ألقت جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-»19 بظلالها الكثيفة على كافة جوانب حياتنا اليومية، ولا شك أن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول للحد من انتشار الفيروس، وفرض حياة العزلة لفترة طويلة أثرت بالسلب على الصحة النفسية، وسببت العديد من الإضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب، خاصة مع الفئات الأكثر عرضة والتصاقا بالمرض مثل العاملين في الصفوف الأمامية لمواجهة المرض من الكوادر الطبية والتمريضية والفنية والمصابين والمخالطين وأسرهم. وبحسب نتائج دراسة حديثة لمنظمة الصحة العالمية، أظهرت إنه خلال تفشي الجائحة، أبلغ 47% من العاملين في مجال الرعاية الصحية في كندا عن الحاجة إلى الدعم النفسي، كما أبلغ نصف العاملين في مجال الرعاية الصحية في الصين 49% عن إصابتهم بالاكتئاب، فيما أفاد 42% من العاملين في مجال الرعاية الصحية في باكستان، إصابتهم بالاضطراب النفسي المعتدل، و 26% بالاضطراب النفسي الشديد. وفي بحث نشرته دورية «ذا لانسيت سايكايتري» أكدت فيه أن الإمعان في العزل الاجتماعي والوحدة والقلق والتوتر والإعسار المالي هي بمثابة عواصف قوية تجتاح الصحة النفسية للناس. بدوره أكد الدكتور محمد الجارحي استشاري الطب النفسي المدير الطبي في جناح العلوم السلوكية في مدينة الشيخ خليفة الطبية التابعة لشركة «صحة» في لقاء مع البيان» أن الخوف من العدوى والتباعد الاجتماعي والعزلة بسب جائحة كورونا المستجد نتج عنها مجموعة من الضغوط النفسية مثل الشعور بالقلق والخوف من المستقبل والاكتئاب بأنواعه، كما أثرت سلبا على المرضى النفسيين الذين كانوا يعانون من الأمراض النفسية في السابق ويأخذون أدويتهم وحالتهم مستقرة ولدى انتشار المرض في العالم تفاقمت حالتهم بصورة كبيرة، لافتا إلى أن الجائحة العالمية تركت تأثيرات سلبية على الصحة النفسية بشكل عام تتلخص في ظهور حالات وأنماط جديدة للأمراض النفسية، وتفاقم الحالات المرضية المصابة بالأمراض النفسية في السابق، فضلا عن توقعات بظهور ما يسمي بـ «الكرب» أو الاضطرابات النفسية التي تظهر بعد انتهاء الأزمة. وأشار إلى أن القلق يعتبر استجابة طبيعية للوضع الذي نعيشه حاليا ويمكن لأي فرد أن يتعرض إلى موجات من هذا القلق خاصة مع الاستمرار في متابعة الأخبار السلبية المتعلقة بوباء كورونا مختلف أرجاء العالم، مؤكدا أن الأطفال وكبار السن والأشخاص الأقل صلابة في مواجهة الأزمات هم أكثر الناس عرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية، ونصح بأهمية أن يجنب الإنسان نفسه متابعة الأخبار والتقارير السلبية والمبالغ فيها أحيانا حول فيروس كورونا الجديد لأن ذلك من شأنه أن يؤجج الاضطرابات النفسية. وأكد على أهمية الاعتقاد بأن وباء كورونا المستجد سينتهي عاجلا أم آجلا، وتتبع الاخبار الخاصة بمرض كورونا من المصادر الرسمية والموثوقة لمرة أو مرتين خلال النهار، لتكوين المعلومات الصحية حول المرض وطرق تجنب العدوى به وحماية الأهل والأسرة من تبعاته. يشار إلى أن دراسة بريطانية حول مدى تأثر المصابين بأمراض نفسية من الشباب بوباء كورونا المستجد وجدت أن 32 % من الشباب من ذوي تاريخ احتياجات الصحة النفسية في المملكة المتحدة أفادوا بأن الوباء جعل صحتهم العقلية أسوأ بكثير وبشكل عام، تشير الدراسات الميدانية التي أجريت هذا العام إلى أن ما يقرب من النصف 45% من الأشخاص في الولايات المتحدة، قد أبلغوا عن ضيق ما خلال وباء فيروس كورونا المستجد. وأضاف الدكتور الجارحي أن شركة أبو ظبي للخدمات الصحية «صحة» أولت دعم جوانب الصحة النفسية وتعزيز الجانب الاجتماعي لكافة أفراد المجتمع منذ بداية انتشار جائحة كورونا المستجد وعمدت إلى تعزيز ودعم الصحة النفسية للمصابين والمخالطين وكذلك المتواجدين في العزل الصحي، والتركيز على الكوادر الطبية والتمريضية والفنية خاصة العاملين في الصف الأمامي لمواجهة الوباء، وذلك لأنهم يتعرضون لضغوط نفسية كبيرة خلال عملهم اليومي مع المرضى والمصابين، مشيرا إلى شركة «صحة» فتحت منذ انتشار الوباء خصصت قنوات مباشرة وخطوط ساخنة بين أفراد المجتمع والكوادر الطبية في الصف الأمامي وبين أطباء الصحة النفسية للتعامل السريع مع أية مشاكل نفسية محتملة، إلى جانب تكثيف قنوات التواصل لتوعية أفراد المجتمع. وأضاف أن عمليات التقييم التي يجريها المتخصصين في جناح العلوم السلوكية في مدينة خليفة الطبية للمرضى لا تقتصر فقط على جلسات الدعم النفسي عن بعد بل قد تصل إلى عدة جلسات مباشرة وتقديم الأدوية اللازمة لجميع المرضى، وذلك بعد أخذ جميع الاحتياطات والاجراءات الوقائية لتجنب العدوى. وحول سؤال يتعلق بآلية إدخال المرضي إلى مستشفى الطب النفسي في ظل انتشار فيروس كورونا؟ أشار الدكتور الجارحي إلى أن آلية العمل مستمرة سواء في متابعة المرضى المنومين في أجنحة المستشفى أو من خلال المرضى المترددين على العيادات مع الالتزام بكافة إجراءات التعقيم وإجراءات التباعد الجسدي وعزل المصابين بالفيروس وأخذ كافة الاحتياطات الصحية وفق أرقي المعايير لتجنب إصابة الكوادر الطبية والتمريضية وكذلك المرضى والمترددين. وأوضح أن المشاكل النفسية تؤثر بصورة عامة على عافية الناس، خاصة في أوقات الأزمات والجائحات الصحية وأن قلة الوعي بأهمية الدعم النفسي والاجتماعي في مثل هذه الظروف يزيد من المشاكل النفسية لأن هناك عدد كبير من التدخلات الفعالة في الجوانب الدوائية والنفسانية قادرة على دعم وتعزيز الصحة النفسية لجميع فئات المجتمع، مؤكدا أن جميع الأدوية والعلاجات الخاصة بالصحة النفسية متوفرة في إمارة أبو ظبي والدولة بشكل عام وكثير من الأدوية التي يتم صرفها تقوم شركة صحة بتوصيلها إلى المنازل. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :