تركيا لا تحتاج النظر بعيدا للبحث عن العنصرية | | صحيفة العرب

  • 6/9/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

نوركان بيسال- استغرقت المناقشات حول عنصرية الولايات المتحدة عدة أيام في تركيا، حيث نشر الفنانون وكتاب الأعمدة والصحافيون والمشاهير ونوادي كرة القدم والرياضيون والممثلون صورا فوتوغرافية لجورج فلويد، الذي قتل على يد ضابط شرطة مينيابوليس، وعبروا من خلالها عن مدى حزنهم وكتبوا عليها “لا نستطيع التنفس!”. صحيح أننا لا نستطيع التنفس فنحن الأكراد لا نستطيع التنفس في هذه الدولة ولم نتمكن منذ فترة طويلة لذلك يجب أن تكون الأحداث على مدى الأسبوعين الماضيين في تركيا كافية لفهم السبب. في 22 مايو، تم اعتقال 18 ناشطا سياسيا من حزب الشعوب الديمقراطي ذي الأغلبية الكردية اليسارية، وجمعية نساء روزا في جنوب شرق ديار بكر، وهي أكبر مدينة ذات أغلبية كردية في تركيا، وتم إرسال بعضهم إلى السجن. الأكراد يقتلون في تركيا ويدفنون في مقابر جماعية أو في حاويات ولا أحد يشعر حتى بتأنيب الضمير، إنهم لا يخجلون من فعل ذلك وكان ديلغش، الصبي البالغ من العمر ثلاث سنوات، أحد المعتقلين في السجن والذي تمت إزالة إحدى كليتيه بسبب حالة مزمنة، قد انتظر في محكمة ديار بكر حتى الصباح إلى جانب والدته. كان يأمل في العودة إلى المنزل، لكن بدلا من ذلك توجه إلى السجن عندما تم احتجاز والدته. وفي الأسبوع الماضي، اكتشفت صناديق بلاستيكية مليئة بعظام ورفات 261 شخصا دُفنوا فوق بعضهم البعض تحت رصيف في كيليوس، شمال إسطنبول. كانت هذه هي العظام التي تم استخراجها من مقبرة في محافظة بدليس ذات الأغلبية الكردية في شرق تركيا وتم نقلها إلى إسطنبول دون علم الأسر. في دول أخرى قد يكون هذا الحادث قد تسبب في إحداث فوضى، لكنها كانت عظاما كردية، لذلك لم تصدر أي أصوات منددة. وقبل بضعة أيام، تم اكتشاف مقبرة جماعية في دارجيت، ماردين، وهي محافظة أخرى في الجنوب الشرقي ذات أغلبية كردية، مليئة بجماجم وعظام 40 كرديا تم طردهم في التسعينات، واختطفوا من منازلهم وقتلوا. مرت هذه الحادثة بهدوء، ولم يسأل أحد من هم هؤلاء الناس، وما هي حياتهم التي عاشوها، وكيف تم أخذهم من الأشخاص الذين أحبوهم، وكيف قُتلوا بهذا الشكل. وتم إعلان حظر التجول في 19 قرية في بدليس في ذلك اليوم، وبالطبع لم يتساءل أحد عن السبب. وأمر المعين الحكومي الذي حل محل عمدة سيرت المنتخب بريفان هيلين إيشك، الذي فاز بنسبة 48 في المئة من الأصوات لصالح حزب الشعوب الديمقراطي، عمال البلدية بإزالة مكتبة سيلاديت علي بيدركسان، التي سميت على اسم اللغوي الكردي الذي قام بتجميع قواعد اللغة الكردية الحديثة “كرمانجي”، وهي اللهجة الكردية في تركيا وسوريا وأجزاء من العراق. عظام كردية تنتظر العدل عظام كردية تنتظر العدل وفي غضون ذلك، انتشرت صور لأعمال التعذيب التي جرت هذا الأسبوع في مقر شرطة ديار بكر على