قال مصدر سياسي يمني، أمس، إن اتصالات مكثفة تجري بين الأطراف اليمنية والأمم المتحدة، بشأن التوصل إلى اتفاق لإبرام هدنة إنسانية في أقرب وقت، وذكر المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «جهودًا حثيثة تبذل وضغوطًا تمارس من أجل التوصل للهدنة»، وأن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يبذل مساعي للتوصل إلى الهدنة الإنسانية، وأشار إلى أن الهدنة «ما زالت معلقة»، دون أن تفصح المصادر عن طبيعة الأسباب التي ما زالت تحول، حتى اللحظة، والتوصل إلى اتفاق الهدنة، وتأتي هذه الجهود والمساعي في ظل تزايد الأوضاع الإنسانية تدهورًا جراء الحرب التي تشهنها ميليشيات الحوثيين وقوات صالح على عدد من المحافظات اليمنية، وكان أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، والولايات المتحدة، دعيا إلى هدنة إنسانية سريعة في اليمن لمواجهة المخاطر التي يواجهها المواطنون اليمنيون، وبحسب ما أعلن، فإن منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، بدأت الاستعداد للقيام بدورها في انتظار إعلان الهدنة المتوقعة، التي تتم المساعي للتوصل إليها من خلال الجولة التي يقوم بها في المنطقة ولد الشيخ، الذي من المقرر أن يصل صنعاء غدًا (الأحد) لإجراء مشاورات مع قيادات في حركة «أنصار الله» الحوثية وقيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، ومكونات سياسية أخرى في الساحة اليمنية. وفي التطورات الميدانية، شهدت العاصمة اليمنية صنعاء، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، عمليات نوعية لقوات التحالف، التي قصفت وبغزارة عددًا من المواقع الاستراتيجية الهامة التي تتبع القوات العسكرية المتمردة على الشرعية والموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح ومواقع الميليشيات الحوثية، ودمرت تلك الغارات عددًا كبيرًا من المواقع والمعسكرات ومخازن الأسلحة في جبل «فج عطان» و«السواد»، إضافة إلى استهداف مواقع تتبع قيادات في تحالف الحوثي - صالح، بينها مكتب نجل المخلوع صالح، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، قائد الحرس الجمهوري (سابقًا)، الذي استهدف بعدة غارات، إضافة إلى مخازن للأسلحة ومعسكرات في عطان وعصر والجراف، بالإضافة إلى استهداف مبنى كلية الطيران والدفاع الجوي، ومنازل يستخدمها قادة الميليشيات في الاختباء وتخزين الأسلحة والذخائر، وقال سكان في صنعاء إن الغارات التي شهدتها العاصمة، خلال الأربع والعشرين الماضية، كانت الأعنف، خاصة تلك التي استهدفت مخازن أسلحة وذخائر، حيث ظل دوي الانفجارات في تلك المواقع لساعات طويلة، وفي سياق التطورات الأمنية في صنعاء، هاجم مجهولون بصاروخ طراز «لو» مبنى البنك المركزي في ميدان التحرير بصنعاء، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن مسلحين مجهولين يستقلون سيارة من دون لوحات معدنية، أطلقوا الصاروخ على مقر حراسة البنك، قبل أن يلوذوا بالفرار، وتشير المعلومات إلى أن الهجوم لم يسفر عن أي إصابات، في حين أحاط عناصر الميليشيات بموقع الهجوم ومنعوا الاقتراب منه. إلى ذلك، تستمر المواجهات المسلحة في مدينة تعز بين القوات الموالية للشرعية، من جهة، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي صالح، من جهة أخرى، وقالت مصادر محلية في تعز إن «القوات العسكرية الموالية للشرعية والمقاومة الشعبية تحافظ على التقدم الذي حققته خلال اليومين الماضيين في المواجهات، حيث ما زالت تسيطر على المواقع التي قامت باستردادها، وإنها انسحبت من السجن المركزي من أجل عدم تعريض من تبقى من النزلاء في السجن، وبالأخص النساء والأطفال، للقصف المكثف من قبل الميليشيات». وأشارت المصادر في تعز إلى أن «المقاومة الشعبية تمكنت من أسر عدد من الحوثيين والمتحوثين من أبناء محافظة تعز ومن خارجها، وبينهم شخص قيادي يدعى عبد العزيز الجنيد». وفي سياق متصل، حصلت «الشرق الأوسط» على تعميم صادر عن أحد قيادات الميليشيات الحوثية في محافظة تعز، ويدعو التعميم سكان مدينة تعز القديمة إلى «مغادرة منازلهم، حفاظًا على أرواحهم»، ويشير التعميم الممهور باسم وتوقيع أكرم عبد الغني الجنيد، إلى تلقيهم بلاغًا مما تسمى «اللجنة الثورية الشعبية» تتعلق بـ«وجود الكثير من الدواعش والتكفيريين في الكثير من منازل السكان وحول وقائع فساد كثيرة». من ناحية ثانية، أكد زعيم المتمردين الحوثيين في اليمن، على المضي في المواجهات المسلحة، رغم كل الدعوات إلى الحلول السلمية في اليمن وكل الجهود المبذولة من قبل الأمم المتحدة وأطراف في اليمن والمجتمع الدولي، وحث الحوثي، في رسالة إلى عناصر القوات المتمردة والميليشيات التي تبعه، إلى مواصلة القتال أو ما اعتبره «جهادًا مقدسًا» والاستبسال وتحقيق ما وصفه بالانتصار، وتضمن كلمة الحوثي القصيرة، سيلاً من كلمات وجمل التخوين والاتهامات بحق قطاع واسع من اليمنيين الذين اعتبرهم عملاء وخونة، إضافة إلى هجومه المعتاد على بعض دول المنطقة وعلى الولايات المتحدة وإسرائيل، وخلت كلمة عبد الملك الحوثي من أي إشارة إلى التسوية السياسية ووقف الحرب والهدنة الإنسانية المقترحة، كما خلت من أي إشارة أو تلميح إلى الوضع الإنساني المتداعي والخطير الذي أصبحت فيه البلاد جراء الحرب التي اندلعت بعد انقلاب حركته بالتحالف مع المخلوع علي عبد الله صالح، على السلطة الشرعية، ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي. وعلق مصدر سياسي يمني في صنعاء على خطاب عبد الملك الحوثي، وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحوثي لم يخاطب عناصره سوى بالقيام بالمزيد من القتل والتدمير في هذا الشهر الفضيل، ولم يدع إلى النظر إلى معاناة المواطنين اليمنيين». واعتبر المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنه «مغلف وجاهز بعبارات دينية وتخوينية منمقة ولا يتعامل مع الواقع السياسي والميداني، إلا من زاوية المزيد من القتل». يذكر أن عبد الملك الحوثي هو واحد من الذين فرض عليهم مجلس الأمن الدولي عقوبات أممية في القرار (2216)، الذي أصدره مجلس الأمن الدولي، وشملت تلك العقوبات نجل المخلوع صالح، العميد الركن أحمد علي عبد الله صالح، ونصت العقوبات على منعهما من السفر وتجميد أرصدتهما، وذلك بتهمة «تقويض السلام والأمن والاستقرار في اليمن»، وسبق لمجلس الأمن أن أصدر قرارًا سابقًا تضمن فرض عقوبات مماثلة على المخلوع علي عبد الله صالح واثنين من كبار القادة الحوثيين الميدانيين، هما عبد الخالق الحوثي (شقيق عبد الملك الحوثي)، وعبد الله يحيى الحكيم، المعروف باسم أبو علي الحاكم.
مشاركة :