وباء كورونا أطل بجناحيه على بقاع الأرض كافة فلا تكاد تسمع عن منطقة إلا وحل هذا الوباء عليها ضيفاً ثقيلاً، صوَّب سهامه دون سابق إنذار؛ أحكم قبضته بكل قوة على مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية. استنفر العالم أجمع بكل ما يملك من عدة وعتاد في سبيل مواجهة هذا الوباء الفتاك. في هذا المقال لا أتطرق لسرد التجارب الطبية في مجال مكافحة هذا الوباء كوني غير مختص في هذه الناحية العلمية؛ بل أتطرق لموضوع مهم من واقع شخص شاهد على العصر لتغيير كثير من السلوكيات والعادات الاجتماعية السائدة في مجتمعنا قبل هذا الوباء. كنا في السابق نعيش في استنفار لا مثيل له في الأعراس والأفراح وبذخ في الولائم من أجل مزيد من الهياط الاجتماعي. أما اليوم في ظل وجود كورونا أضحت الأعراس ساعة من نهار مقتصرة على الأهل دون تكاليف ولا بذخ ولا أعلام. كنا في السابق نعيش التباعد الأسري فالوالدين يقل مجالستهم مع أبنائهم بل حتى في موائد الطعام تجدها خالية من الأبناء وأصبحت مطاعم الأكلات السريعة هي الملاذ لهم، واليوم أصبح الاجتماع الأسري في ذروته فلا تخلو الجلسات العائلية من نسيج الأسرة كاملة بل حتى أكل المنزل أصبح هو الأفضل والآمن والأكثر صحيًا. كنا في السابق ننظر للبيت بأنه سجن وحبس للحرية لابد من الخروج والتنزه بالمُولات والأسواق. واليوم أصبح ” الزم بيتك ” شعاراً وأماناً من هذا الوباء، تغيرت الظروف فأصبح غير الممكن واقعًا حقيقياً نعيشه بأنفسنا، فاختفت الكماليات والبذخ الاجتماعي، واقتصرت حياتنا على عدم التكلف الزائد. والسؤال العريض هنا بعد زوال هذا الوباء بإذن الله: هل نستفيد من الدروس وتجربة الحياة في المرحلة السابقة ونقتصر حياتنا على بساطة العيش والبعد عن البذخ الاجتماعي؟ أترك لكم الجواب على هذا السؤال، وأسال الله أن يرفع هذا الوباء عن البلاد والعباد وأن يحفظنا بحفظه فهو القادر على ذلك.
مشاركة :