الوباء يصيب الصناعات التقليدية في المغرب بالركود | | صحيفة العرب

  • 6/9/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تشتهر الصناعة التقليدية في المغرب كما في دول شمال أفريقيا بثراء منتجاتها وتنوعها، لكن العاملين في هذا القطاع يعيشون أوضاعا صعبة في ظل الحجر الذي فرضه وباء كورونا، وأصبحوا يعانون من ضائقة مالية، كما تمتلئ محلات تجار الصناعات التقليدية بالسلع لكن لا أحد يشتري في ظل غياب السياح. الرباط- تتكدس الأواني الفخارية والسلال وقطع الأثاث المصنوعة من الحديد المطاوع في متاجر خالية في مركز الولجة للصناعات التقليدية في سلا قرب الرباط حيث يعاني الحرفيون من الإحباط بعد توقف إيراداتهم منذ قرابة الثلاثة أشهر بسبب جائحة كورونا. ويقول يوسف العلامي (49 عاما) وهو حرفي فخار أعاد فتح ورشته حيث يعرض نتاج “مهارات موروثة من جيل إلى آخر”، “كان فايروس كورونا الضربة القاضية. من دون مساعدة ودعم ستختفي حرفتنا”. في الورشة العائلية بدأ الصلصال يجف فيما الأفران غير مشغلة ولا يأتي العاملون التسعة إلى العمل. في إحدى الزوايا بدأ الغبار يتراكم على الطلبية الأخيرة العائدة إلى زبونة في فرنسا ألغت زيارتها بسبب إغلاق الحدود. ويؤكد محمد طويل وهو حرفي متخصص بالجص المستخدم في الديكورات “كنا نواجه صعوبة في الصمود لأن نمط الحياة اختلف وبدأت الحرف التقليدية تتراجع لأن الشباب لا يريدون مواصلة هذا العمل وقد أتت الضربة القاضية الآن”. وكان الرجل الستيني فتح مطعما صغيرا محاذيا لمتجره لكنه اضطر إلى إغلاقه بسبب حالة الطوارئ الصحية التي فرضت منذ مارس. وقد اختفى السياح الأجانب وشل العزل الإلزامي الحياة الاقتصادية فيما الزبائن المحليون الغارقون في الأزمة “لديهم أولويات أخرى غير شراء السجاد” على ما يقول بأسف أحمد دريوش في متجره الكبير الذي يزخر بالمصابيح النحاسية والخزفيات والخناجر والحلى والصناديق الخشبية المشغولة والسجاد. ويقول التاجر “لقد أصبنا بعواقب الفايروس 200 في المئة ونحتاح إلى سنتين أو ثلاث سنوات على أقرب تقدير لاستئناف النشاط الطبيعي”. في متجره يزيل بعض الموظفين الغبار عن كل سجادة من العشرة آلاف سجادة تقليدية المخزنة فيه. ويقول أحدهم “ينبغي تنظيف كل شيء حتى إن كان لا يأتي أحد راهنا”. ويعول الصناع التقليديون على الدعم الحكومي للحفاظ على بقاء مهنهم، التي تعد مورد رزقهم الوحيد ووسيلة لدفع عجلة السياحة المتعثرة في السنوات الأخيرة. وتوجد في المغرب 150 حرفة، منها 100 في الصناعة التقليدية الإنتاجية، و50 في الصناعة التقليدية الخدماتية، حسب دليل “مرجعيات الحرف والمهن” (حكومي). بضاعة مكدسة بضاعة مكدسة ويشغّل قطاع الصناعة التقليدية في المغرب أزيد من 2.3 مليون صانعة وصانع، يمثلون قرابة 20 في المئة من الأيدي العاملة، أغلبهم في الأرياف. وتحذر أعداد من جمعيات الصناع التقليديين من اندثار هذه الصناعات التي كانت رافعة أساسية للاقتصاد المغربي في وقت من الأوقات، وتواجه حاليا تحديات العولمة مع إغراق الأسواق بمنتجات شبيهة بمنتجاتهم بأسعار أرخص. قالت جميلة مصلي، كاتبة الدولة المغربية المكلفة