فإني أشيد بالمملكة للخطوات التي اتخذتها بالفعل لجمع قادة مجموعة العشرين لمناقشة كيفية معالجة الأزمة، ونتطلع إلى أن نكون جزءاً من هذه الجهود المستمرة.
مشاركة :