أعلن رئيس حزب «المستقبل» التركي المعارض، أحمد داود أوغلو، استعداده للتعاون مع جميع أحزاب المعارضة، والدخول في تحالفات متوازنة لإسقاط رفيقه السابق الرئيس رجب طيب إردوغان، مؤكداً أن حزبه بات جاهزاً لأي انتخابات تشهدها البلاد، سواء في موعدها المحدد في عام 2023 أو حال إجراء انتخابات مبكرة. كما أعلن «حزب الشعوب الديمقراطي» المعارض إطلاق مسيرة «العدالة» بدءاً من 15 يونيو (حزيران) الحالي، احتجاجاً على تجريد 3 نواب معارضين من مقاعدهم البرلمانية واعتقالهم.وقال داود أوغلو، وهو رئيس الوزراء الأسبق، إن حزبه انتهى من تشكيلاته في 53 ولاية من ولايات تركيا الإحدى والثمانين، وسيعقد مؤتمره العام الأول في أغسطس (آب) المقبل، وبذلك يكون جاهزاً لخوض الانتخابات دون الحاجة إلى ضم نواب من أحزاب أخرى. وأضاف أن حزبه يعتزم تقديم رؤية جديدة للعمل من أجل تركيا، حيث سيقوم بمشاركة برنامج ورؤية اقتصادية جديدة مع المواطنين الأتراك في 15 يونيو (حزيران) الحالي.ويشترط قانون الانتخابات في تركيا من أجل خوض الانتخابات أن يكون للحزب مجموعة برلمانية، أو أن يكون قد استكمل تشكيلاته في نصف عدد الولايات التركية، وعقد مؤتمره العام قبل 6 أشهر من موعد الانتخابات.ومؤخراً، عرض «حزب الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، نقل عدد من نوابه إلى حزبي «المستقبل» برئاسة داود أوغلو، و«الديمقراطية والتقدم» برئاسة نائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان، ليتمكنا من خوض الانتخابات، كونهما تأسسا حديثاً، ولم يستكملا تشكيلاتهما. وسبق لـ«حزب الشعب الجمهوري» أن فعل ذلك مع حزب «الجيد» برئاسة ميرال أكشنار، قبل الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في 24 يونيو (حزيران) 2018.واستفز تصريح رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، كمال كليتشدار أوغلو، حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وحليفه «حزب الحركة القومية»، فقررا العمل على تغيير قانوني الانتخابات والأحزاب السياسية لتقييد انتقال النواب بين الأحزاب، في محاولة لعرقلة حزبي باباجان وداود أوغلو عن خوض الانتخابات.وقال داود أوغلو الذي استقال من حزب «العدالة والتنمية» بعد خلافات عميقه مع حليفه السابق إردوغان، عقب افتتاحه فرع حزبه الجديد في سكاريا (غرب تركيا)، إن حزبه مستعد للتنسيق مع جميع أحزاب المعارضة التركية، وعقد تحالفات متوازنة معها من أجل مستقبل البلاد وسلام الأمة. وأضاف داود أوغلو أن «تركيا لا يمكنها تحمل السياسة التي تخلق جدراناً بين الأحزاب السياسية. كما أن مستقبل البلد وسلام الأمة ليس من اختصاص حزب واحد»، مؤكداً وجود أزمة حقيقية في إدارة البلاد.وشدد داود أوغلو على حاجة تركيا إلى رؤية سياسية جديدة، تعجز السلطة السياسية الحالية عن النجاح في إنتاجها، كما لا تستطيع إدارة الأزمات اليومية.