بالصناعة التقليدية في وقت سابق، إن “42 حرفة تقليدية مهددة بالانقراض والحكومة تعتمد برامج لحمايتها منذ 2010”. وأوضحت أن “برامج حماية هذه الحرف تعتمد على التوثيق والتوصيف الدقيق للمعارف والتقنيات والتكوين لضمان توارثها عبر الأجيال، ثم تثمینھا عبر عملية لتطويرها”. وأشارت إلى أن “خطر الانقراض يهدد مجموعة من الحرف في عدد من الدول نتيجة أسباب طبيعية ترتبط بالمواد الأولية، أو بشریة تتعلق بالتقلص الكبير في عدد الصناع الحاملین للمعارف المرتبطة بهذه الحرف”. واستدركت قائلة “رغم ذلك نفتخر في المغرب بكوننا من دول العالم القلائل التي حافظت على حرفها ومنتوجاتها التقليدية التي ما زالت جزءا من حياتنا اليومية”. واعتبرت مصلي أن “الدول التي حمت منتوجها التقليدي حمته بالاستهلاك الوطني”. وطرحت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية نادية فتاح قبل فترة قصيرة إمكانيات لإطلاق عجلة القطاع مجددا مثل إقامة فسحات للمعارض في المتاجر الكبرى. قطاع الصناعة التقليدية يشغّل أكثر من 2.3 مليون صانعة وصانع، يمثلون قرابة 20 في المئة من الأيدي العاملة، أغلبهم في الأرياف ويوظف هذا القطاع أكثر من مليوني شخص أي 20 في المئة من اليد العاملة من بينهم نحو 230 ألف حرفي في الصناعات التقليدية. وتشكل الصناعات التقليدية حوالي 7 في المئة من إجمالي الناتج المحلي مع صادرات درت حوالي مليار درهم العام الماضي (91 مليون يورو). رغم هذا الثقل الاقتصادي يعمل الحرفيون في ظروف صعبة من دون ضمان اجتماعي وشبكة توزيع محدودة كما كل المهن الحرة الصغيرة في المغرب العربي. وفقدت نحو ثلاثين امرأة يصنعن السجاد لتعاونية صغيرة في سلا عائداتهن القليلة. وتعمل الحائكات ثماني ساعات في اليوم مقابل أجر يقل عن مئة يورو في الشهر “عندما تباع قطعة السجاد، لكن لا نحصل على شيء راهنا لأنه لم تحصل أي عملية بيع منذ ثلاثة أشهر” على ما تقول رشيدة النبطي بأسف. واضطرت المرأة الأربعينية التي تعمل منذ سن السابعة “إلى استدانة المال من معارفها” رغم البستان الصغير الذي تزرعه في جوار بيتها المتداعي. في التعاونية استفادت بعض العاملات من مساعدات مباشرة خصصتها الدولة في إطار صندوق خاص بمرض كوفيد – 19 إلا أن بعضهن الآخر “لم يحصلن على شيء ولا يستطعن دفع الإيجار”. تقول ربة العائلة التي تعلمت القراءة والكتابة بمفردها “يجب البيع عبر الإنترنت لكننا لا نعرف كيف نفعل ذلك”. ويقول محمد طويل “أُطلقت منصة رقمية للحرفيين قبل سنوات قليلة لكنها لا تعمل”. وتضرر قطاع الصناعات التقليدية في دول شمال أفريقيا، ففي تونس حيث أغرقت الأزمة الصحية المستجدة الحرفيين في المأزق نفسه، يعمل الديوان الوطني للصناعات التقليدية على منصة رقمية لفتح آفاق لهذا القطاع في أوروبا في نهاية العام الحالي وينوي إقامة معارض كثيرة في الفنادق. ويشجع الديوان الحرفيين على فتح صفحات على فيسبوك أو مواقع إلكترونية أخرى. إلا أن إمكانات صبيحة التي تصنع فخار سجنان (شمال تونس) المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو “تحت الصفر وأنا عاجزة عن تحميل هاتفي النقال”.

مشاركة :