وسائل التواصل الاجتماعي. لكن لم يصرخ أحد ولم يُسمع صوت أحد يقول إن التعذيب جريمة ضد الإنسانية. جميع الظروف والمبادئ والمعتقدات النبيلة تستمر في تحطيم كل ما هو “كردي” في هذه الدولة وفي نفس الوقت لا نستطيع إلا أن ندين ضابط شرطة واحدا في الولايات المتحدة، وهذا أكثر أمانا ولا يعرضنا للخطر بطبيعة الحال. ومع استمرار صدور الإدانات التركية بوفاة جورج فلويد، كان إركان كوركوت يحاول جعل صوته مسموعا على تويتر، بعد ثلاث سنوات من مقتل شقيقه كمال على يد الشرطة خلال احتفالات نوروز، التي يرحب فيها الأكراد بالربيع في 21 مارس. ويتساءل كوركوت “لا توجد حدود للتعذيب الذي تعرضنا له في المحاكم. نحن نتألم. قاتل أخينا يدخل قاعة المحكمة من نفس باب لجنة القضاة، مبتسما لهم. كيف نتوقع العدل من هؤلاء الناس إذن؟”. وفي الوقت الذي عبر فيه كبار مسؤولي الدولة التركية وموظفي الخدمة المدنية على حد سواء عن حزنهم لوفاة جورج فلويد، كان النائب السابق لحزب الشعوب الديمقراطي فرحات إنكو، يكتب عن أقاربه وإخوانه الذين قصفتهم طائرات الجيش التركي في 28 ديسمبر 2011 في ما أصبح يعرف باسم مذبحة “روبوسكي”. وقال إنكو “كوني شخصا أعرف كيف تقلب وسائل الإعلام الحقائق رأسا على عقب، أقول إن خوفكم لن يتمكن من إخفاء الحقيقة”. وكانت بيسنا طوسون، وهي عضو في منظمة “ساترداي مورز”، وهي مجموعة تبحث عن العدالة بشأن الاختفاء القسري في تركيا، تسعى لتحقيق العدالة بشأن والدها، فهمي طوسون. وتقول طوسون في تغريدة نشرتها على تويتر “الفرق بين الصورتين 25 عاما. لا أعرف كم من الوقت سأبقى على قيد الحياة، لكني ما زلت أسير على هذا الطريق الذي اتخذته للعثور على والدي، ولن أتوقف حتى أصل إلى الحقيقة والعدالة. لن أصمت أبدا”. الأسبوع الماضي اكتشفت صناديق بلاستيكية مليئة بعظام ورفات 261 شخصا دُفنوا فوق بعضهم البعض تحت رصيف في كيليوس، شمال إسطنبول ومع إصدار أندية كرة القدم التركية تصريحات معادية للعنصرية بشأن قضية جورج فلويد، حاول بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي تذكير الناس بالمعاملة التي تتلقاها النوادي الكردية “سيزرسبور” و”أميدسبور” من قبل الأندية التي كانت مسؤولة عن إظهار المعاملة العنصرية. وتحدث الآلاف من الأكراد هذا الأسبوع عن أمثلة من حياتهم وحياة أحبائهم الذين فقدوهم، في محاولة لوصف العنصرية والقسوة التي تعرضوا لها لسنوات في هذه الدولة. لكن لسوء الحظ، هذه محاولات عقيمة لا معنى لها في هذه الدولة أين يتم إضفاء الشرعية على العنف ضد الأكراد، ولا يوجد هناك من يحزن عندما يموتون، فحتى اللغة الكردية أصبحت غير مقبولة. عظام الأكراد تُدفن في مقابر جماعية أو في حاويات. لا يخجلون من فعل ذلك، ولا يشعر أحد حتى بتأنيب الضمير. لا تنظروا بعيدا للبحث عن العنصرية أيها الإخوة والأخوات فالعنصرية موجودة في هذه الدولة، في بلدكم، في لغتكم، وفي أذهانكم.

مشاركة :