آن الأوان لاقتسام ثروة الدوري الإنجليزي الممتاز مع الدوريات الأدنى الفقيرة

  • 6/6/2020
  • 00:00
  • 17
  • 0
  • 0
news-picture

حتى قبل أن تواجه كرة القدم أزمة هائلة بسبب تفشي فيروس «كورونا»، كان مسؤولون بارزون في كرة القدم يناقشون ضرورة أن يتقاسم الدوري الإنجليزي الممتاز الثروات الهائلة التي يحصل عليها مع الدوريات الأخرى بشكل أكثر إنصافاً. وبات هناك إجماع الآن على ضرورة تقاسم الثروات بطريقة عادلة؛ خصوصاً في ظل المعاناة الشديدة لعديد من الأندية التاريخية.وبذلت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز جهوداً حثيثة من أجل استئناف الموسم، حتى تتمكن من الحصول على ما تبقى من عائدات البث التلفزيوني؛ لكن من المؤكد أن عائدات البث التلفزيوني التي تقدر بالمليارات، سوف تنخفض كثيراً عندما تعود الحياة لطبيعتها في نهاية المطاف. ويجب التأكيد على أن الوضع الذي كان سائداً قبل تفشي الوباء –حصول الأندية الكبرى على 93 في المائة من عائدات البث التلفزيوني الحالية التي تصل إلى 8.65 مليار جنيه إسترليني، خلال الفترة بين عامي 2019 و2022، ودفع معظمها للاعبين في صورة مرتبات سخية، وتوجيه الفتات للأعمال الجيدة– هو وضع غير قابل للاستمرار بعد انتهاء الأزمة الحالية.وأعرب بعض المشككين عن دهشتهم عندما أكد رئيس رابطة الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز، ريك باري، بكل صراحة، أنه تجب إعادة النظر بشكل كامل في الأمور المالية المتعلقة بكرة القدم. ووصف الأموال التي تدفعها رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز للأندية التي تهبط لدوري الدرجة الأولى بأنها «شر يجب القضاء عليه»؛ لكن المهتمين بمجال كرة القدم ما زالوا يتذكرون جيداً أن باري كان هو أول رئيس تنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز، وهو من نفذ فكرة انفصال الدوري الإنجليزي الممتاز عن دوري الدرجة الأولى، وهو من قام في عام 1992 بتطبيق فكرة دفع أموال للأندية التي تهبط من الدوري الإنجليزي الممتاز، حتى تعيد تدعيم صفوفها وتتمكن من المنافسة على الصعود مجدداً!لكن دعوة باري للإصلاح المالي التي باتت أكثر إلحاحاً في الوقت الحالي، ليست حالة «فقدان ذاكرة» أو نسيان للعمل الذي قام به هو شخصياً في وقت سابق من حياته المهنية، فعندما تم تعيينه رئيساً لرابطة الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز، كان من المفهوم تماماً أن يُذكِّر الجميع بأنه دائماً ما كان يطالب بالتوزيع العادل للأموال والعائدات بين الدوريات المختلفة!وفي وقت مبكر من عام 1995، وبينما كانت الأندية الـ72 التي تلعب في الدوريات الثلاثة الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز لا تزال تعاني من تداعيات الانفصال عن الدوري الإنجليزي الممتاز، وتشعر بالغضب من حرمانها من 50 في المائة من عائدات البث التلفزيوني، اقترح باري بعض الأفكار لإصلاح هذا الخلل. وبالنظر إلى الجولة الثانية من صفقات عائدات البث التلفزيوني التي بدأت في عام 1997، توصل باري إلى اتفاق مع أندية الدوري الإنجليزي الممتاز لبيع الحقوق بالاشتراك مع الدوريات الثلاثة الأدنى، على أن يحصل الدوري الإنجليزي الممتاز على 80 في المائة من العائدات، في حين تحصل الدوريات الثلاثة الأدنى على 20 في المائة؛ لكن الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز رفضت ذلك الاتفاق، وهو ما تسبب في حدوث خلاف داخلي كبير في ذلك الوقت. وكانت الأندية الكبرى فيما يعرف الآن بـ«تشامبيونشيب» أو دوري الدرجة الأولى، غاضبة للغاية من إضاعة هذه الفرصة الثمينة لزيادة عائدات البث التلفزيوني بالمشاركة مع أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، وأدى الأمر في نهاية المطاف إلى إحداث بعض الإصلاحات التي كان من بينها تعيين ريتشارد سكودامور رئيساً تنفيذياً لرابطة الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 1997.