وتردد في أروقة السياسة في أنقرة في الأسابيع الأخيرة كثير من الأنباء عن تجهيز المعارضة لتحالفات انتخابية هدفها الفوز في الانتخابات المقبلة، أحدها قد يضم أحزاب الجيد والسعادة والمستقبل. وعن احتمال إجراء انتخابات مبكرة، قال داود أوغلو: «إن الصورة واضحة للغاية بالنسبة لنا. نحن مصممون على الدخول في الانتخابات بقوتنا الخاصة، في أي وقت وتحت أي ظرف من الظروف. لذلك، نحن عازمون على استكمال عقد مؤتمراتنا في أغسطس».وفي الوقت ذاته، كشفت مؤسسة «كوندا»، كبرى شركات استطلاع الرأي والدراسات في تركيا، في دراسة نشرت نتائجها أمس، تراجع الدعم الشعبي لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم إلى أدنى مستوياته؛ ما يقل عن 30 في المائة في فبراير (شباط) الماضي، وذلك قبل شهر من تسجيل البلاد أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا، حيث بدأت السلطات تنفيذ تدابير الوقاية من الوباء بشكل متأخر، وهو ما أثر أيضاً على فُقدان الحزب مزيداً من الأصوات لاحقاً.وذكر رئيس شركة «كوندا»، بكر أغيردير، أنّ الحزبين الجديدين على الساحة السياسية في البلاد، حزبا باباجان وداود أوغلو، يمثلان أزمة كبيرة بالنسبة لحزب إردوغان، مضيفاً أن النظام الرئاسي الذي تمّ تقديمه وشرحه للمواطنين على أنّه العصا السحرية لحل أزمات تركيا أظهر بعد تطبيقه فشله التام في حل أي أزمة.وأكد أن حزب إردوغان يحتاج إلى نجاحات جديدة من أجل ضمان بقائه، قائلاً: «يتم تطبيق سياسة التوتر؛ هناك محاولات لتجريم الأحزاب السياسية، وهذا ليس خطراً موجهاً لحزب الشعوب الديمقراطي (مؤيد للأكراد) وحده، وإنما موجه لأحزاب الشعب الجمهوري والجيد والسعادة في كثير من الأحيان. وبدلاً عن تحقيق النجاحات، يتم خلق سياسات التوتر والاستقطاب من جانب إردوغان. فالعقلية العامة قائمة على وجود أعداء داخليين وخارجيين».وشدد على أن سياسة الاستقطاب لن تضيف أي جديد إلى تحالف الشعب الحاكم في البلاد (حزبا العدالة والتنمية والحركة القومي)، لافتاً إلى أن حزبي «المستقبل» و«الديمقراطية والتقدم» اللذين أسسهما أحمد داود أوغلو وعلي باباجان يمثلان أزمة كبيرة بالنسبة لـ«حزب العدالة والتنمية»، مؤكداً أنه «لا صحة لادعاءات أن كلاً منهما لن يحصل على أكثر من 5 في المائة من الأصوات».وفي سياق متصل، قررت اللجنة المركزية لـ«حزب الشعوب الديمقراطي»، عقب اجتماع استثنائي لمناقشة قرار البرلمان التركي تجريد اثنين من نوابه، هما ليلى جوفان وموسى فاريس أوغللاري، ونائب «حزب الشعب الجمهوري» أنيس بربر أوغلو، من عضويتهم في البرلمان، في جلسة عقدت الخميس الماضي، ثم اعتقالهم في اليوم التالي، تنظيم مسيرة تحت اسم «العدالة»، تنطلق في 15 يونيو (حزيران) الحالي من هكاري (جنوب شرقي البلاد) وأدرنه (شمال غربي البلاد)، ويكون على رأسهما الرئيسان المشاركان لـ«حزب الشعوب الديمقراطي»، بروين بولدان ومدحت سانجار، على أن تسيرا دون توقف، وتلتقيا في العاصمة أنقرة.وفي السياق ذاته، كانت السلطات التركية قد أفرجت، الجمعة، عن أنتيس بربر أوغلو، نائب «حزب الشعب الجمهوري» عن مدينة إسطنبول، بعد ساعات فقط من القبض عليه، ليبقي رهن الإقامة الجبرية في منزله حتى 15 يوليو (تموز) المقبل، في إطار عفو يرمي إلى خفض التكدس في السجون بسبب تفشي وباء كورونا، أقره البرلمان في أبريل (نيسان) الماضي.
مشاركة :