حوار - هناء صالح الترك: أكد المحامي يوسف الزمان نائب رئيس محكمة الاستئناف الأسبق ضرورة عدم التسرّع في إصدار مشروع قانون تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم إلا بعد دراسته من جميع النواحي، واستكشاف المشكلات التي قد تنتج عن إلغاء نظام الكفالة الذي تجذر في المجتمع منذ أكثر من نصف قرن من الزمان. وأشار إلى أن إصدار القانون بحاجة إلى أن تواكبه جملة من الإجراءات والاستعدادات، والكوادر البشرية المدربة، واعداد اللوائح التنفيذية، وانشاء قاعدة بيانات عن العمالة الوافدة تشتمل على جميع المعلومات الدقيقة والتفصيلية عن الوافد المقيم في الدولة. وأكد في حوار مع الراية أن المناقشات المتأنية لمجلس الشورى تعكس الحرص على تجنب ما سيتركه إلغاء نظام الكفالة من آثار سلبية على قطاع عريض من المواطنين القطريين. وشدّد على أن قطر حسمت أمرها بإلغاء نظام الكفالة بالنسبة للعمّال الوافدين كلياً واعتباره من الماضي، لافتاً إلى أن مجلس الشورى وافق على اتجاه الحكومة بإلغاء نظام الكفيل إدراكاً للمصالح العليا للدولة والوفاء بما تعهّدت به، لافتاً إلى أن مشروع القانون جاء صريحاً بإلغاء نظامي الكفالة ومأذونية الخروج واستبدالهما بعقود العمل وإشعار مغادرة من الوافد برغبته السفر قبل 72 ساعة للجهة المختصة بوزارة الداخلية. وأشار إلى أن مجلس الشورى توقف طويلاً بالمناقشة أمام المادتين (7)، (21) من مشروع القانون المحال من مجلس الوزراء الموقر والخاصتين، وذلك بإلزام الوافد للعمل أو المستقدم إبلاغ الجهة المختصة عن كل واقعة خروج قبل موعدها بـ 3 أيام عمل، وجواز تنقل الوافد للعمل بعد موافقة الجهة المختصة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى صاحب عمل آخر فور انتهاء مدة عقد العمل محدّد المدة أو بعد مضي 5 سنوات. وأشار إلى أن من حق الدولة التي يقيم على أرضها ما يجاوز 85 % وافد أجنبي غير قطري وهو ما يعادل أكثر من ثلاثة أرباع المواطنين تقريباً أن تضع قيوداً لحماية أمنها واستقرارها، ومن حق صاحب العمل في هذه الدولة أن يشعر بالأمان والاطمئنان على عمله وأمواله ومصالحه، ومن حق الوافد أيضاً أن يقيم ويعيش حياة كريمة وأن يتمتع بكافة الضمانات والحقوق التي تحفظ له كرامته وحقوقه.. وفيما يلي تفاصيل الحوار: > في البداية كيف تتابع مشروع قانون تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم؟ - تأكيداً لما أعلنت عنه قطر مطلع السنة الحالية، عن نيتها التخلي عن نظام كفالة الوافدين واستبداله بنظام جديد يرتكز على عقد العمل الموقع بين العامل وصاحب العمل، مع إلغاء نظام مأذونية الخروج الحالي. وتأكيداً لما صرّح به سعادة وزير العمل والشؤون الاجتماعية في عدة مناسبات من أنه سوف ينتهي العمل بنظام الكفالة بنهاية العام الجاري. تأكيداً لكل ذلك، تلقت السكرتارية العامة لمجلس الشورى مذكرة من الأمانة العامة لمجلس الوزراء مؤرخة في السادس من أبريل 2015، جاء فيها أن مجلس الوزراء الموقر وافق في اجتماعه التاسع لعام 2015 المنعقد بتاريخ 4 /3 /2015 على مشروع قانون تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم، وعلى إحالته إلى مجلس الشورى لمناقشته طبقاً لأحكام الدستور. وقام مجلس الشورى بإحالة مشروع القانون المذكور إلى لجنة الشؤون الداخلية والخارجية لدراسته وتقديم تقرير بشأنه، وبجلسة الاثنين الخامس من رمضان 1436هـ الموافق 