الحكم على ملامح الوجه

  • 7/2/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

التفتت إلي جارتي في المجلس وهمست في أذني، احذري من تلك الجالسة أمامك إنها تبدو غير مريحة! ابتسمت لها وسألتها: ما الذي يجعلك تشعرين بذلك؟ قالت: ملامح وجهها، في شكلها شيء غير مريح، شيء يوحي بالشك فيها!! كثير هم الذين يعتقدون أنهم يستطيعون معرفة أخلاق الشخص من خلال ملامح وجهه، فيبنون أحكامهم عليه وفق معرفتهم غير الموثوقة. الإيمان بأن ملامح وجه الإنسان تعكس فكره وشخصيته وطباعه، موجود منذ القديم بما يعرف بعلم الفراسة، وهو من العلوم التي عرفها العرب واشتهروا بها، خاصة في مجال تحديد النسب والقربى الذي اطلقوا عليه تحديدا اسم (القيافة). وفي الزمن المعاصر التقط بعض علماء النفس طرف ذلك العلم القديم ليبنوا عليه ويخرجوه في ثوب مطور جديد اطلقوا عليه علم (قراءة ملامح الوجه)، حيث يقول أولئك العلماء إن بالامكان اكتشاف طباع الإنسان وتحديد نوع قدراته الفطرية وميوله الذاتية من خلال قراءة ملامح وجهه وشكل أعضاء جسده، وزادوا على ذلك، بالقول بامكانية معرفة ما يفكر فيه الانسان نحوك وموقفه منك وفيم ان كان صادقا معك أو يكذب عليك، وذلك من خلال مراقبة حركات جسده ومعرفة دلالاتها في علم اسموه (لغة الجسد)، ثم أخذوا في تسويق تلك العلوم على الناس من خلال تأليف الكتب حولها وتقديم محاضرات عنها، وإقامة دورات تدريبية عليها!! ومن المؤكد أن تلك العلوم تقوم على افتراضات واستنتاجات، لا يدعمها دليل علمي يقطع بصحتها، وكم من مرة اختلفت الحقيقة عما تقوله الملامح أو الحركات، ويعرف هذا جيدا كل من خدع باعتماده على ما توحي له به قراءة ملامح الوجه سلبا أو إيجابا، فهناك فرق كبير بين أن تحكم على الإنسان من خلال تعاملك معه وتجربتك له، وأن تحكم عليه لمجرد شكل أنفه أو ذقنه أو نظرة عينه. أسوأ ما في الأمر أن الناس متى آمنوا بصدق ما تقوله تلك العلوم وصاروا يطبقون ما يتعلمونه منها على الآخرين، وقعوا في شرك سوء الظن المنهي عنه، وقد ينتهي بهم الأمر إلى الشك في أناس لا خوف منهم، والاطمئنان إلى أناس هم الأولى بالاتقاء منهم. بامكان الناس أن يؤمنوا بعلم الفراسة ما شاءوا، لكن الشيء الذي يجب أن لا يغيب عنهم هو أن الأشخاص تتغير طبائعهم وتتبدل شخصياتهم من ظرف لآخر، ومن مرحلة عمرية إلى غيرها، أما ملامح وجوههم فإنها تظل ثابتة لا يعتريها تغير!!

مشاركة :