وقام سكودامور بعمل جيد، أهَّله للانتقال لرئاسة رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز، ليساعده على النمو والتطور على المستوى العالمي، وبالتالي زيادة عائدات البث التلفزيوني. وكان سكودامور يقاتل أيضاً من أجل استقلال الدوري الإنجليزي الممتاز وتفوقه، وعمل بكل قوة على مواجهة نفوذ الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم كهيئة حاكمة للمسابقة، كما عمل على تعزيز الفجوة بين الدوري الإنجليزي الممتاز وبين الدوريات الأدنى.وعلاوة على ذلك، أصبح سكودامور خبيراً في المعارك السياسية، بعدما أظهر قوة كبيرة في مواجهة استفسارات الحكومة أو طلبات الإحاطة من قبل نواب البرلمان بشأن الدوريات المختلفة في كرة القدم الإنجليزية والصفقات التجارية. ودفع الدوري الإنجليزي الممتاز للقيام بعديد من الأعمال الجيدة، وأكد أمام استجوابات الحكومة أن الدوري الإنجليزي الممتاز يساهم في عديد من البرامج المجتمعية، ويمول المرافق الشعبية، ويقدم أموالاً «للتضامن» مع الدوريات الأدنى.وفي ظل التدقيق في الأرقام والحسابات في هذه الأوقات العصيبة، وخصم الأموال التي تصل قيمتها إلى 273 مليون جنيه إسترليني، والتي يدفعها الدوري الإنجليزي الممتاز للأندية التي تهبط لدوري الدرجة الأولى، وُجد أن إجمالي ما يدفعه الدوري الإنجليزي الممتاز للدوريات الأدنى يصل إلى 6.8 في المائة من عائدات البث التلفزيوني!وقبل الأزمة الحالية بسبب تفشي فيروس «كورونا»، لم يكن النقاش حول مشاركة الأموال بشكل أكثر عدالة يقتصر على الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز فقط؛ حيث بدأت بعض أندية الدوري الإنجليزي الممتاز نفسها –والتي تواجه احتمال الهبوط لدوري الدرجة الأولى– تطالب هي أيضاً بتغيير قواعد تقاسم عائدات البث التلفزيوني. وربما يتمثل الأمر المثير للدهشة في أن بعض الأندية الكبرى تدعم بالفعل تغيير القواعد المنظمة لتوزيع الأموال.إن الحجة التي كانت تستخدم دائماً ضد أي رغبة في إعادة توزيع الأموال –والتي كانت تقول إن الأندية الكبرى يجب أن تحصل على نسبة أكبر من العائدات، حتى تتمكن من التعاقد مع أفضل اللاعبين ومنافسة الأندية الكبرى على المستوى الأوروبي– لم تعد موجودة؛ بسبب النجاح الكبير الذي يحققه الدوري الإنجليزي الممتاز في الوقت الحالي، والدليل على ذلك أن عائدات البث التلفزيوني التي يحصل عليها الدوري الإنجليزي الممتاز تتجاوز ضعف ما يحصل عليه أغنى الدوريات الأوروبية الأخرى، وهو الدوري الألماني الممتاز. وبالتالي، يمكن لأندية الدوري الإنجليزي الممتاز بسهولة أن تدفع أكثر من 20 في المائة من عائدات البث التلفزيوني، وتظل متفوقة على الدوريات الأوروبية المنافسة!وقد قررت أندية دوري الدرجة الثالثة في إنجلترا تقليل عدد المباريات المتبقية من الموسم الجاري، وتدرس أندية دوري الدرجة الثانية القيام بالأمر نفسه، في الوقت الذي يشكك فيه كثيرون في قدرة هذه الأندية على الاستمرار في ظل الأزمة الحالية.وتقول هذه الأندية إنه من غير المنطقي أن تحصل على قروض من الحكومة لمواجهة الأزمة الحالية؛ لأنها ستضطر إلى تسديد تلك الديون، في الوقت الذي ستقل عائداتها بشكل كبير خلال الموسم المقبل، إذا أقيمت المباريات من دون جمهور. لكن إذا كانت هذه الأندية تعلم أنه اعتباراً من عام 2022 سوف تحصل على أموال أكبر من عائدات البث التلفزيوني المشتركة بين الدوري الإنجليزي الممتاز والدوريات الأدنى، فيمكنها حينئذ الاقتراض ووضع خطط تمكنها من البقاء على قيد الحياة.وقبل الانتخابات العامة في بريطانيا، حصل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم على وعد من حزب المحافظين بالحصول على 730 مليون جنيه إسترليني لاستثمارها على مستوى القاعدة الشعبية على مدى السنوات العشر القادمة؛ لكن يبدو أن الأمر أصبح موضع شك الآن. ومع ذلك، فإن الحاجة إلى وجود مرافق رياضية لائقة للأشخاص للحفاظ على لياقتهم البدنية والنفسية، ستكون أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى خلال الفترة المقبلة.إن الإصرار المروّع والجشع من جانب بعض الأندية التي تريد أن تحصل على نصيب الأسد من عائدات البث التلفزيوني، قد أضر بكرة القدم على مدار سنوات، وفي ظل الأزمة الهائلة التي نواجهها حالياً، فإن كرة القدم تواجه تحدياً كبيراً لكي تعود إلى المسار الصحيح مرة أخرى.

مشاركة :