قراءة في تجربة وزارة التربية في مواجهة أزمة كورونا

  • 6/5/2020
  • 01:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ها نحن على أعتابِ نهايةِ العامِ الأكاديمي وقد تعايشنا مع جائحةِ كورونا واستمرت مسيرتُنا، ولا يخفى على الجميعِ الدورُ الوطني لكل مؤسساتِ مملكةِ البحرين الحبيبة في مواجهةِ فيروس كورونا، وكذلك المواطنون فالجميع منخرطٌ للتصدي للأزمة، ولا يتوانى أحدٌ في تقديمِ يد المساعدة بأي شكل. نعمل جميعًا تحت قيادةٍ حكيمةٍ تشعُ منها الإنسانيةُ والرحمةُ والمحبة، فقد تعلمنا من جلالةِ ملكنا المُفدى حمد بن عيسى حفظه الله ورعاه؛ أن نعملَ بحُبٍ خالص، ووفاءٍ للوطن والإنسان، وأن نعيشَ بقلبٍ أخضر يحملُ الخيرَ والأملَ، فنرى جهودًا تفوقُ الوصف من قبل الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ومتعه بالصحةِ والعافية، ونجد تحملا للمسؤولية من قبل اللجنة التنسيقية وفريق البحرين الطبي برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن خليفة ولي العهد حفظه الله، ليضرب لنا أروعَ الأمثلةِ في الإدارةِ العمليةِ للأزمة، فلم يكُن غريبًا على البحرين والبحرينيين أن يرسموا هذه الملحمةَ الإنسانية الوطنية التاريخية، التي ستظلُ محفورةً تُدرَس على مر الأجيال.ومن الواجب علينا أن نُقدمَ عظيمَ الشكرِ والتقدير لكل القائمين على منظومةِ التعليمِ في مملكةِ البحرين، وعلى رأس المنظومةِ الوزيرُ ماجد بن علي النعيمي الذي قاد مسيرةَ التعليم في البحرين برؤية ثاقبة، وأدار الأزمة بعقليةٍ مستنيرة، أرسى بها الطمأنينةَ في قلوب الجميع وخصوصًا الطلبة وأولياء الأمور، فبطبيعة الحال فقد تأثرت كل قطاعات الحياة بسبب الأزمة والجائحة، غير أن الخططَ البديلة والمسارات الموازية للمسار الأساسي أسهمت في التعاطي مع الأزمة والتعايش والمُضي قُدُمًا، وانطلاقًا من طبيعة عملي في التعليم العالي، فإنني أركز على تداعيات الأزمة في مجال التعليم، ولعلنا نشهد التحولَ السريع في كل المؤسسات التعليمية بالمملكة من الفصول الدراسية التقليدية إلى الفصول الافتراضية عبر الإنترنت من خلال منصاتٍ تعليمية مختلفة لضمان استمرار المسيرة التعليمية، بل وتسخير كل إمكانات الدولة الإعلامية لخدمة التعليم والطلاب وتقديم الدروس من خلال تلفزيون البحرين. يُعدُّ القطاعُ التعليمي من أكثر القطاعات التي تشغل اهتمام القيادة الحكيمة والدليل علي ذلك أن جلالة الملك المفدى اختص الطلاب والأساتذة بأول خطاب بعد الأزمة وكان شغله الشاغل أن يطمئن على أبنائه الطلاب واستكمال مسيرتهم التعليمية لأنهم مستقبل البحرين الذي سيضمن لنا أجيالا من العلماء والأطباء مثل أبطال فريق البحرين الطبي، وهو ما مثل تحفيزًا وتشجيعًا لوزارة التربية والتعليم في مواصلة دورها القوي في التعامل مع الأزمة والتواصل المستمر والمباشر مع المؤسسات التعليمية والطلاب وضمان تقديم الرسالة التعليمية إلى الطلاب بأكثر من طريقة لضمان وصول المعلومة وتحقيق كل المخرجات التعليمية المرجوة.الحقيقة أن وزارةَ التربيةِ والتعليم لعبت دورًا وطنيًّا في هذه الأزمةِ اتسم بالصعوبة البالغة والعبقرية في آن واحد، فكان على عاتقها أن تستمر العملية التعليمية وضمان تحقيق المخرجات التعليمية وهذا ما تم كما ذكرنا، لكن عملية التقييم كانت المعضلة الأكبر من حيث التفكير والتنفيذ ومدى مناسبة طرق التقييم الجديدة للوضع الحالي على مستوى الطالب والأستاذ وطبيعة التخصص، وهنا يجب الإشادة بطريقة التفكير والتنفيذ، فقد تم طرح العديد من طرق التقييم وآليات تنفيذها مع توفير مرونة كبيرة في اختيار المناسب منها حسب طبيعة التخصص والفئة العمرية للطلاب، لمراعاة الفروق بين مراحل التعليم الأساسي والإعدادي والثانوي والجامعي، وكانت النتيجة «تجربة ناجحة بامتياز».يجب أن نقف وقفة تقدير واعتزاز أمام الجهد الاستثنائي الذي قامت به وزارة التربية والتعليم، ففي الوقت الذي توقف فيه التعليم التقليدي في حوالي 190 دولة حول العالم، منها ما توقف تمامًا في انتظار ما ستؤول إليه الأمور، ومنها من اتجه إلى التعليم الرقمي عن بُعد، وبفضل جهود وزارة التربية والتعليم كممثلة للنظام التعليمي في مملكة البحرين؛ كنا في طليعة دول العالم التي اتخذت إجراءات سريعة بالتحول الرقمي وتطبيق التعليم عن بُعد. إن نجاح التحول من التعليم التقليدي إلى التعليم عن بُعد، لم يكُن وليد الصدفة وإنما كان نتاجًا لجهود جبارة من وزارة التربية والتعليم، فتوفير المنصات الإلكترونية اللازمة للطلبة وتدريب الأساتذة وتقديم الدعم الفني وعمل حسابات شخصية لجميع الطلاب في جميع المراحل التعليمية خلال فترة وجيزة للعمل على منظومة Microsoft teams ليس بالأمر اليسير، إذ إن ذلك يتطلب أيضًا تجهيز المواد التعليمية بما يتسق مع متطلبات وطبيعة التعليم عن بُعد، وكذلك الأمر في طرق تقييم الطلبة.نحن الآن أمام شكلٍ جديد للعملية التعليمية وطرق التقييم، جعلتنا نرى ما لم نكن نُبصر من قبل، ومكّنتنا من إعادة اكتشاف أنفسنا وإمكانياتنا، وأدحضت مبررات رافضي التكنولوجيا والتطور، وأجبرتهم على الاعتراف بأنها المستقبل الحتمي والملاذ والمنقذ في الأزمات كما الحال الآن، هذا فيما يخص قطاع التعليم فقط، وعلى هذا المنوال يمكننا أن نقيس باقي القطاعات التي تبذل الغالي والنفيس وتسابق الزمن للحد من التأثيرات السلبية لهذه الأزمة العالمية...... حفظ الله البحرين والله ولي التوفيق. ‭{‬ رئيس الجامعة الخليجية

مشاركة :