بالغ الخبراء في التوجس من احتمال وقوع موجة ثانية لجائحة كورونا، وفق ما أكده أطباء أشاروا إلى أن الفايروس بدأ يفقد قوته ويصبح أقل فتكا وأنه لم يعد موجودا سريريا. وقد بنى الأطباء رأيهم على ما أظهرته المسحات الحديثة التي أخذت على مدى الأيام العشرة الماضية مقارنة بالمسحات التي أخذت قبل شهر أو اثنين لعينة من الفايروس. روما - أعربت بريطانيا وألمانيا عن مخاوف من اندلاع موجة جديدة من وباء كورونا في الوقت الذي بدأت فيه بعض الدول التفكير في تخفيف إجراءات الحظر الصحي والإغلاق الاقتصادي، لكن ما توصلت إليه نتائج أحدث المسحات في إيطاليا يبدد مخاوف البلدين وغيرهما. وقد اعتبر الطبيب الإيطالي البارز ألبرتو زانغريلو أن فايروس كورونا المستجد بدأ يفقد قوته وأصبح أقل فتكا، معلنا أنه لم يعد موجودا سريريا في إيطاليا. وقال زانغريلو، الذي يرأس مستشفى سان رفاييل في ميلانو بمنطقة لومبارديا في شمال البلاد الذي تحمل العبء الأكبر لعدوى فايروس كورونا في إيطاليا، متحدثا لمحطة “راي” التلفزيونية الإيطالية “في حقيقة الأمر الفايروس لم يعد موجودا من وجهة النظر السريرية في إيطاليا… ويمكنني التوقيع على هذا الكلام”. وتابع “المسحات التي أخذت على مدى الأيام العشرة الماضية أظهرت حمولة فايروسية متناهية الصغر من حيث الكمية مقارنة بالمسحات التي أخذت قبل شهر أو اثنين”. وأردف “على مدار 3 أشهر تم عرض مجموعة أرقام علينا لا أساس لها من الأدلة ولا تحمل أي قيمة… وأدى ذلك إلى إغلاق البلاد”. وأضاف زانغريلو أن بعض الخبراء يبالغون في التوجس من احتمال وقوع موجة ثانية من الجائحة، لذا يتعين على الساسة وضع الواقع الجديد في الحسبان. وقال المسؤول الصحي الإيطالي “علينا أن نعود كبلد طبيعي… ويجب أن يتحمل أحد المسؤولية عن ترهيب البلد”. وتعتبر إيطاليا الدولة الـ3 عالميا من حيث عدد الوفيات بفايروس كورونا المستجد بـ33415 شخصا منذ ظهور التفشي في 21 فبراير، والسادسة من حيث عدد الإصابات الذي يبلغ 233019. لكن الإصابات والوفيات اليومية انخفضت بشكل لافت ومستمر على مدار مايو، بينما أطلقت حكومة البلاد عملية تخفيف بعض قيود العزل التي تعد الأشد صرامة بأنحاء العالم. وعلى الرغم من ذلك، دعت الحكومة الإيطالية إلى توخي الحذر، قائلة “إن إعلان النصر ما زال بعيدا”. وأكدت مساعدة وزير الصحة ساندرا زامبا في بيان “بينما ننتظر الأدلة العلمية الداعمة لفرضية اختفاء الفايروس… أدعو الذين يدعون تأكدهم من ذلك إلى عدم إرباك الإيطاليين”. وأضافت “بدلا من ذلك علينا أن ندعو الإيطاليين إلى الحفاظ على أقصى درجات الحذر والإبقاء على التباعد بين الأشخاص وتجنب التجمعات الكبيرة والمداومة على غسل اليدين واستخدام الكمامات”. المسحات التي أخذت على مدى الأيام العشرة الماضية أظهرت حمولة فايروسية متناهية الصغر مقارنة بالمسحات التي أخذت سابقا وكان الدكتور يحيى مكي عبدالمؤمن رئيس قسم الفايروسات التنفسية والسرطانية في المعهد الطبي الفرنسي التابع للمستشفى الجامعي كلود