كشف المؤرخ عيسى بن علوي القصير عن بعض العادات والتقاليد القديمة التي كانت موجودة في الطائف خلال شهر رمضان في الزمن الجميل، مشيرًا إلى أن السعادة كانت تغمر الجميع بقدوم الشهر الفضيل، وكان الناس يرددون أنشودة «يا رمضان يا أبو الشوربة والقدحان»، وذلك لكثرة الزبادي والصحون على السفرة والموائد. وأضاف:»مع بداية دخول شهر رمضان المبارك يبتهج الناس ويستعدون له ، بتلاوة القرآن الكريم في المساجد أو في بعض الدكاكين، ويتسابق الجميع لفعل الخير واكتساب الثواب في هذا الشهر الكريم، ويتم التواصل والتراحم بين أفراد الأسر وبين الأهل والجيران في مختلف الأحياء». خلية نحل وتابع:»من أهم الملامح الرمضانية قديمًا أن حركة البيع تبدأ مع تباشير الصباح الوضاء، فالكل في دكانه أو بسطته، وبعد صلاة الظهر ترى حركة غير مألوفة عن باقي الأشهر، إذ تشاهد بائعي السمبوسة والكنافة البلدي واللقيمات والحلويات الأخرى أمام بسطاتهم في باب الريع مرورًا بسويقة إلى برحة مسجد الهادي، إلى البئر المالحة يعرضون ما لذَّ وطاب من الأكلات الرمضانية». أهازيج رمضانية وذكر أن من المشاهد التراثية القديمة، في ليالي رمضان مشاهدة الأطفال، وهم ذاهبون إلى الأزقة والأحياء، جماعات وبأيدهم بعض العلب والعصي وهم ينشدون بعض الأهازيج الشعبية الرمضانية. وبيَّن أن من العادات الحسنة بين أفراد الأسرة في شهر رمضان ولياليه المباركة، تزداد أواصر المحبة بين الأهل والجيران من التزاور والسمر في تلك الليالي الكريمة، حيث يسهرون ويتسامرون على القهوة والشاي أو بعض المسليات الخفيفة، الكربو (المنفوش) ودجاج البر والمكسرات، وفي بعض الأوقات الفول والترمس والحلبة التي كانت تباع في الأسواق أو مع الباعة المتجولين إذ كانوا يضعونها في دوار خشبي يحمله البائع على رأسه، ويطوف به بين الأزقة والحارات، وينادي بأعلى صوته: فول على ترمس النافع الله يا حلبة (الحلبة). زيارات عائلية وأضاف بأن من العادات المألوفة بين الأهل والأقارب الإفطار في رمضان عند كبير العائلة الجد أو الأب، إذ يذهب الابن مع أسرته وأطفاله إلى عميد الأسرة لتناول وجبة الإفطار، فكان يجتمع الأب مع الأبناء حول السفرة المستديرة أي المفتة المدورة من سعف النخل، حيث كانت تحتوي على السمبوسة والقطائف والكنافة الطائفية. قال: «حينما يقترب العيد تشاهد الأسواق وقد ازدانت بالأتاريك والفوانيس وبعد فترة من الزمن، حلت الكهرباء والثريات في المحلات والبسطات الخاصة ببيع المواد الغذائية من سمن وعسل وحب ودقيق، وحلويات العيد المتنوعة»، مشيرًا إلى أن من الأهازيج الشعبية التي كانت تردد حينها (ياحلاوة العيد يا حلاوة/ الكل سعيد يا حلاوة، من العم سعيد يا حلاوة، من مال جديد يا حلاوة / يا حلاوة العيد يا حلاوة). أبيات مرجان وبالنسبة لليالي الأخيرة من شهر رمضان فقال:»يأتي رجل من المواليد، اسمه مرجان، يرتدي ثيابًا بيضاء وفي يده عصاه «مشعاب صغير»، في وسطه حلة قشيبة مصنوعة من «أظلاف الأغنام» يهز وسطه برنة جميلة، يمنة ويسرى يصدح بأبيات منها «يا سيدي والعيد جانا ، يا سيدي أبغى الغبانة». ومضى بقوله: «مع وفاة مرجان انتهت هذه العادة الجميلة من ليالي العيد بالطائف المأنوس بالأمس القريب، فقد كان محبوبًا من الناس ومن أصحاب الدكاكين، في أسواق سويقة والهجلة والخميس».
مشاركة :