بيروت – ردّ البطريرك الماروني في لبنان على دعوة حزب الله إلى تغيير النظام اللبناني من منطلق أنّ الصيغة التي تأسّس عليها لبنان انتهت. وقال الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد “نرفض أن تتحول عملية تطوير النظام اللبناني إلى ذريعة للقضاء على لبنان، هذا الخيار التاريخي بخصوصياته. إن لبنان الدولة المدنية والشراكة والرسالة موجود منذ مئة سنة. فلا يُخترع (لبنان) اليوم من العدم والفراغ. كان لبنان قبل أن نكون، وسيبقى بعدنا. لبنان أمة موجودة في التاريخ والحاضر، وفي الجغرافيا والوجدان، وقد تأسست بالإرادة والنضال”. مار بشارة بطرس الراعي: لبنان كقيمة ثمينة لا يزال يثير اهتمام العالم لأنه ليس دولة مستباحة مار بشارة بطرس الراعي: لبنان كقيمة ثمينة لا يزال يثير اهتمام العالم لأنه ليس دولة مستباحة ودافع الراعي عن صيغة الميثاق الوطني اللبناني التي وضعها بشارة الخوري (الماروني) ورياض الصلح (السني) في سنة الاستقلال في عام 1943، قائلا “وحدها الحقيقة التاريخية تبقى، أما الباقي فمرحلي وزائل. لذا يدعونا الواجب للدفاع عن هذا الكيان. نذرنا أنفسنا للبنان حرا وللبنانيين أحرارا. معا يعيشون، ومعا يقاومون كل احتلال وتعد، بقيادة الدولة وشرعيتها وجيشها. لبنان كقيمة ثمينة لا يزال يثير اهتمام الأسرة الدولية، وبالتالي ليس دولة متروكة ومستباحة. فلا يحق للجماعة السياسية أن تتصرف في شؤون البلاد والمواطنين بقلة مسؤولية، وبذات الروح التي أوصلت الدولة إلى الحضيض”. وكان المفتي الجعفري الممتاز في لبنان أحمد قبلان، المحسوب على حزب الله قال في خطبة عيد الفطر إن لبنان الماضي انتهى، بما في ذلك اتفاق الطائف الذي في أساسه الدستور المعمول به حاليا. ودعا المفتي إلى قيام لبنان جديد على أساس المواطنة وليس على أساس طائفي أو على أساس صيغة “غالب ومغلوب” بعيدا عن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين الواردة في الدستور. وفسّرت مصادر سياسية لبنانية كلام البطريرك بوجود حاجة إلى إظهار أن هناك ردّا مسيحيا على دعوة حزب الله إلى إعادة تشكيل لبنان على أسس جديدة من جهة وإلى حاجة شخصية لدى البطريرك إلى تثبيت وجوده كمدافع عن حقوق المسيحيين في لبنان من جهة أخرى. ومعروف عن البطريرك الراعي الذي خلف البطريرك نصرالله صفير أنّه لم يستطع كسب ثقة المسيحيين في لبنان كما كانت الحال مع سلفه، وذلك بسبب مواقفه المسايرة لحزب الله في أحيان كثيرة. وذكر نائب لبناني في تصريح لـ”العرب” أن كلام البطريرك الراعي يأتي على خلفية توتر شيعي – ماروني في جرود قضاء جبيل ذي الأكثرية المسيحية حيث تحاول مجموعات محميّة من حزب الله منع مسيحيين من زراعة أراض هي ملك البطريركية المارونية. Thumbnail وتناول الراعي الوضع الاقتصادي والديون المتراكمة على لبنان وهبوط قيمة العملة بقوله “هنا مكمن الفساد السياسي والمالي والإداري عندنا. وهذا ما أوصل بلادنا إلى الإفلاس، وإلى المأساة المعيشية والاجتماعية التي نعيشها. وهذا ما شوه وجه لبنان الشراكة والرسالة والدولة المدنية الوحيدة في الشرق، التي تفصل بين الدين والدولة، من دون أن تفصل بينها وبين الله. فالدولة المدنية في لبنان تحترم جميع الأديان وشرائعها وتضمنها، كما تنص المادة التاسعة من الدستور. فلا دين للدولة في لبنان، ولا أي كتاب ديني مصدر للتشريع المدني، ولا استئثار لأي مكون من مكوناته بالسلطة السياسية بكل وجوهها”.
مشاركة :