برنار في مدينة ليون الفرنسية، قد اعتبر أن فايروس كورونا المستجد تكمن خطورته في أنه فايروس معد، وقد يتحول إلى مرض فتاك فقط بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو أجهزة مناعتهم ضعيفة. ودعا مكي، الخبير المستشار لدى منظمة الصحة العالمية في مجال علم الفيروسات، إلى عدم التهويل من خطورة الفايروس، لأن الآلاف من المرضى شفوا منه تماما من دون أدوية، بفضل أجهزة المناعة الطبيعية. وأكد أن لا مخاوف إلى حد الآن منه، ما لم تدخل عليه طفرات جينية، متوقعا إيجاد لقاح للفايروس قريبا. من جهته كشف عالم الأوبئة الياباني الأستاذ في جامعة كوبي، كانتارو إيواتا عن أسباب محتملة لانخفاض معدل الوفيات الناجمة عن الفايروس التاجي في آسيا. ورأى العالم الياباني المتخصص، والذي عمل في السابق مستشارا علميا لسلطات بلاده، أن خصائص وراثية لدى الآسيويين ربما سهّلت عليهم التغلب على الفايروس التاجي، أو لعلهم اكتسبوا المناعة من خلال التغلب على فايروسات أخرى، غير مستبعد أن يكون اللقاح ضد السل قد لعب دورا في هذا المجال على الرغم من أن بعض الدراسات دحضت هذه الفرضية. ولفت أيضا إلى احتمال أن يكون تميز سكان الدول الآسيوية بأنهم أقل عرضة للسمنة أو الجلطات الدموية أو ارتفاع ضغط الدم، يقلل من تعرضهم للفايروس. ومع نهاية شهر أبريل أسدل العالم الستار على أقسى الشهور التي عاشها تحت وباء فايروس كورونا بإصابات تجاوزت ثلاثة ملايين و267 ألفا، ووفيات قاربت الـ238 ألفا، وحالات تعاف بلغت 1.033.115. وفي الولايات المتحدة تجاوزت الإصابات في نهاية شهر أبريل عتبة المليون حالة (1.078.810) وهي البلد الذي سجل أعلى عدد وفيات (62551) وفقا لموقع وورلد ميتر. وتأتي إيطاليا ثانية في عدد الوفيات مسجلة 27 ألفا و967 وفاة، ثم بريطانيا (26 ألفا و771 وفاة) وإسبانيا (24 ألفا و543 وفاة) وفرنسا (24 ألفا و376 وفاة). وعلى مستوى الإصابات تأتي إسبانيا في المرتبة الثانية عالميا بعد الولايات المتحدة مسجلة 239 ألفا و639 إصابة. وكان خبراء قد توقعوا موجة ثانية من وباء كورونا مؤكدين أن الأوبئة التي اندلعت في السابق شهدت أنماطا مختلفة مثل وباء الإنفلونزا الذي تفشى عام 1918 وقتل أكثر من 50 مليون شخص ويعتبره البعض مرجعا للأوبئة التي تفشت على عدة مراحل كانت كل مرحلة منها أكثر فتكا من التي تسبقها. كما أكدوا أن هناك أوبئة أخرى من الإنفلونزا وكان بينها وباء وقع بين عامي 1957 و1968 تفشى على عدة موجات، كما حدث أيضا مع فايروس إنفلونزا “إتش1 إن1” عام 2009 الذي بدأ بموجة أولى في شهر أبريل ثم موجة ثانية في الخريف في الولايات المتحدة ونصف الكرة الأرضية الشمالي. ويستخدم دارسو هذه الأنماط من التفشي الوبائي نماذج محاكاة تراعي عدة شروط، بينها أساليب استخدام اللقاحات وطرق عملها وسلوك الفايروسات وممارسات السلطات الصحية في مواجهة الوباء، علاوة على السلوك المجتمعي ونسب المواطنين الذين يحصلون على مناعة من الأوبئة ويطلق عليها “مناعة القطيع”.
مشاركة :