احتشد الآلاف في العاصمة الأسترالية، كانبيرا، أمس الجمعة، لتذكير أبناء البلاد بأن الظلم العرقي الذي تعرض له الأمريكي جورج فلويد ووفاته ليس حكراً على الولايات المتحدة، وتسعى الشرطة لمنع تظاهرة أضخم اليوم السبت في سيدني، وطلبت من القضاء إصدار أمر بذلك. اجتذبت مسيرة كانبيرا ألفي متظاهر، عشية خروج تظاهرات أكبر في أكثر مدن البلاد اكتظاظاً بالسكان اليوم السبت، فيما ينتاب السلطات القلق بشأن الحفاظ على التباعد الاجتماعي كإجراء احترازي لمنع انتشار فيروس كورونا. وسعت الشرطة أمس الجمعة لاستصدار قرار قضائي يحظر تظاهرة في سيدني أكبر مدن أستراليا، بينما حث رئيس ورزاء ولاية ملبورن المتظاهرين على عدم المشاركة في التظاهرة. ماتيلدا هاوس إحدى كبار أسرة نغامبري- نغونوال التي تعد المالك الأصلي لمنطقة كانبيرا، قالت إن «أستراليا يجب أن تعي أن ما يجري في الولايات المتحدة كان يجري هنا لفترة طويلة». وقالت هاوس في أول خطاب في المسيرة إنه يتعين أن تتجاوز أستراليا النهج الاستعماري «(الذي يؤكد أن) السود هنا كانوا يهمشون ويدهسون ويقتلون». المتظاهر الذي قاطع هاوس زاعماً أن تركيز المسيرة ينبغي أن يكون على «ما يجري في الولايات المتحدة» بدلاً من التاريخ الاستعماري لأستراليا، أسكته عدد من المحتجين في مواجهة حامية. وأصغى المتظاهر في النهاية لنصيحة الحشود بالانسحاب. ويندي بروكمان، إحدى المحتجين وتعمل مدرسة وإحدى بنات عرقية بوتشولا - من السكان الأصليين - قالت إن أستراليا لا ينبغي أن تقبل بوفاة أكثر من 430 من السكان الأصليين في مراكز احتجاز الشرطة أو السجون على مدار العقود الثلاثة الماضية. وقالت: «لسنا هنا لنركب موجة ما حدث في الولايات المتحدة.. نحن هنا لنتحدث علانية عما يجري لسكاننا الأصليين». ورفع أحد المحتجين لافتة كتب عليها «لا أستطيع أن أتنفس» لتشبيه معاناة سكان أستراليا الأصليين بوفاة فلويد في أمريكا. وكانت الحشود من الأغلبية البيضاء في مدينة تقطنها أغلبية بيضاء. ووزع منظمو التظاهرة كمامات الوجه ومطهرات اليد على المشاركين. وحاول معظم المحتجين الحفاظ على مسافة تباعد اجتماعي لا تقل عن متر ونصف المتر، حتى بدأت الخطابات واقترب المواطنون أكثر. وبالرغم من أن الاجتماعات العامة مقصورة في كانبرا على عشرين شخصاً، فإن الشرطة لم تتدخل. وفي فرنسا، حظرت الشرطة تظاهرة كان مقرراً تنظيمها أمام السفارة الأمريكية في باريس اليوم السبت مع تصاعد موجة الاحتجاجات في أنحاء العالم على مقتل فلويد في منيابوليس بالولايات المتحدة. وقالت إدارة شرطة باريس أمس الجمعة، إنها اتخذت قرار حظر التظاهرات بسبب المخاوف من الاضطرابات الاجتماعية والأخطار الصحية الناجمة عن التجمعات الكبيرة في ظل جائحة فيروس كورونا المستجد. تظاهرة ضخمة في فيينا وفي النمسا، تظاهر عشرات آلاف الأشخاص ومعظمهم من الشباب في فيينا في إطار التعبئة الدولية ضد العنصرية وتنديداً بوفاة فلويد. وقال العديد من المشاركين إنّ هذا يُعدّ أحد أكبر التجمعات في العاصمة النمساوية في السنوات الأخيرة. وقالت الشرطة إن المشاركة كانت كبيرة، وقدّرت عدد المشاركين بنحو خمسين ألفاً. ولم يكن ممكناً احترام التباعد الاجتماعي، نظراً الى الأعداد الكبيرة من المشاركين. لكن العديد من المتظاهرين كانوا يضعون أقنعة. وحمل المشاركون لافتات كتب عليها «الصمت يعني الموافقة» و«صمت البيض يعني عنف البيض» ولافتات أخرى تندد بعنف الشرطة كتب عليها «حياة السود مهمة». وفي جنوب إفريقيا أطلق الحزب الحاكم أمس الجمعة ما أسماهها «الجمعة السوداء»،للاحتجاج على القتل الوحشي لفلويد والتنديد بالعنصرية المؤسساتية في أمريكا وجنوب إفريقيا وأي مكان آخر تطل منه برأسها. وخاطب الرئيس سيريل رامافوزا الفعالية التي ارتدى خلالها المتظاهرون ملابس سوداء. وقالت مؤسسة نيلسون مانديلا، إن العنف يمكن أن يكون رداً منطقياً على العنصرية، وقد يصبح في بعض المجتمعات طريقة وحيدة لإثارة التغيير. وقالت المؤسسة، التي أنشئت لحماية إرث نيلسون مانديلا، أول رئيس منتخب ديمقراطياً في جنوب إفريقيا، «عندما تواجه المجتمعات المحلية بنية اجتماعية تقاوم حقوقها ويتعرض هيكلها لهجمات، فستحدث ردود عنيفة... ويمكن أن يكون استخدام العنف رشيداً وموجهاً بعناية». وفي ألمانيا علقت المستشارة أنجيلا ميركل على «قتل» فلويد بأيدي شرطيين، وانتقدت «العنصرية» المنتشرة في «مجتمع أمريكي شديد الاستقطاب».وقالت ميركل في مقابلة مع قناة «زد دي إف» إن «قتل فلويد أمر فظيع. العنصرية أمر فظيع. المجتمع الأمريكي شديد الاستقطاب». وتابعت «لطالما كانت العنصرية موجودة. وهذا ما يحصل للأسف هنا أيضا» في ألمانيا، مبدية أملها في أن تبقى التظاهرات الجارية في الولايات المتحدة «سلمية». وعلقت رداً على سؤال حول نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقالت «أعتقد أن أسلوبه السياسي سجالي للغاية» مضيفة «مطالبي أنا في السياسة هي على الدوام محاولة جمع الناس ومصالحتهم مع بعضهم».(وكالات)
مشاركة :