تكشف تصريحات المسؤولين الإيرانيين أن محاولات بلادهم في الالتفاف على العقوبات الأميركية ومكابرتها بعدم تضرر الاقتصاد باءت بالفشل خصوصا بعدما أقرّ المصرف المركزي بصعوبة الوصول إلى الاحتياطات المالية من النقد الأجنبي بفعل القيود المشددة على تعاملاتها. طهران - تعكس تصريحات محافظ البنك المركزي بأن إيران لا تستطيع الوصول إلى احتياطاتها المالية مدى تخبط البلد في بحر من الصعوبات الاقتصادية جراء سيل العقوبات الأميركية، التي كبحت تصرف البلد في موارده المالية. ومنذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع طهران في مايو 2018 حلت بإيران كوابيس على المستوى الاقتصادي تجلت في انحسار عوائد النفط بعد امتناع بلدان آسيوية عن استيراد النفط الإيراني تخوفا من الرد الأميركي. وعصفت جائحة كورونا التي كانت أشد فتكا من العقوبات الأميركية بما بقي من مصادر التمويل حيث تسببت في غلق كافة منافذ التجارة وقوّضت مفاصل الاقتصاد وزادت من التحديات الاجتماعية مع تدهور القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار. ومع فشل كل محاولات المكابرة في تغطية الخراب الاقتصادي أقر محافظ المركزي عبدالناصر همتي الثلاثاء أنه “لا يمكن الوصول إلى الاحتياطات النقدية رغم وضعها الممتاز”. ونقلت وكالة فارس الإيرانية عن همتي قوله، خلال جلسة استماع في البرلمان “نسعى عبر الضغوط والمقايضات للاستفادة منها، وذلك في ظل العقوبات الاقتصادية الأميركية”. وأوضح أنه تم في السنة المالية المنتهية في 19 مارس الماضي الاستفادة من جزء من أرصدة النقد الأجنبي، مشيرا إلى أن بلاده لم تواجه أي مشاكل في توفير السلع الأساسية، بحيث تم استيراد أدوية بقيمة 4.5 مليار دولار. وأشار إلى أن انخفاض الصادرات النفطية خلال الأشهر الماضية أحدث صدمة تضخمية وأدى إلى التركيز على الإنتاج الوطني وتقليل الاعتماد على إيرادات النفط. عبدالناصر همتي: لدينا احتياطات نقدية لكن لا نستطيع الوصول إليها عبدالناصر همتي: لدينا احتياطات نقدية لكن لا نستطيع الوصول إليها وبينما لم يذكر همتي حجم الاحتياطيات الإيرانية من النقد الأجنبي، لكن صندوق النقد الدولي يقدرها بنحو 86 مليار دولار في الوقت الحالي، أو بنسبة أقل بنحو 20 في المئة من المستوى في عام 2013، عندما أجبر الضغط المالي العالمي إيران على التفاوض بشأن برنامجها النووي وكانت طهران طلبت من صندوق النقد في السادس من مارس الماضي قروضا بخمسة مليارات دولار للمساعدة في تمويل جهودها لمكافحة فايروس كورونا ودعم الاقتصاد المتضرر من جراء العقوبات الأميركية. ولكن الإدارة الأميركية أكدت رفضها منح إيران هذا التمويل واتهمتها بأنها تسعى لتوفير تمويل “لأغراضها الفاسدة”. وتتخوف إدارة ترامب من أن تستغل طهران أي دعم يقدم لها لمواجهة تداعيات كورونا بتوجيهه نحو برامجها النووية الأمر الذي ترفضه واشنطن بشدة. وانخفضت قيمة الريال الإيراني مقابل الدولار بنحو 70 في المئة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق، ما أدى لارتفاع التضخم إلى 51 في المئة من نحو 8 في المئة قبل ذلك. وكان مسؤولون أميركيون قد قالوا في ديسمبر الماضي إن واشنطن لديها معلومات تشير إلى أن الموارد المالية لإيران في وضع أسوأ من التوقعات السابقة، وأن تلك المشاكل تقربها من أزمة مالية. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن المسؤولين قولهم حينها إن “إيران تستخدم آخر ما لديها من احتياطات النقد الأجنبي، والتي تعد مؤشرا حاسما على قدرة البلاد في السيطرة على القوى الاقتصادية وعلى استيراد المعدات والإمدادات”. لكن الوضع على الأرجح أكثر صعوبة، بحسب ما صرح به براين هوك المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأميركية حول إيران. وقال في وقت سابق هذا العام إن المعلومات السرية تشير إلى أن طهران يمكنها الوصول إلى 10 في المئة فقط من تلك الاحتياطات النقدية، نظرا لأن العقوبات المفروضة على القطاع المالي تمنع الحكومة من الوصول إليها. وأوضح أنه إذا كانت إيران ستمنع المزيد من تسارع زيادة الأسعار، فسوف يتعين عليها أن تحرق المزيد من الاحتياطات. وأشار إلى أنه بالنظر إلى “العقوبات الحالية على أهم الصادرات المدرة للدخل، فإن هذا ببساطة غير مستدام بالنسبة للنظام”. ووفق التوقعات، فإن إيران حتى لو تمكنت من الوصول إلى كامل المبلغ الذي توقعه صندوق النقد، إلا أنه يقدر أيضا أنها ستحرق 20 في المئة أخرى من الاحتياطات بنهاية العام الجاري في ظل أزمة الوباء وتريد الحكومة الإيرانية من هذه الخطوة المحافظة على سعر صرفها مستقرا وخفض التضخم، والذي يبلغ هذا العام 36 في المئة وهي نسبة أعلى قليلا من عام 2013. ويرى محللون أن الإقدام على ذلك سيجعل البنك المركزي قادرا على تغطية أقل من عام واحد من قيمة الواردات.
مشاركة :