الفرصة الأخيرة للتوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة | | صحيفة العرب

  • 6/10/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - استجابت مصر وإثيوبيا لدعوة السودان لاستئناف مفاوضات سد النهضة عبر فيديو كونفرانس الثلاثاء، بحضور الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية ودولة جنوب أفريقيا، كرئيس للاتحاد الأفريقي حاليا. ولا تخفي القاهرة عدم حماستها لهذه المفاوضات لاسيما وأن الدعوة جاءت متأخرة وبعد 3 أسابيع منذ إطلاقها، ما يحتم، وفق الرئاسة المصرية، تحديد إطار زمني محكم لإجراء المفاوضات والانتهاء منها، منعا لأن تصبح “أداة جديدة للمماطلة والتنصل من الالتزامات الواردة بإعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث عام 2015”، خاصة مع اقتراب ملء السد. وعبرت القاهرة عن تشككها في نتائج المفاوضات، خلال اجتماع عقده مجلس الأمن القومي برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي الثلاثاء، ناقش ملف سد النهضة، في إشارة توحي بأن الاستمرار في الدوران داخل حلقة مفرغة لن يجدي نفعا هذه المرة. وقال بيان صدر عن الاجتماع، إن الدعوة صدرت في ذات اليوم الذي أعادت فيه السلطات الإثيوبية التأكيد على اعتزامها السير قدما في ملء خزان سد النهضة دون التوصل إلى اتفاق، ما يتنافى مع التزامات أديس أبابا القانونية الواردة في إعلان المبادئ. وسكب البيان المصري مياها ساخنة على المفاوضات ووضع حدّا لأطرها، حيث استخدم لهجة تحذيرية، تفيد بعدم الاستعداد لتضييع المزيد من الوقت في حوارات لا طائل من ورائها، في إشارة لعدم تكرار ما جرى في المرحلة الماضية. أثمرت الجهود السودانية عن قبول مصر وإثيوبيا للحوار مرة أخرى، حيث كثفت الخرطوم اتصالاتها بهما الأيام الماضية، وتلقت تعهدات بالحل العادل للأزمة، وحفظ حقوق كل طرف، مع الالتزام بالضوابط التي حددها القانون الدولي. ورأى متابعون أن عودة إثيوبيا لمائدة التفاوض وفقا للقواعد المتفق عليها سابقا يمنح أملا في إمكانية التوصل إلى اتفاق، بينما قال آخرون، إن العودة لم يصحبها اعتراف صريح بوجود تغير في الموقف الإثيوبي الذي استفاد من مضي أربعة أشهر على الانسحاب من مفاوضات واشنطن في تسريع خطوات البناء، وحقق هدفه في حضور جنوب أفريقيا كمراقب، بجانب الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية. غراف واعتبرت مصادر سياسية مقربة من السلطة المصرية لـ”العرب”، أن حضور المراقبين الجدد يصب في صالح القاهرة، لأنها أول من طالبت بمشاركة طرف رابع، وجرت الموافقة على مشاركة واشنطن والبنك الدولي، فالقضية بالنسبة لأديس أبابا لا تتعلق بالنزاهة والتشكيك بل تخص استهلاك الوقت. ودعا وزير الري والموارد المائية السوداني نظيريه المصري والإثيوبي الاثنين، إلى استئناف المفاوضات للوصول إلى اتفاق شامل ومرض يستجيب لمصالح الدول الثلاث ويحقق تطلعات الشعوب، ويبدأ من حيث انتهت مفاوضات واشنطن التي توقفت في نهاية فبراير الماضي، وأنجزت نحو 90 في المئة من التفاهمات. وأخذ الخط البياني للموقف السوداني يتصاعد في اتجاه لا يصب في مصلحة إثيوبيا، والتي اعتقدت أن الخرطوم سوف تمضي معها في تحركاتها لأقصى مدى، غير أن تصاعد الحديث الداخلي حول مخاطر سد النهضة على السودان جلب معه تغيرات في حسابات الحكومة، جعلتها تنأى عن مواقفها السابقة، واكتشفت أن هناك أضرارا سوف تقع عليها، ومن الواجب التوصل إلى اتفاق واضح يحدد أطر التصورات للتقابل مع مفاجآت تحدث في المستقبل. وأكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم عمر محمد علي، أن هناك رغبة في أن تكون المفاوضات بمثابة حوار مفتوح بين الدول الثلاث في حضور مراقبين، وأن تصريحات الخرطوم الأخيرة عبّرت عن رغبة دبلوماسية في أن تجري عملية ملء السد بالتراضي، بما لا يهدد الأمن القومي السوداني، حال انسداد الحلول السياسية بشكل كامل. وأضاف لـ”العرب”، أن الخرطوم ترجح كفة استمرار الحوار، وإن نفذت إثيوبيا تهديدها في البدء بملء الخزان، وأن الحكومة لا ترى حلا للمشكلة سوى بالوصول إلى تفاهمات بشأن الأطر الفنية لبناء السد. يرى مراقبون أن السودان ينظر إلى المفاوضات الجديدة على أنها مقدمة للاتفاق على باقي الجوانب التي تعقب بدء ملء السد، سواء في ما يتعلق بالسنوات اللازمة للملء أو بعض الجوانب الفنية التي لم تستكمل بعد، وسيكون له دور في تقريب وجهات النظر من خلال موقعه كشريك وجد نفسه في هذه المنطقة بعد أن لاحظ أن هناك محاولات لتمرير رؤى أحادية. وأكد وزير الري والموارد المائية ياسر عباس، أن الوصول إلى توافق قبل البدء في عملية الملء الأولي، في الموسم الحالي يوليو-سبتمبر، أمر ضروري للسودان باعتباره موقفا مبدئيا للبلاد، وأن السودان طرف أصيل في المفاوضات، الأكثر تأثرا بالسد من الدولتين. على هذه القاعدة، انطلقت الجولة الجديدة من المفاوضات، وحرصت الخرطوم على التمسك بما أنجزه الراعي الأميركي خلال الجولات الماضية، استثمارا للوقت، وعدم منح فرصة لإثيوبيا للمراوغة أو البدء من نقطة الصفر استهلاكا للوقت. وأصبحت إثيوبيا مطالبة بإثبات حسن نيتها خلال هذه الجولة، لأن المنهج الذي اتبعته في القبول بالمفاوضات ثم الخروج عنها قبيل نهايتها لم يعد مقبولا الآن من مصر والسودان.

مشاركة :