22 يونيو 2015 قدّمت اللجنة تقريرها للمجلس الذي قرّر أعضاؤه بالأغلبية إعادة المشروع إلى اللجنة ذاتها لمزيد من الدراسة. ومن المتوقع أن ينتهي مجلس الشورى من إعادة المشروع إلى مجلس الوزراء خلال دورته الحالية وقبل يوم 12 /7 /2015. والثابت من المقترحات والمناقشات للسادة أعضاء مجلس الشورى أنها تركزت على موضوعين أساسين هما (مأذونية الخروج) و(انتقال الوافد للعمل لدى صاحب عمل آخر) وهما الالتزامان اللذان تعهّدت الدولة باستبدالهما بنظام جديد يرتكز على العقود الموقعة بين الوافد العامل وصاحب العمل. الدولة حسمت أمرها بإلغاء نظام الكفالة بالنسبة للعمّال الوافدين كلياً واعتباره من الماضي، كما وان مجلس الشورى وافق على اتجاه الحكومة في هذا الصدد لإداركه المصالح العليا للدولة والوفاء بما تعهّدت به. > ما هي أبرز مواد القانون التي يجب التأني في إصدارها؟ - مجلس الشورى حريص في مناقشاته على ما سوف يتركه إلغاء نظام الكفالة من آثار سلبية على قطاع عريض من المواطنين القطريين حيث توقف أمام المادتين (7)، (21) من مشروع القانون المحال من مجلس الوزراء الموقر، إذ انتهت لجنة الشؤون الداخلية والخارجية إلى تعديل المادتين المذكورتين ذلك أن مؤدى المادة (7) من مشروع القانون المحال من مجلس الوزراء الموقر أنه يجب على الوافد للعمل أو المستقدم إبلاغ الجهة المختصة عن كل واقعة خروج قبل موعدها بـ 3 أيام عمل. > ما هو المستفاد من هذا النص؟ - المستفاد من هذا النص أن المشرّع القطري أصبح بصدد إلغاء إجراء حصول الوافد العامل على إذن من المستقدم (صاحب العمل) قبل مغادرته البلاد، وأصبحت الجهة المختصة هي الجهة التي سوف يحدّدها وزير الداخلية بذلك بشرط إبلاغها من الوافد للعمل أو المستقدم قبل ثلاثة أيام عن موعد سفر العامل، وبعدها يستطيع الوافد مغادرة البلاد دون الحصول على موافقة كتابية من المستقدم (صاحب العمل) أو مأذونية خروج كما هي معروفة حالياً، وبذلك أصبحت الجهة المختصة التي سوف يخولها وزير الداخلية القيام بهذا الإجراء هي التي سوف تعطي الموافقة للوافد بالسفر. ورأت لجنة الشؤون الداخلية والخارجية بمجلس الشورى إضافة فقرة إلى نص المادة (7) نصها: "وعلى الوافد للعمل إخطار مستقدمه قبل إبلاغ الجهة المختصة بواقعة خروجه من البلاد المشار إليها في الفقرة السابقة"، واستندت اللجنة بواقعة خروج الوافد ولسفره من البلاد ضرورياً وأن لا يكتفي فقط بإخطار الجهة المختصة. وتوقف أعضاء مجلس الشورى في مناقشاتهم لمشروع قانون تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم عند نص المادة (21) من المشروع المحال من مجلس الوزراء الموقر ومؤداه أنه يجوز للوافد العمل بعد موافقة الجهة المختصة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية الانتقال إلى صاحب عمل آخر فور انتهاء مدة عقد العمل محدّد المدة أو بعد مضي "5" سنوات على اشتغاله مع صاحب العمل إذا كان عقد العمل غير محدّد المدة، وأنه في جميع الأحوال لا يجوز الإخلال بالحقوق المقرّرة لصاحب العمل المستقدم بموجب أحكام قانون العمل المشار إليه أو عقد العمل المبرم مع الوافد للعمل. التنقل في العمل > ماذا يعطي هذا النص للوافد العامل؟ - هذا النص يعطي الوافد العامل الانتقال إلى صاحب عمل آخر دون ضرورة الحصول على موافقة من صاحب العمل أو المستقدم له، ويكتفي بموافقة الجهة المختصة بوزارة الداخلية ووزارة العمل بذلك، في حالتين هما: أولاً: عند انتهاء عقد عمل الوافد المحدّد المدة، بمعنى لو أن عقد عمل الوافد مدته سنة واحدة فإنه يحق له الانتقال إلى صاحب عمل آخر فور انتهاء مدة عقده، ولو أن مدة عقد ثلاث سنوات يكون انتقاله في حال ما إذا رغب في ذلك إلى صاحب عمل آخر بعد نهاية مدة الثلاث سنوات، وهكذا أي أن المعيار هنا هو نهاية عقد العمل محدّد المدة. ثانياً: أما إذا كان عقد عمل الوافد غير محدّد المدة ولم ينص فيه على مدة محدّدة تنتهي بحلولها عندها لا يحق له الانتقال للعمل لدى صاحب عمل آخر إلا بعد خمس سنوات من العمل لدى المستقدم له أو صاحب العمل، وفي الحالتين لابد من موافقة وزارة الداخلية ووزارة العمل. ورأت لجنة الشؤون الداخلية والخارجية بمجلس الشورى أن ما نصّت عليه المادة (21) على النحو السالف بيانه سوف تنشأ عنه أضرار تلحق بالمستقدم أو صاحب العمل لأنه تحمل نفقات استقدام الوافد سواءً من رسوم استخراج سمة الدخول أو شراء تذكرة طائرة أو تعليمه المهنة التي سوف يزاولها لأن معظم الوافدين الذين يتم استقدامهم للعمل لا تكون عندهم أي خبرة أو دراية بالعمل لدى مستقدميهم، والكثير من هؤلاء الوافدين بعد أن يتفهموا المهنة ويجدوا عروض عمل أفضل سوف يتركون العمل لدى المستقدم. واقترحت اللجنة تعديل المادة (21/ فقرة ثانية) إلى الآتي: "ولا يجوز للوافد للعمل الانتقال إلى صاحب عمل آخر إلا بعد قضائه مدتين أخريين مماثلتين لمدة عقد العمل محدّد المدة، أو بعد مضي عشر سنوات على اشتغاله مع صاحب العمل إذا كان العقد غير محدد المدة، وذلك بعد موافقة الجهة المختصة ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية". الكفالة ومأذونية الخروج > هل يكتب مشروع قانون دخول وخروج الوافدين وإقامتهم نهاية لنظام الكفالة ومأذونية الخروج في قطر؟ - نعم.. مشروع القانون جاء صريحاً بإلغاء نظامي الكفالة ومأذونية الخروج واستبدالهما بعقود العمل وإشعار مغادرة من الوافد برغبته السفر قبل 72 ساعة للجهة المختصة بوزارة الداخلية. من هنا فإن الحكومة تكون قد أسدلت الستار على نظام كفالة العمّال الوافدين الذي عمل به لأكثر من 50 عاماً منذ صدور أول قانون لإقامة الأجانب في عام 1963م، واستبعدت تماماً مصطلحات "الكفيل" و"المكفول" و"تأشيرة الخروج" و"كفيل الخروج" و"كفيل الإقامة" جميع هذه المصطلحات وغيرها ذات الصلة بنظام الكفالة أُلغيت في مشروع القانون الجديد، واستخدمت مصطلحات "المستقدم" وهو صاحب العمل و"الوافد للعمل" وهو العامل أو الموظف، وأصبحت ركيزة العلاقة فيما بين المستقدم والوافد العامل عقد العمل الذي يحدّد شروط تلك العلاقة، وحدّد مشروع القانون المسؤول عن إقامة الوافد وليس عن كفالة إقامة الوافد على النحو الآتي: "صاحب العمل، ورب الأسرة والمضيف بالنسبة للوافد الزائر والجهات المعنية بالدولة بالنسبة للوافدين لأغراض آخرى". موعد تطبيق القانون > متى يتم تطبيق القانون؟ - جاء نص المادة (50) من مشروع القانون على أن يعمل به بعد سنة من نشره في الجريدة الرسمية. ومؤدى ذلك أن مشروع القانون في حالة إقراره وإصداره ونشره في الجريدة الرسمية سوف لن ينفذ أو يطبق إلا بعد سنة من نشره، إذ سوف يبقى هذا القانون مجمداً إلى حين انتهاء السنة لحكمة ارتآها المشرع بغرض تحقيق مصالح اجتماعية واقتصادية ولتهيئة المخاطبين بالقانون لترتيب أوضاعهم ولاستيعاب متطلبات القانون، وكذلك لتقوم الجهات المختصة بإعداد ما يلزم من إدارات وأقسام وكوادر وظيفية لتفعيل ما تضمّنه القانون الجديد من أوضاع قانونية وتنفيذها على الواقع. جوهر التشريع > ما هو جوهر التشريع لنظام الكفيل؟ - قلنا في أكثر من مناسبة أن نظام كفيل الإقامة المعمول به حالياً وفقاً للقانون رقم (4) لسنة 2009 استمد نشأته وتقريره وتطبيقه على مدى العقود الخمسة السابقة من ضرورات واقعية، أمنية واجتماعية واقتصادية تعطي للدولة حقاً كاملاً في صيانة أمنها وكيانها وهويتها، وهو حق معترف به لجميع الدول وفقاً لمبادئ القانون الدولي والمعاهدات الدولية. ونظام الكفالة في حقيقته وأهدافه ومرماه يُعد إجراءً إدارياً قصد به تنظيم وضبط مركز الوافد فيما يتعلق بإقامته في الدولة في إطار التدابير والإجراءات والضمانات القانونية التي تهدف في الأساس لممارسة الدولة لحقوقها المشروعة في فرض سلطانها وهيمنتها من أجل حماية المجتمع القطري وهويته وكيانه من أي خطر قد يتعرّض له، لاسيما مع وجود هذا الخلل الرهيب في التركيبة السكانية والزيادة الكبيرة في أعداد الوافدين التي تجاوزت 85% من السكان. وبالتالي فإن من حق الدولة التي يقيم على أرضها ما يجاوز 85 % وافد أجنبي غير قطري وهو ما يعادل أكثر من ثلاثة أرباع المواطنين تقريباً أن تضع قيوداً لحماية أمنها واستقرارها، ومن حق صاحب العمل في هذه الدولة أن يشعر بالأمان والاطمئنان على عمله وأمواله ومصالحه، ومن حق الوافد أيضاً أن يقيم ويعيش حياة كريمة وأن يتمتع بكافة الضمانات والحقوق التي تحفظ له كرامته وحقوقه. وقد ضمن الدستور القطري له ذلك فيما ذهب إليه في نص المادة (52) من أن يتمتع كل شخص مقيم في الدولة إقامة مشروعة بحماية لشخصه وماله، وفقاً لأحكام القانون. إن المشرّع القطري بفرضه نظام الكفيل إنما كان يهدف في الأساس إلى تنظيم إقامة الوافد في الدولة وفرض سيادتها وسلطتها من أجل حماية المجتمع القطري، ولم يكن القصد من هذا الإجراء الإساءة إلى العامل الوافد أو الانتقاص من حقوقه أو كرامته، لأنه مع غياب الضوابط التي تحدّد إقامة الأجانب في الدولة سوف تعم الفوضى، بما يبرز العديد من المشكلات سواءً على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي، بما يزعزع الاستقرار في المجتمع. عدم التسرّع >هل يجب منح مزيد من الوقت لمناقشات مشروع قانون تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم ؟ - نعم.. ومن هنا جاءت مناشدة السادة رئيس وأعضاء مجلس الشورى المحترمون بعدم التسرّع بإصدار القانون إلا بعد دراسته من جميع النواحي، واستكشاف المشكلات التي قد تنتج عن إلغاء نظام الكفالة الذي تجذر في المجتمع منذ أكثر من نصف قرن من الزمان. فإصدار هذا القانون بحاجة إلى أن تواكبه جملة من الإجراءات والاستعدادات، والكوادر البشرية المدربة، وإعداد اللوائح التنفيذية، وإنشاء قاعدة بيانات عن العمالة الوافدة تشتمل على جميع المعلومات الدقيقة والتفصيلية عن الوافد المقيم في الدولة، وإعداد نماذج لعقود عمل موحّدة تشتمل على شروط واضحة وصريحة تحدّد التزامات وواجبات الموقعين عليها. وتخصيص إدارات لشؤون الوافدين لإنجاز ما تضمّنه مشروع قانون تنظيم دخول وخروج الوافدين واقامتهم، ولمتابعة ما سوف ينجم عن ذلك من إجراءات. كما ويتعين معالجة كافة الأسباب المؤدية إلى بطء التقاضي وفض منازعات العمل بجميع أنواعها لدى المحاكم، وأن تحسم تلك المنازعات في آجال قصيرة.
مشاركة :