نشرت وحدة اللغة الإسبانية بمرصد الأزهر تقريرًا اليوم بعنوان "التطرف والخلافة الافتراضيّة في إسبانيا في زمن الكورونا".وقالت: يواجه العالم جائحة فيروس كورونا "كوفيد ــ 19"، التي تسبّبت في إثارة حالة من الخوف والقلق على كافّة الأصعدة، الأمر الذي استلزم اتخاذ معظم الدول بقطاعاتها المختلفة حزمة من الإجراءات الوقائيّة والاحترازيّة. ولا حديث لوسائل الإعلام العالميّة في وقتنا الحالي إلا عن وباء كورونا، الذي انتشر بصورة سريعة وغير متوقّعة. وقد أدّى انتشار هذا الوباء إلى تنمية الحسّ الوطنيّ لدى الكثيرين، وتسريع وتيرة التضامن الإنسانيّ على مستوى عالميّ لمجابهة الجائحة.وعلى الجانب الآخر، تسعى الجماعات المتطرّفة إلى استغلال الأوضاع غير المستقرة والظروف الاستثنائيّة التي يمرّ بها العالم؛ لتحقيق مآربها الخاصة وأغراضها الدّنيئة في سفك دماء الأبرياء وإقامة الخلافة المزعومة (إليكترونيا على الأقل خلال هذه الفترة) في البُقع التي تعاني من فقدان السيطرة الأمنيّة، لا سيّما في مناطق الحروب والمنازعات.وكما تواجه غالبية دول العالم حاليًا الخطر المزدوج ــ من الإرهاب ووباء كورونا ــ فإن إسبانيا تواصل عملها في مكافحة الإرهاب بالتزامن مع معاناتها من جائحة كورونا العالميّة، وذلك إما من خلال محاكمة المتطرّفين أو القبض على المشتبه بتورطهم في أعمال إرهابيّة.وفي هذا الإطار، تمكّن جهاز المخابرات الوطنيّ الإسبانيّ بالتعاون مع قوات الأمن الأوروبيّة من إلقاء القبض على أحد الذئاب المنفردة العائدة من سوريا، في طريق عودته إلى أوروبا عبر إسبانيا في أواخر أبريل 2020. وهذا الإرهابي - كما تصفه جريدة "الباييس" الإسبانيّة- متطرّف شديد العنف وخطير للغاية، واعتقاله يمثّل أولوية لأجهزة الأمن، خاصة بعد قضائه عدّة سنوات مقاتلًا في صفوف "داعش" الإرهابيّة.وفي السياق ذاته، قضت المحكمة الوطنيّة الإسبانيّة في 4 مايو 2020 بسجن مواطن إسبانيّ أبدى دعمه وتعاطفه مع تنظيم "داعش" الإرهابيّ، على مدى عدّة شهور عبر منصّات التواصل الاجتماعيّ المختلفة من خلال منشورات تُمجد الأنشطة الإرهابيّة لتنظيم "داعش". كما أطلق عبر حسابه الشخصيّ على موقع التواصل الاجتماعيّ "تويتر" العديد من التغريدات التي تحضّ على العنف على مدى ما يقرب من عامين حتى تمكّن الحرس الوطنيّ من إلقاء القبض عليه وإدراجه على قوائم المتهمين الإرهابيين، وبناء عليه قضت المحكمة الوطنيّة بسجنه لمدة ستة أشهر بتهمة تمجيد الإرهاب. كما أكدت المحكمة الوطنيّة فتح التحقيقات لمحاكمة ثمانية أعضاء بخلية متطرّفة تعمل من سجن "مدريد الثالث"؛ لتجنيد أعضاء جدّد وإقناعهم بالقيام بأعمال إرهابيّة في إسبانيا بعد إطلاق سراحهم، وغيرها من المحاكمات، التي تعكس العمل الدؤوب المبذول لملاحقة المتطرّفين ومقاضاتهم. وفي هذا الإطار يذكر مرصد الأزهر بالعديد من التقارير والتحذيرات التي أطلقها في هذا الصدد فيما يتعلق بخطورة الاستقطاب داخل السجون.وفي ظلّ تصاعد حدّة فيروس كورونا في البلدان الأوروبيّة بشكل خاص، لا تزال التّنظيمات الإرهابيّة تحاول فرض سيطرتها بالقوة عبر منصّات التواصل الاجتماعي ضمن ما أسموه بـ"الخلافة الافتراضيّة" والتي يسعى المتطرّفون من خلالها إلى تجنيد أكبر عدد ممكن من الشباب الأوروبيين، حيث تستغل التّنظيمات الإرهابيّة فترة العزل الصحيّ الذي تفرضه معظم دول العالم للحدّ من انتشار فيروس كورونا المستجد، وذلك من خلال تكثيف أنشطتها الدعائيّة خاصة عبر تطبيق "تليجرام" الذي سجل خلال الفترة الأخيرة زيادة كبيرة في عدد القنوات التابعة للتّنظيمات الإرهابيّة، والتي تبثّ من خلالها العديد من مواد الدعاية المتطرّفة؛ لزيادة عناصرها وتحقيق أهدافها التوسعيّة الخبيثة.ومع هذه التطورات المستجدة حول تحركات الجماعات الإرهابيّة وإجراءات مكافحتها، ينبّه مرصد الأزهر إلى أمر في غاية الخطورة في ظلّ أزمة كورونا، وهو أن تلك التّنظيمات الإرهابيّة، وعلى رأسها تنظيم "داعش"، تعتمد بشكل أساسي في ترويج أفكارها المتطرّفة وفي استقطاب عناصر جديدة على "العالم الافتراضيّ" و"الفضاء الإلكترونيّ"، ومع انتشار فكرة العزل المنزليّ عالميًا لمواجهة جائحة كورونا تصبح الفرصة مواتية لتلك التّنظيمات الإرهابيّة، وتشكّل عملية تسلّل أفكارها المتطرّفة إلى عقول الشباب من خلال مواقع التواصل الاجتماعيّ (العالم الافتراضيّ) خطرًا محدقًا يستلزم التوعية والمراقبة الأسريّة لحماية الأفراد والمجتمعات، بل والبشريّة بأسرها من انتشار خطر لا يقل فتكًا عن وباء كورونا المستجد.
مشاركة :