بيروت: هناء توبي من غرف صغيرة، وبمبادرات شبابية، انطلقت إذاعات إلكترونية «أون لاين» حققت خلال فترة وجيزة نسب تفاعل عالية، وجذبت إليها جمهوراً كبيراً من المستمعين؛ لتغير شروط وآلية عمل الإذاعة، وتنقلها من الاستديوهات المجهزة بتقنيات عالية، إلى غرف في المنازل مزودة بشاشات إلكترونية وهواتف نقالة تسمح بالبث والتفاعل بين المذيعين والمستمعين، وتوفر بثاً افتراضياً؛ فتكسر الملل وتخلق فضاء رحباً للتواصل المجتمعي والصداقات حول العالم. التجارب الشبابية الإلكترونية في لبنان بدأت قبل أشهر؛ عبر تأسيس إذاعات: «انتيكا» و«نوستالجيا» و«راديو المطلقات للأسرة»، وتلتها: «نساء» و«كلاكيت» وأغلبها لم تحقق الانتشار المطلوب، لتظهر بعدها بقوة خلال فترة الحجر المنزلي؛ جرّاء تفشي أزمة «كورونا»، إذاعات كثيرة؛ لتشكل ظاهرة ناجحة. أولى التجارب بعد أزمة «كورونا» كانت أولى التجارب في هذا المجال من بيروت؛ إذ انطلق «راديو الحي» بمبادرة من مجد الشهابي، وهو مهندس برمجيات سوري فلسطيني يقيم في بيروت، وأدارها من غرفة صغيرة في منطقة زقاق البلاط، ويعرف عنها بأنها فضاء ثقافي ومساحة عمل مشترك تجمع الأصدقاء في فعاليات منوعة. يبث «راديو الحي» الموسيقا والبرامج عن المسرح والمعارض، ويقدم قراءات منوعة، وتتكاتف جهود الفتيات والشباب؛ لتقاسم البث، وللمستمعين حصة تفاعلية؛ حيث يوجهون البث من خلالها بطلب الاستماع إلى أغنيات محددة تروق لهم، أو يرغبون بإهدائها لأحبائهم؛ حيث إن الهدف الأساسي من هذا الراديو هو بث المحبة، والحث على الترابط بين الناس؛ لمجابهة الملل بسبب «كورونا». وعن ذلك يقول مؤسسه مجد الشهابي: إن فكرة الراديو جاءت خلال الحجر الصحي؛ إذ قررنا كسر الملل، ونشر الحب، وبث الفرح وتشارك الموسيقا. من يتابع «راديو الحي» من بيروت يتلمس أنه يربط بين مدن عدة مع بعضها؛ إذ أرسل مستمع مصري مقيم في نيويورك مقطوعة موسيقية فلسطينية لأصدقائه المصريين المقيمين في ألمانيا، وهذا التواصل بين الناس يقرب المسافات بين البلدان. مواضيع متنوعة بمبادرة من طلاب الأكاديمية العربية للصحافة البديلة، انطلق راديو «حاجات ومحتاجات». ويقول مؤسسه محمود أبو الندا: جميعنا عدنا لاستكشاف بيوتنا وذواتنا، وعلينا مشاركة المواضيع المتنوعة، ومجابهة التحديات وبث الموسيقا. وهناك إذاعة أخرى تقودها نساء عربيات مقيمات في برلين تختلط موضوعاتها بين العام والخاص، لتطال قصصاً من العالم يتفاعل معها المستمع. أسست الإذاعة عبير غطاس المتخصصة في مجال الاتصالات الرقمية وتقنية المعلومات، والصحفية رشا حلوة، وباولا ظاهر الناشطة النسوية، ومروة فطافطة الكاتبة والباحثة، وجوجو أبو حميد. تقول عبير غطاس: نحن بحاجة إلى منصات تدعمنا مع هذه الفترة الصعبة؛ بسبب الحجر المنزلي، وتنشر القصص والموسيقا وتبث الأمل. أما رشا حلوة فتتحدث عن تقنية العمل وشروطه قائلة: تتناوب مجموعة من النساء على البث؛ بحيث تختار كل واحدة منهن موضوعاً محدداً؛ لخوضه من كل جوانبه، والمجاهرة بالآراء ضرورية؛ لكسر الحواجز وتخطي المخاوف وإلغاء الشعور بالوحدة والانعزال وتقوية النساء، ونحرص على بث الأمل والفرح؛ من خلال الموسيقا والغناء.
مشاركة :