مع وصول التوتر في العلاقة الأميركية - الصينية إلى مستوى غير مسبوق، اختار الرئيس الأميركي دونالد ترمب العداء مع الصين ولكن بحذر شديد يأخذ طابعاً إعلامياً أكثر مما هو فعلي. فبحسب الباحثة بالمعهد الأميركي للسلام راشيل فرانديبيرك، فإن كلمات ترمب في إعلانه الأسبوع الماضي عن الإجراءات المتخذة ضد هونغ كونغ والصين كانت عامة ولم تحدد جدولاً زمنياً للبدء بتطبيقها كما تجنب فيها ذكر التفاصيل الكاملة لمستقبل العلاقة مع الصين والاتفاق التجاري لأن توتر العلاقات التجارية بين الصين وأميركا وانسداد الطرق في وجه عقد اتفاق تجاري مستقر سيقود إلى عدم استقرار في الاقتصاد العالمي، ورأينا هذا التوتر ينعكس على سوق الأسهم الأميركية بعد كل جولة مفاوضات تجارية فاشلة بين الصين والولايات المتحدة وهذا ما لا يريده ترمب الذي يستعد لخوض انتخابات الرئاسة الأميركية 2020. وبينما كاد انتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19" يشعل شرارة الحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة، اختارت إدارة ترمب أن تستهدف الصين من خلال معاقبة هونغ كونغ، والذي غيرت الصين مؤخراً وضعها بشكل لا رجعة فيه، حيث أقرت بكين تشريعاً يسمح لقواتها الأمنية بالعمل والنشاط في هونغ كونغ، وهي خطوة دانتها الولايات المتحدة ودول أوروبية وردت عليها إدارة ترمب بالإعلان عن أنها لن تعامل هونغ كونغ معاملة تجارية خاصة بعد الآن وستعامل واشنطن هونغ كونغ وبكين بأسلوب واحد في ملفات تسليم المجرمين والرسوم الجمركية والتأشيرات. كما أصدر ترمب إعلانًا لحماية أبحاث الجامعات الأميركية الحساسة من التجسس الصيني مع منع عدد غير محدد من المواطنين الصينيين من دخول الولايات المتحدة للدراسات العليا، ووجه مجموعة عمل مالية برئاسة وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوشين لتقييم الشركات الصينية المدرجة في الأسواق المالية الأميركية كأهداف محتملة للقيود المستقبلية. وأكدت فرانديبيرك خلال حديثها لـ "الرياض" أن ترمب يرغب باتخاذ إجراءات تبدو في المجمل قاسية ضد الصين ومسايرة لحالة الجمهور الأميركي المنزعج من تعامل الصين مع الوباء، إلا أن الرئيس الأميركي لم يذكر تفاصيل متشعبة حول الاستراتيجية المقبلة مع الصين، وعدم استهدافه للرئيس الصيني بخطبته يدل على رغبة بتأجيل شن الحرب الشاملة قدر الإمكان لتجنب الأضرار بأرقام الاقتصاد العالمي والأميركي. وتقول الباحثة في معرض حديثها لـ "الرياض": "ترمب وإدارته يملكون استراتيجية كان يتحدث عنها ترمب منذ وقت طويل، لكبح جماح الاقتصاد الصيني، فالإدارة ترى أن الولايات المتحدة تمتلك الأدوات القادرة على تحقيق هذا الهدف الذي هو من قناعات ترمب الشخصية ولكن يصعب عليه الذهاب بعيداً بهذا الاتجاه في الأشهر القادمة قبل الانتخابات، إلا أن التضييق على هونغ كونغ ومعاملتها بمعاملة مماثلة لمعاملة بكين هي بداية لحرب تجارية ستكلف الصين الكثير وستلغي الكثير من الامتيازات الاقتصادية التي كانت تمنحها هونغ كونغ للاقتصاد الصيني وقد نرى هذه الحرب تتحول إلى حرب شرسة وفعلية من الجانب الأميركي إذا ما عاد ترمب إلى البيت الأبيض بعد انتخابات الـ 2020 بقدرة أكبر على التحرك بحرية في اتخاذ القرارات والاستراتيجيات التي يقتنع بها منذ البداية، خاصة أن حلفاء واشنطن على استعداد للمضي بقرارات حاسمة تجاه الصين إلى جانب الولايات المتحدة إذا ما كانت الرؤية مدروسة ومنسقة ومتوافق عليها بين الدول الغربية". مضيفة؛ في الولايات المتحدة هناك شعور عام بين الجمهوريين والديموقراطيين بضرورة طرح الأسئلة على الحكومة الصينية بسبب ما جرى من تفشي لكوفيد - 19، وهو شعور طاغٍ في أوروبا أيضاً، ولن يتوقف العالم عن طرح الأسئلة حتى تقدم الصين إجابات مقنعة، فالصين التي تعاني أيضاً من انتكاسة اقتصادية كبيرة بسبب انتشار الوباء بحاجة للعالم الغربي والأسواق الأميركية لبيع منتجاتها دون أن تتحمل الصين رسوم جمركية عالية للوصول إلى هذه الأسواق، وآخر ما تحتاجه الصين هو المزيد من العقوبات والعزلة، وبالتالي على بكين أن تعيد ثقة العالم بها وإلا فإن الطريق ممهدة سياسياً لحرب اقتصادية مفتوحة بين العالم الغربي والصين وهي حرب خاسرة للجميع في نهاية المطاف إذا لم يتعامل الجانبان بحكمة ودبلوماسية صادقة ومنفتحة. مخاوف أن تفاقم الحرب الإعلامية الأميركية - الصينية من أزمات الاقتصاد العالمي
مشاركة :