شهد وسط بيروت اليوم (السبت) تظاهرات احتجاجية على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية تخللتها مواجهات مع قوات مكافحة الشعب. واندلعت المواجهات بعد قيام متظاهرين برشق القوى الامنية بالحجارة واطلاق المفرقعات باتجاهها والاعتداء على محال تجارية ، فيما ردت القوى الامنية بتفريق المحتجين باطلاق القنابل المسيلة للدموع، بحسب (الوكالة الوطنية للاعلام) اللبنانية الرسمية. وكان محتجون وناشطون في المجتمع المدني ومناصرو قوى وأحزاب سياسية تجمعوا في ساحة الشهداء في وسط بيروت بناء على دعوات وجهت خلال الأيام الماضية عبر منصات التواصل الاجتماعي، احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وللمطالبة بمكافحة الفساد وبانتخابات نيابية مبكرة. وهدفت هذه الدعوات الى تجديد الاحتجاجات التي اندلعت في 17 أكتوبر الماضي في عموم البلاد ورافقتها دعوات اخرى للاحتجاج على سلاح حزب الله ووصفته بـ"السلاح غير الشرعي"، مطالبة بحصر السلاح في لبنان بيد مؤسسات الدولة، وهو الأمر الذي رفضته مجموعات أخرى من المحتجين داعية لحصر المطالب بالاصلاح والشأن المعيشي دون السياسي. وبعد قيام المتظاهرين بأعمال شغب أعلنت مديرية قوى الامن الداخلي في بيان أنه يجري التعرض للأملاك الخاصة والعامة لذلك طلبت من "المواطنين السلميين الانسحاب من الأمكنة التي تجري فيها أعمال شغب، حفاظاً على سلامتهم". وسادت حالة من الكر والفر بين القوى الامنية والمحتجين في شوارع وسط بيروت حيث عملت القوى الامنية على مطاردة وتفريق المحتجين فيما أعلن الصليب الأحمر اللبناني عبر حسابه على موقع تويتر أن مسعفيه نقلوا 11 جريحا من وسط بيروت وأسعفوا 26 مصاب ميدانيا. بدوره، قام الجيش اللبناني الذي نشر وحداته في نطاق ومحيط ساحات التظاهر بالحيلولة دون الصدام بين المحتجين في وسط بيروت ومناصري حزب الله وحركة "أمل" في منطقة "الخندق الغميق" القريبة اثر توتر بينهما رافقه تراشق بالحجارة وتبادل للشتائم. وشهدت مناطق لبنانية عدة اليوم توترا مذهبيا رافقته أعمال قطع طرق في عدد من مناطق الغالبية السنية، احتجاجا على تعرض شبان شيعة لرموز دينية لدى السنة. ودفع الأمر سياسيين ومراجع روحية إسلامية سنية وشيعية في لبنان إلى التحذير من الوقوع في فخ الفتنة المذهبية. وندد رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان الشيخ عبد الأمير قبلان، في بيان بـ"المحاولات المشبوهة لاثارة الفتن المذهبية بين اللبنانيين وضرب وحدتهم الوطنية والإسلامية". وأدان "أي إساءة لأي رمز ديني (..) ولاسيما شتم أم المؤمنين السيدة عائشة، فهذه الإساءة مرفوضة ومدانة على مختلف المستويات الأخلاقية والدينية". وفي تعليق على مواقع التواصل الإجتماعي، شدد رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، على أن رئاسة الوزراء "تدين وتستنكر بأشد العبارات كل هتاف أو شعار طائفي مذهبي". بدوره، حذر زعيم "تيار المستقبل" ذي الغالبية السنية رئيس الوزراء الأسبق سعد الحريري، في نداء عبر (تويتر) جمهور المسلمين من الوقوع في فخ الفتنة المذهبية. من جهته، رفض حزب الله الشيعي "بشكل تام كل ما يمكن أن يؤدي إلى الفرقة والاختلاف والتوتر المذهبي والطائفي والديني". وقال الحزب في بيان إن "ما صدر من إساءات وهتافات من قبل بعض الأشخاص، مرفوض ومستنكر، ولا يعبر إطلاقا عن القيم الأخلاقية والدينية لعامة المؤمنين والمسلمين"، وحذر "بشدة من مسببي الفتن والمستفيدين منها". ويعاني لبنان من أزمة مالية واقتصادية وسط قيود مصرفية على عمليات سحب الودائع ما دفع الحكومة الى التوقف عن سداد الدين الخارجي في إطار إعادة هيكلة شاملة للدين الذي تجاوز 90 مليار دولار. كما تسببت الأزمة بتراجع قيمة الليرة اللبنانية اضافة الى تزايد البطالة والفقر وتراجع قدرات اللبنانيين الشرائية مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 55 في المائة. وكانت الحكومة أقرت في 29 أبريل الماضي خطة إنقاذ اقتصادي تستمر 5 سنوات لانتشال الاقتصاد من الأزمة التي أفضت إلى العجز عن دفع مستحقات الديون الخارجية وطلب مساعدة صندوق النقد الدولي.
مشاركة :