مع انتشار وباء كورونا الذي أفزع العالم وعظُم خطرُه، وكثُر ضررُه، وبان بين الخليقة أثرُه، نجد في المقابل أوبئة فكرية لا تقل خطرًا عن هذا الوباء، أُدخلت منازلنا لتُزرع في أذهان أطفالنا وشبابنا ونحن في غفلة معرِضون. إنَّ من هذه الأوبئة الفكرية التي تهاجمنا في مثل هذه الأيام دون سابق إنذار (وباء لعبة بُبجي) التي شاعت بين الأطفال والمراهقين بصورة كبيرة وبخاصة في الفترة الأخيرة حين كثُر الفراغ ولزم الناس مساكنهم، استغل ذلك أصحاب الأفكار والدعوات الهدامة عبر وسائل التواصل لإنعاش إرهابهم الفكري من خلال ألعاب ومقاطع صوتية ومرئية تهدم العقول وتفسد المحصول، وهذه اللعبة المشهورة المنتشرة بين أبنائنا خطرها ليس باليسير، ولم يقف عند إضاعة الوقت أو تغذية الانحراف الأخلاقي والدعوة للعنف الجسدي فحسب، بل تجاوز ذلك إلى الشرك بالله سبحانه وتعالى كما هو الحال في تحديثها الجديد.نعم.. أصبحت هذه اللعبة أداة لهدم العقيدة، تدعو للشرك الصريح بالله سبحانه وتعالى من خلال عرض صور أصنامٍ يتوجه هذا الطفل أو الشاب الذي يمارس اللعب نحوها فيخضع لهذا الصنم المصور ويستمد منه القوة التي تؤهله للفوز والتخلص من خصومه حتى انتهاء اللعبة!الخطب جلل، والعقول تنمو على ما تمارسه وتعتاده، وأي خير بقي فيك إن نشأتَ على الشرك وتقديس معالـمه، فبسببه تُحرم الجنة «إنَّهُ مَن يُشرك باللهِ فقد حرَّم اللهُ عليهِ الجنة ومأواهُ النارُ وما للظالمين مِن أنصار»، وبسببه لا يُغفر ذنبك «إنَّ اللهَ لا يَغْفِر أن يُشرَك بهِ ويَغْفِر ما دون ذلك لمن يَشاء»، وبسببه يُحبط عملك ويذهب هباء منثورا «ولقد أُوحِي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركتَ ليَحبطنَّ عملك ولتكوننَّ من الخاسرين»، وبسببه «تكادُ السموات يتفطرنَ منه وتنشقُّ الأرضُ وتخرُّ الجبالُ هَدَّا». فالشرك موبِقة من الموبقات ومن الكبائر المهلكات، كيف نُتيح له الفرصة أن يدخلَ بيوتنا ويخطف أبناءنا ويعبث بعقولهم ويفسد أقوالهم وأفعالهم عن طريق هذه الوسائل.أيها الأب، أيتها الأم، أيها المسؤول، دورك عظيم، وواجبك جسيم، فإن أهملت وقصَّرت وأنت قادر مستطيع فعقابك عند الله أليم «إنَّ الله سائل كل راعٍ عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضَيَّع»، واعلموا أنَّ حرصكم على حماية عقيدتكم وعقيدة أبنائكم أشد وجوبًا من حرصكم على وقايتهم من وباء كورونا وما شاكله، وخذوا من وصايا لقمان لابنه العظة والعبرة «يا بُني لا تُشرك باللهِ إنَّ الشرك لظلمٌ عظيم»، أدُّوا الأمانة كما أُودِعتُموها، ولا تفرّطوا فتندموا ولات ساعة مندم «إنَّ اللهَ يأمرُكم أن تُؤدوا الأماناتِ إلى أهلِها.محمد مطهر كليب
مشاركة :