فيما بدأ أنه بمثابة تلميح بالتراجع عن قراره بمقاطعة مفاوضات السلام التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة بين الفرقاء الليبيين في المغرب، أعلن أمس نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته في ليبيا، استعداده للشروع في اختيار فريق أمني مختص من ضباط رئاسة الأركان وقادة الثوار المنضوين تحت رئاسة الأركان، للمشاركة في مفاوضات المسار الأمني الذي ترعاه الأمم المتحدة. وشدد أبو سهمين في رسالة وجهها إلى رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برناردينو ليون، وبثتها وكالة الأنباء الموازية، على ضرورة أن تأتي هذه الخطوة «في إطار الشرعية القانونية التي تحترم سيادة الدولة بأجهزتها المتنوعة، وعندما يتوفر الوقت الملائم طبقا للمناقشات حول السبل والوسائل اللازمة لبدء مفاوضات المسار الأمني الرسمية، والتي من خلالها يمكن تحقيق أرضية آمنة وضامن حقيقي لتنفيذ أي اتفاق يتم التوقيع عليه من الأطراف المعنية بالخصوص». وكان أبو سهمين قد أعلن مقاطعة جولة حوار الصخيرات، وزعم في كلمة ألقاها في تجمع من أنصاره خلال وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان السابق في العاصمة الليبية طرابلس، تعرض أعضاء وفد المفاوضات عن البرلمان السابق إلى تهديدات علنية من بعض السفراء الغربيين، بقوله «التهديد وجه للشعب الليبي، حيث قال السفير الفرنسي في جلسة لأعضاء البرلمان السابق ما لم توقعوا على مسودة لتعديلات فستحدث لكم حرب أهلية داخل ليبيا، وسيتم تجميد أموال مصرف ليبيا المركزي، وسنبدأ خطة للسيطرة على المطارات وحقول وموانئ النفط بمستوى دولي». كما زعم أبو سهمين أن السفير الفرنسي هدد بانفراد «داعش» بالسيطرة على مدن ليبية، وقال: إن «الاتحاد الأوروبي نقل أيضا هذا التهديد، والسفير البريطاني أيضا هدد في اتصال مع عبد الرحمن السويحلي، أحد أعضاء البرلمان السابق، بإدراج اسمه على قائمة عقوبات دولية، من بينها المنع من السفر ومصادرة الأموال». في المقابل، أكد فرج بوهاشم الناطق، الرسمي باسم مجلس النواب الليبي لـ«الشرق الأوسط» أن وفد المجلس في مفاوضات السلام موجود بالفعل في المغرب، نافيا أي نية لدى الوفد للانسحاب أو المقاطعة. وقال بوهاشم بهذا الشأن «هذا عبث وتعبير عن فشل يقف وراءه الإخوان المسلمون.. إنهم المسؤولون عن كل فشل سياسي في البلاد... هذا عبث من الإخوان المسلمين تحت مرأى ومسمع من بعثة المم المتحدة ورئيسها والمجتمع الدولي. ونحن نخوض مفاوضات منذ تسعة شهور، والآن بعدما شعروا بأنهم فقدوا السلطة يريدون الانسحاب». وتابع موضحا «نحن متمسكون بالحوار ولن ننسحب أو نقاطع، وعلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة اتخاذ موقف حاسم لردع هذه الأعمال الصبيانية». كما اتهم بوهاشم الإخوان المسلمين بمحاولة «جر البلاد إلى المزيد من الفوضى عبر التلويح من جديد بالمقاطعة، ما لم تكن لهم اليد الطولى ويقصوا الجيش، ويشرعنوا الميليشيات ويهيمنوا على كل مؤسسات الدولة والحكومة». من جهة أخرى، تعهد الفريق خليفة حفتر، القائد العام للجيش الليبي، بأن الرد على استشهاد عناصر الجيش في عين مارة ودرنة وضواحيها سيكون قويًا وقاسيا. وقالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية بأن حفتر أصدر بيانا تقدم فيه بأحر التعازي والمواساة إلى أهالي الشهداء الذين سقطوا يوم 28 يونيو (حزيران) الماضي، مؤكدا أنهم لقوا ربهم في معارك الشرف والكرامة من أجل تطهير ليبيا من الإرهاب الداعشي الذي عاث في الأرض فسادا. وكانت الاشتباكات في محور عين مارة قد أسفرت مؤخرا عن مقتل أكثر من 20 جنديا من قوات الجيش الليبي في مواجهة الجماعات التكفيرية والإرهابية. إلى ذلك، كشفت سميرة الفرجاني، وزيرة الشؤون الاجتماعية فيما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني بالعاصمة الليبية طرابلس، عن تعرضها أمس لمحاولة اعتداء بالضرب من قبل زميلها وزير الحكم المحلي بنفس الحكومة غير المعترف بها دوليا. وقالت الفرجاني إن رئيس الحكومة خليفة الغويل نهرها عندما اعترضت على طريقة الوزير في التعامل معها، موضحة أن هذه ليست أول مرة يتجرأ فيها الوزير ويقل أدبه في الاجتماعات، على حد قولها. وروت الفرجاني عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن سبب المشادة الكلامية بينها وبين الوزير هو تأييده لمسودة الحوار الرابعة التي قدمتها بعثة الأمم لمتحدة للفرقاء السياسيين في ليبيا، بهدف التوصل إلى حل لإنهاء الأزمة الراهنة. وأثارت الفرجاني التي تتولى منصبها منذ العام الماضي موجة من السخرية في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بعدما أقسمت على الحفاظ على مبادئ «ثورة الفاتح من سبتمبر»، في إشارة إلى الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد الراحل معمر القذافي عام 1969 ضد الملك الراحل إدريس السنوسي، بدلا من ثورة «السابع عشر من فبراير»، التي قامت ضده وانتهت بسقوط نظامه ومقتله عام 2011.
مشاركة :