أوضحت محكمة النقض في أحد الطعون المنظورة أمامها الجريمة في المياه الإقليمية للدولة. جاء في حيثيات الحكم أنه لما كانت المادة الأولى من قانون العقوبات قد نصت على أن "تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون" وهو ما يقتضي بداهة أن التشريع الجنائي المصري هو الذي يطبق دون غيره على من يرتكب في إقليم الدولة فعلًا يعد جريمة حسب نصوص هذا التشريع أيًا كانت جنسية مرتكب الفعل وهو أمر تقتضيه سيادة الدولة على إقليمها وهو الوسيلة لتأمين الحقوق الجديرة بالحماية الجنائية. ويعتبر ضمن إقليم الدولة الأرض التي تحدها حدودها السياسية بما فيها من أنهار وبحيرات وقنوات وموانئ فضلًا عن المياه الإقليمية ولا يُستثنى من هذا الأصل إلا ما تقتضيه قواعد القانون الدولي من إعفاء رؤساء الدول الأجنبية وممثليها الدبلوماسيين والأفراد العسكريين الأجانب من الخضوع للقضاء الإقليمي. ويمتد اختصاص القضاء الإقليمي الجنائي إلى السفن التجارية الأجنبية الراسية في الميناء، في حدود ما أقرته اتفاقية جنيف المعقودة سنة ١٩٥٨ التي نصت على حق الدولة في التعرض للسفن التجارية الأجنبية أثناء مرورها بالمواني أو المياه الإقليمية في حالات من بينها أن يكون هذا التدخل ضروريًا للقضاء على اتجار غير مشروع في المواد المخدرة. ثم أكدته - من بعد - اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار - التي وقعت عليها مصر بتاريخ ١٠ من ديسمبر سنة ١٩٨٢ وصدقت عليها بالقرار الجمهوري رقم ١٤٥ لسنة ١٩٨٣ الصادر في ٣٠ من أبريل سنة ١٩٨٣ ووافق مجلس الشعب عليها في ٢٢ من يونيه سنة ١٩٨٣ وأودعت وثيقة التصديق عليها لدى الأمين العام للأمم المتحدة - بالنص في المادة ٢٧ منها على أن "١ - لا ينبغي للدولة الساحلية أن تمارس الولاية الجنائية على ظهر سفينة أجنبية مارة خلال البحر الإقليمي من أجل توقيف أي شخص أو إجراء أي تحقيق بصدد أية جريمة ارتكبت على ظهر السفينة أثناء مرورها إلا في الحالات التالية فقط: (أ).... (ب).... (ج).... (د) أو إذا كانت هذه التدابير لازمة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات أو المواد التي تؤثر على العقل". وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن إذن التفتيش قد صدر من وكيل نيابة الميناء ببورسعيد بناء على تحريات الشرطة التي أسفرت عن أن الطاعن قد جلب مخدرات على باخرة لبنانية رست في الميناء، فإن الإذن يكون قد صدر ممن يملك إصداره، لما للسلطات المصرية - في هذه الحالة - من حق القيام بإجراءات التفتيش والضبط التي تسمح بها قوانينها في المراكب التجارية التي تكون راسية في مياهها الإقليمية أو موجودة في مياهها الداخلية، ويكون منعى الطاعن بعدم اختصاص مصدر الإذن بإصداره قولًا أن السفينة تحمل علمًا أجنبيًا فلا تخضع لقانون الدولة غير سديد.
مشاركة :