احتفل أطفال القطيف مساء الاربعاء الماضي بـ«ليلة القرقيعان» إحياءً للتراث الشعبي في المحافظة. واستقبل الأهالي عند البوابات بسهرة امتدت الى الفجر ضيوفهم بماء الورد والبخور والكريكشون الذي يتكون، عادة في هذه الأماكن، من الحلوى والمكسرات والعصيرات والروبان أو ما يعرف بـالفشفاش وجاب الأطفال بفرحة كبيرة أحياء المدن والقرى سعياً وراء الحصول على الكريكشون وتهنئة الأهالي بهذه المناسبة، مرددين العبارات الشعبية المميزة لـالناصفة. وعمل الأهالي على تزيين الشوارع والطرقات ومداخل الأحياء بأنواع مختلفة من الإنارات والإضاءات، كما تم في كثير من القرى والبلدات في محافظة القطيف تصميم لوحات تشكيلية بهذه المناسبة، إضافة لإقامة معارض تراثية للمنازل والمهن تحكي تاريخ المنطقة، وعمد البعض إلى تعليق بعض الصور الفنية على الطرقات تغطيها سعفات النخيل، كما تم تعطير المارة بالبخور ورش ماء الورد على أيديهم وثيابهم. وبدا التنافس محموماً بين الأحياء والقرى أثناء الاستعداد للاحتفالات، التي اختلفت مظاهرها من مكان لآخر، ونصب شبان متطوعون بوابة من الحديد في مداخل الأحياء، وعلقوا الزينة، كما شيدوا بيوتاً من سعف النخيل. ولعل أبرز ما يميز هذه العادة الشعبية استحضارها للتراث بصورة لافتة، وارتكازها على القديم بدءاً من ملابس الأطفال الشعبية مروراً بطريقة تقديم الحلوى والمكسرات لهم وصولاً إلى طريقة تنقلهم من حي إلى آخر ومن زقاق إلى زقاق وترتدي الفتيات في هذه المناسبة «البخنق» و«الجلابية»، وهما لباسان شعبيان جدا، فيما يرتدي الأولاد الثوب الأبيض والطاقية المذهبة أو البيضاء، ويعلقون على أكتافهم أكياساً ليجمعوا داخلها ما يحصلون عليه من المنازل التي يطرقونها، ولا تفتح هذه الأكياس إلا في نهاية اليوم لفرز ما تم جمعه، وهذه العادة الشعبية لا تزال محافظة على نشاطها منذ أن بدأت. وتستعد نساء وأطفال المنطقة الشرقية منذ بداية شهر رمضان لشراء الملابس الخاصة بالتراث الشعبي التي يرتديها أطفالهم ليلة القرقيعان، وتتراوح اعمار الأطفال المشاركين في الاحتفال ما بين 8 أعوام و12 عاما ويدورون في الحواري ينشدون الأغاني الشعبية الخاصة بهذه المناسبة. وأعرب الأطفال والكبار عن سعادتهم بالمناسبة الجميلة والعادة التي يحافظون على أدائها دائما في منتصف كل رمضان في مشاركة جماعية للفرح في منتصف شهر رمضان التي اعتادوا عليها منذ عشرات السنين، وليلة القرقعان كما هي فرحة للصغار فهي مسرة للكبار وخاصة أجدادنا الذين يجدون فيها فرصة لاستحضار الماضي وإحياء الموروثات الشعبية والعادات القديمة من خلال تجهيز أكياس القرقيعان وملئها بشتى أنواع الحلوى والمكسرات. ويعد الاحتفال في ليلة منتصف رمضان من السنة الهجرية من العادات والتقاليد المتبعة منذ القدم في منطقة الخليج عموماً عبر ترديد أناشيد خاصة بهذه المناسبة، كما تعتبر من أهم الموروثات المعروفة بمنطقة الخليج وتربط الماضي بالحاضر وتعمل على تأصيل قيم وتقاليد المجتمع من أبرزها العطاء والكرم، ويحتفل بهذه المناسبة بشكل يليق بها وبحجم حب الأطفال لمثل هذا اليوم، وهذا ما جعل للأطفال علاقة بالماضي وربطه بالحاضر. والقرقيعان من العادات التي صمدت عبر العصور وتطرق كل عام باب الذكريات لعالم الطفولة البريئة وتستأنس بالناس من حولها، حيث يخرج الصبيان والفتيات جنباً إلى جنب للمشاركة في هذا الفلكلور التراثي العابق بالتاريخ. وتشمل الأناشيد التي يرددها الأطفال خلال الاحتفاء بهذه المناسبة عطونا الله يعطيكم بيت مكة يوديكم ويسير الأطفال في مواكب جميلة بين الحارات والأزقة بقصد جمع الحلوى والمكسرات من سكان الحي وهم يرددون أناشيدهم البريئة وتختلف مسميات هذه الليلة في دول الخليج فيسميها البعض القرقيعان والبعض الآخر الناصفة أو حل وعاد أو كريكشون إلا أن العادات المتبعة في الاحتفاء تتطابق في كافة دول الخليج. ملابس الأطفال الشعبية تعبر عن فرحتهم بالاحتفال
مشاركة :