أكد المستشار القانوني د. سلمان الظفيري إمكانية النظر في عقود الإيجار خلال فترة جائحة كورونا من الناحية القانونية بـ«الفسخ»، أو «إعادة التوازن»، تبعا للانتفاع بالعقار المؤجر، أو انخفاض أو ارتفاع قيمته السوقية، ومستوى الأضرار الناجمة عن الجائحة ما إذا كانت شاملة أم جزئية.وقال الظفيري في لقاء عقدته أمس غرفة الشرقية ممثلة بلجنة العقار والتطوير العمراني تحت عنوان (عقود الإيجار وتأثيرها على القطاع العقاري في ظل جائحة كورونا): إن عقد الإيجار يعرّف بأنه: عقد بيع منفعة معينة لمدة معلومة على عين محددة، وهو من العقود اللازمة، التي لا يمكن أن تفسخ إلا برضا طرفي العقد، أو حدوث موانع وظروف طارئة مثله مثل البيع، ذلك بخلاف العقود الجائزة مثل عقد الوكالة التي يمكن أن يفسخ العقد في أي وقت، دون إبداء الأسباب.وأشار إلى أن جائحة كورونا فرضت واقعا جديدا في القطاع التجاري، وأوجدت جملة من المسائل والأفكار في المساحة القانونية، لكن الشرع الإسلامي وضع قواعد تبين وتعالج جميع الإشكالات في أي وقت، وتحت أي ظرف، فالجائحة تمثل ظرفا طارئا تقتضي وجود إجراء قانوني معين، خصوصا إذا تعطّلت منافع أو جرت أضرار معينة ونزاعات.وأضاف إن الشريعة الإسلامية تدعو للتوازن، وتسير وفق مبدأ «لا ضرر ولا ضرار»، والذي بموجبه صدرت قواعد أساسية يتم تطبيقها في حال الضرورات التي يباح فيها حتى المحظورات، لأن الشريعة السمحاء لا تقبل الضرر على أي أحد، خصوصا إذا كان هذا الضرر خارجا عن الإرادة مثل الزلازل والبراكين والأوبئة كما هو حالة جائحة الكورونا.وأوضح أنه في حال استئجار عقار ما لأجل منفعة ما، فتعطّلت أعماله بفعل الجائحة وانتفت المنفعة وحدث الضرر الكلي، بحيث لا يرجى أن تعود تلك المنفعة، ولا يرتفع ذلك الضرر، ففي هذه الحالة يحق للشخص أن يفسخ العقد، ولكن في حال نقصت المنفعة، ففي هذه الحالة يقتضي إعادة التوازن لأجل رفع الضرر الجزئي.وأكد أن القاضي يحدد ما إذا كان الضرر جزئيا أو كليا ولكن بناء على ما يقدره الخبراء والقانونيون، علما بأن بعض الأنشطة لا تحتاج إلى إثبات حدوث الضرر مثل أن يستأجر شخص ما محلا لأن يكون منفعة لمحل حلاقة أو مركز لياقة بدنية، وقد صدر بحقه قرار رسمي بالإغلاق بسبب الجائحة، ففي هذه الحالة فإن العمل متوقف، والاستفادة من العين المستأجرة غير واردة، من هنا يحق له أن يفسخ العقد، بموجب أمر قضائي، الذي يصدر حكمه حسب العرف وبناء على ما يقرّره الخبراء في هذا الجانب.ولفت إلى أن بعض المستأجرين قد يستغلّون فترة الجائحة فيحاولون التنصل من العقد، أو أن بعض المؤجرين يرون في الأمر فرصة لفسخ العقد، في هذه الحالة يتم الرجوع -بموجب أمر قضائي- إلى العرف لتحديد الضرر والمتضرر، ولا يمكن التعويل على رغبة المؤجر أو المستأجر أبدا، ذلك لأن عقد الإيجار -كما سبق القول- عقد لازم لا يفسخ إلا لوجود الضرر مثله مثل البيع، إلا لسبب وظرف يقتضي ذلك.وأضاف إن المتضرر عليه أن يقدم ما يثبت ضرره قانونيا، فإذا كان شاملا يحق له المطالبة بفسخ العقد، وأما إذا تراجعت المنفعة في في هذه الحالة إعادة التوازن.وأشار إلى أن المستأجر لو استفاد من المنفعة بموجب عقد طويل الأجل، وخلال فترة العقد وجد أن العقار قد انخفضت قيمته الإيجارية، في هذه الحالة يحق له المطالبة بتخفيض قيمة الإيجار، وفي الحال نفسه لو وجد صاحب العقار أن القيمة السوقية للعقار قد ارتفعت وأن العقد غير عادل بالنسبة له كون قيمة العقار قد ارتفعت، فله الحق بالمطالبة بتعديل بنود العقد، ولا يتم ذلك إلا بموجب أمر قضائي كما سبق القول.وأكد على ضرورة أن تكون التسويات عادلة، وأن التراضي والصلح بين طرفي عقد الإيجار هي الأفضل في كل الأحوال.
مشاركة :