شيماء المرزوقي عام 1999 أدلى المؤسس والمشارك في شركة «صن ما يكروسيستمز»، سكوت ماكنيلي، بتصريح لوسائل الإعلام في حفل بمناسبة إطلاق نظام حاسوبي جديد، قال فيه: «لم يعد لديكم أي خصوصية، تقبلوا هذا الأمر» وقد أحدثت هذه الكلمات موجة من النقد والنقاش والحوار وعبّر الناس عن مخاوفهم. ولكم تخيلوا أن تُسمع هذه الكلمات الآن في عصرنا الحاضر، هل تتوقعون أن تحدث ردّة فعل من النقد وموجة من الجدل والآراء المتضادة نسمع خلالها من يدافع عن الخصوصية الشخصية ومن يتحدث عن رفض انتهاك أسرار الناس؟ هذا الجانب، هو الذي أريد توضيحه، فالتطور البشري لم يكن محصوراً في تطور الأجهزة والتقنيات الحديثة وحسب، بل شمل تطوراً في آراء الناس ووجهات نظرهم، فما كان بالأمس يثير ويسبب موجة من الردود والمخاوف وجدلاً طويلاً لا يكاد يتوقف، سيصبح بعد عام أو عقد من الزمن كأنه موضوع عابر هامشي لا قيمة له، ولا أحد يلتفت أو ينتبه أو يوليه العناية.هل هذا بسبب التّعود؟ وأقصد أن الناس تعودوا على طرح تلك المواضيع الجدلية حتى ملّوها، أم أن التقنيات الحديثة تجاوزتهم وتجاوزت حتى مخاوفهم؟ وكأنه قد قيل لهم: من يريد الاستمرار في هذه المخاوف ورفع شعار الخصوصية، فيمكنه الابتعاد عن الأجهزة الحديثة، فلا يستخدم الهاتف الجوال ولا تطبيقاته المتنوعة، ولا يدخل على شبكة الإنترنت. لذا بات هناك فهم وانسجام وموافقة ضمنية على التخلي عن تلك الخصوصية.أحد مهندسي الهواتف الذكية يقول بأنه مهما اعتقد الناس أن هواتفهم يمكن إزالة المعلومات منها وحذفها، مثل الصور ومقاطع الفيديو، فإنه يمكن استعادتها؟ ولا أعلم مدى صحة هذا الكلمات، لكن هذا يوضح أن ما نضعه في هذه الأجهزة يكون كالبصمة الثابتة التي تصعب إزالتها أو التخلص منها، ومن الممكن أن البعض قد لاحظ أن هناك مواقع وتطبيقات ترفض تقديم الخدمة المطلوبة، إلا بعد الموافقة على مشاركتها معلوماتك المختلفة الموجودة على جهازك الذكي. الذي حدث أنهم لم ينتهكوا الخصوصية، فقد منحتهم الموافقة. في هذا السياق كم أتمنى أن يقوم المبتكرون والتقنيون بتوجيه وإرشاد الناس، وتعليمهم مهارات تحميهم وتحمي خصوصيتهم، لأنه من المؤكد أن هناك بدائل وطرقاً قد لا تريد الشركات المختصة أن يعرفها السواد الأعظم من الناس. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com
مشاركة :