أهمية الدعم النفسي للطواقم الطبية في مواجهة (فيروس كورونا)

  • 6/3/2020
  • 01:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

قدمت مملكة البحرين للعالم تجربة رائدة في مكافحة وباء كورونا – كوفيد 19 – ذلك الوباء الذي جعل دول العالم في مواجهة خطر من نوع جديد. ولذا استنفرت كل الدول إمكانياتها وطاقاتها لمواجهة هذا الوباء. وفي الصفوف الأمامية كان هناك ما أطلق عليهم بحق بـ(الجيش الأبيض), وهم الطواقم الطبية من الأطباء والممرضين والعاملين في هذا المجال الذين عرضوا حياتهم للخطر عندما كانوا هم في المواجهة ضد هذا الفيروس القاتل – كوفيد 19 -. وفي مملكتنا كان للطواقم الطبية الدور الأكبر في مكافحة هذا الفيروس ولذا هم بحاجة الآن إلى الدعم النفسي والمعنوي بسبب ما نتج عن هذا الوباء من أخطار وضغوط نفسية واجتماعية وصحية مثل تلك التي طالت بعض الأطباء والممرضين والعاملين لدى بعض الدول الأخرى. لذا وضعت منظمة الصحة العالمية دليلا ارشاديا تسترشد به الدول في هذا الشأن لمواجهة هذا الوباء المستجد. ولعل أكثر ما تعرضوا له من هذه الضغوط النفسية هو خوفهم من الإصابة بالعدوى مما ولد لديهم بدوره قلق الشعور بالموت يصاحبه نوع من التوتر والقلق النفسي. لأنهم كبشر يخافون على صحتهم وحياتهم رغم أن لديهم من الأجهزة الطبية التكنولوجية التي توفر لهم الحماية إلا أن بعضهم ذوي عواطف هشة قد لا يستطيعون مواجهة المواقف المرعبة أو التعامل معها. وأغلبهم هم من الأطباء قليلو الخبرة. ولذلك هنا يكون الدور المهم للأطباء ذوي الخبرة الطويلة لمساعدة هؤلاء الأطباء لأكسابهم مهارات عملية لمواجهة مثل هذه الأزمات لديهم والتخفيف من مشاعرهم السلبية. فهم كبقية البشر يمتلكون مشاعر إنسانية تتعلق برقابة الضمير الإنساني الذي يجعلهم كالمقاتل في المعركة. وهناك أنواع أخرى من الضغوطات حيث كانت هناك الضغوط المعيشية والأسرية التي واجهوها, وذلك لأنهم أفراد من المجتمع لهم أسرهم التي تحتاج إليهم في معيشتها ولديهم أبناء يحتاجون للرعاية من الآباء الذين يخططون لمستقبلهم والتزاماتهم الحياتية, وخوفهم من نقل العدوى إلى أفراد أسرهم أو أصدقائهم. ولذلك نجد أن بعض الدول تخصص دورات تدريبية للطواقم الصحية لإعدادهم لأي أزمة قد تحدث لذلك. لا بد من تخصيص اختصاصيين نفسيين وذوي الخبرة لحل مشاكلهم والتخفيف من معاناتهم.كذلك هناك الضغوط المهنية التي تتعلق بأخلاقيات المهنة وميثاقها الذي أقسموا عليه وخاصة الأطباء حيث العزلة التي يعيشون فيها في عملهم وطول ساعات العمل والملل الذي يتسرب اليهم مما جعل بعض الدول توجد مساكن للطواقم الطبية في أماكن قريبة من المحاجر الصحية. ومن الدراسات العلمية التي تمت في مجال أهمية الدعم النفسي للطواقم الطبية ما قام به الطبيب فيليب نوس رئيس قسم الأمراض النفسية في مستشفى سانت أنطوان في باريس والباحث المتخصص في أمراض الفصام في جامعة السوربون حيث تركزت الدراسة على أوضاع العاملين في النظام الصحي الفرنسي وتقديم المشورة للأطباء ومقدمي الرعاية الآخرين حول ضغط عملهم وذلك بعد التداعيات السلبية التي يتعرض لها الأطباء أثناء إدارتهم للأزمات. منذ بداية أزمة كورونا تحدث نوس إلى حوالي 100 شخص من العاملين في المجال الطبي، أطباء، ممرضات ومساعدي الممرضات والمنظمين, وخلال هذه المحادثات لاحظ نوس أن العاملين في المجال الطبي يعانون من ضغوط نفسية نتيجة آليات العمل غير المنظمة ونقص المعدات الطبية، واستمرار أمد الأزمة، إضافة إلى ضغوط أخرى، تتعلق بحرمانهم من النوم، الإرهاق، والشعور بالذنب بعد وفاة المصابين.لذلك لجأت بعض الدول إلى وضع برامج لحماية الطواقم الطبية نظرًا إلى الآثار السلبية التي تعرضت لها هذه الطواقم, ليس فقط من الناحية الصحية إنما كذلك النواحي النفسية مثل الإجهاد والقلق وأعراض الاكتئاب والأرق والإنكار والغضب والخوف. كل ذلك ينعكس على انتباه العاملين الطبيين وفهمهم وقدرتهم على اتخاذ القرار مما قد يعوق المعركة ضد الفيروس.وبناءً على كل ما سبق لا بد من الإشارة الى تحقيق بعض الاحتياجات للقطاع الطبي لتحفيزهم وبث روح الدافعية الداخلية لديهم لمواجهة أي وباء آخر مثل: ‭{‬ ضرورة الاستمرارية في تطوير خطط الطوارئ وجعلها قائمة على أسس علمية لدى الجهات المعنية وخاصة وزارة الصحة.‭{‬ ضرورة وجود البحوث العلمية المتعلقة بالكوارث والأزمات من قبل مؤسسات التعليم العالي في مجال البحوث المختصة بإدارة الأزمات.‭{‬ أهمية تعميق الوعي المجتمعي عند الجمهور من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وتضمينها برامج تتعلق بالرعاية الصحية وأضرارها على الفرد والمجتمع وضرورة الالتزام بالتعليمات وبكافة الإجراءات الواجب اتخاذها للحد من انتقال الفيروس بعيدًا من الهلع والهواجس التي لا أسس لها.‭{‬ تطوير الكوادر الطبية الوطنية من خلال الدورات العلمية سواء في الداخل أو الخارج وتصنيفهم وتطوير الكادر المهني الهيكلي وبرامج الترقيات بما يتلاءم مع طبيعة العمل الطبي.‭{‬ إيجاد محاجر صحية مجهزة لاستقبال المصابين والمتضررين نفسيًا وبدنيًا للاحتراز من أي كوارث طبيعية أو بشرية قد تحدث في المستقبل. وختامًا تحية تقدير وإجلال لجميع الطواقم الطبية والمتطوعين. وحفظ الله مملكة البحرين ملكًا وحكومة وشعبًا من كل مكروه.

مشاركة :