طوارق الجزائر.. اللثام بديل الكمامة في زمن الكورونا

  • 6/11/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

في ظل الإجراءات الصحية المطبقة تفاديا لانتشار عدوى فيروس كورونا المستجد (كوفيد19)، يتخذ طوارق الجزائر عادة اللثام الضاربة في عمق التاريخ قناعا واقيا يغنيهم عن الكمامة الطبية. ويشتهر مجتمع الطوارق بالجزائر أقصى جنوبي البلاد، باللباس التقليدي العمامة (الشاش تسمية محلية) التي تغطي الوجه والرأس باستثناء العينين، وتتنوع وتختلف ألوانها وأشكالها. وفي 24 مايو/آيار المنصرم، فرضت الحكومة الجزائرية ارتداء المواطنين الكمامات في الأماكن العامة والمحلات والأسواق. ويأتي ذلك في إطار الإجراءات الاحترازية للوقاية من وباء كورونا المتفشي في البلاد منذ الـ25 فبراير/شباط الماضي. حسب بيان الحكومة. جذور اللثام ويعدّ اللثام في مجتمع الطوارق عادة عريقة يتوارثها الأجيال جيلا بعد جيل وتعتبر مدعاة للفخر والرجولة، وإحدى الوسائل التي تقيهم من رياح الصحراء العاتية. ودون تاريخ محدد لظهوره، تقول روايات متداولة حول جذور اللثام، إنّ رجال إحدى قبائل الطوارق خرجوا مرة في مهمة، وخالفهم العدو إلى مضاربهم، حيث نساؤهم وأطفالهم فقط. وحسب الرواية كان في الحي عجوز حكيم، نصح النساء بأن ترتدين ملابس الرجال ويتعممن ويحملن السلاح ففعلن، وفجأة عاد رجال الحي، فظن العدو أنه وقع بين جيشين، وانهزم وفرّ، ومنذ تلك الواقعة أصبح الرجال يرتدون اللثام بشكل دائم. ويحكى أيضًا أن قدماء الطوارق يضعون اللثام بصفه رمزية لحماية مداخل الجسم من تسرب الأرواح الشريرة إليها، كما يعتقد عندهم قديماً أنّ الفم بمثابة عورة فإذا لم يتم حفظه ستخرج منه كلمة السوء. هل يعوض اللثام الكمامة؟ و"الطوارق" (أقصى الجنوب الجزائري)، هم مجموعة من القبائل الأمازيغية الأصل، استوطنت الصحراء الكبرى وأزواد شمالي مالي والأهقار جنوب شرقي الجزائر، وشمال النيجر وجنوب غرب ليبيا وشمال بوركينا فاسو. وفق باحثين. وتزامنا مع فرض الحكومة ارتداء الكمامات للوقاية من عدوى وباء كورونا يستغني طوارق الجزائر عنها لأنهم يرتدون اللثام قناعا واقيا من الفيروس في ظل تحفظ أطباء عليه. وقالت الطبيبة زايدي مختصة في الأمراض المعدية بمحافظة إليزي (جنوبي البلاد) إنّ "اللثام لا يعوض الكمامة الطبية". وأضافت زايدي في تصريح للتلفزيوني الرسمي، أنّ "القماش الذي يصنع منه اللثام خفيف ورقيق ويسمح بدخول الفيروس". وتابعت: "من يلبسون اللثام يلمسونه عدّة مرّات في اليوم، لذلك هذا يساعد في خطر الإصابة بفيروس كورونا. وأشارت المتحدثة إلى أنّه "يجب عدم لمس الكمامة وإذا حدث ذلك يجب أن تكون الأيدي معقمة وبالنسبة للثام الأمر صعب". من جهتها، قالت الباحثة في التراث فاطمة تقابو إنّ "اللثام يعدّ رمزا للهيبة والوقار عند الرجل الطوارقي". وأوضحت تقابو لـ"الأناضول" أنّ "الرجل يلبس اللثام بعد بلوغه سن الرشد ليعبر للجميع أنه بإمكانه تحمل المسؤولية مهما بلغت ويعتبر رمز للتملك عند المرأة". وقالت المتحدثة إنّ لثام الرجل بمنطقة إليزي (جنوبي البلاد) يسمى "أماوال" ولثام المرأة "تكالات". وأضافت: " يختلف قماش غطاء الرأس الذي يشكل بآخره اللثام عند الرجل من منطقة لأخرى وحسب المناسبة". واستطردت قائلة: "تختلف لفّة اللثام حسب السن والحالة الاجتماعية، ويرتدى تماشيا ومتطلبات البيئة والمناخ الصحراوي الجاف والبارد". وترى المتحدثة أنّه "لا يمكن اعتماد اللثام ككمامة لأنّ طريقة ارتدائه المعقدة تجعل اليد تلامس عدة أجزاء من الوجه ما يسهل انتقال الفيروسات". ووفقها "إذا استعمل ككمامة وجب طيه عدّة طبقات عديدة وتغييره كل ثلاث ساعات تماما مع الحرص على عدم لمسه كثيرا". حقيقة اللثام عند الطوارق الباحث في التراث عثمان أوقاسم من محافظة إليزي، رأى أنّ "اللثام الإيموهاغي" (إيموهاغ كلمة طارقية تعني الرجال النبلاء ومفردها أماهغ) يمكن أن يحل بدل الكمامة لكون سمكه غليظ ويمنع دخول الهواء إلى الفم والذي يحتمل أن يكون ناقلا للفيروس". وقال أوقاسم لـ"الأناضول": "أنا أستعمله بدل الكمامة، فإضافة لكونه عادة وتقليد عندنا، وجدته مناسبا للوقاية من كورونا بعد تفشيها في بلادنا". وأوضح المتحدث أنّ "اللثام يرتبط بالبيئة والمناخ الذي يتواجد بهما قبل أن يستقر عند (الطوارق) والبدو الراحل". وأضاف: "اللثام يرافق سكان الصحراء الكبرى، فيستلزم لمن يقطع مسافات طويلة أو يخرج للصيد أو للفلاحة ارتداءه". وتابع قوله: " ذلك لمواجهة العوامل الطبيعية في الصحراء القاسية سواء حرارة الشمس أو البرد أو الرياح والزوابع الرملية". بدوره، قال الأكاديمي بجامعة ورقلة (جنوب) بودة العيد إنّ "اللثام أو (تاجلموست) بلهجة الطوارق، عبارة عن قطعة قماش طويلة تُلّف على شكل عمامة على كامل الوجه والرأس". وأكمل العيد في حديثه لـ"الأناضول": "وتترك العينين، ليتسنى للرجل الرؤية وتكون مزيجا من اللون الأبيض والأزرق النيلي". وأشار المتحدث إلى أنّ "عديد الأنثروبولوجيين حاولوا تفسير هذه العادة فمنهم من يرى أنه كيان يرجع ارتدائه إلى الوقاية من الجن والأرواح الشريرة، وآخرون يرون أن الطارقي يلجأ لإخفاء وجهه عن طريق اللثام كي لا يعرفه أعداؤه". ولفت إلى أنّ "فريقا آخر فسرّه بأنه للوقاية من حر الشمس والزوابع الرميلة الصحراوية والبرد القارس". ودعا الباحث إلى مراجعة التراث الأسطوري للطوارق ومحاولة مقاربته مع واقعهم وحقيقتهم، لأن ما كتبه الآخرون -حسبه- خاصة الفرنسيين يحمل كثيرا من المغالطات التاريخية. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :