ابتكر الطالب علي الشهري، أحد خريجي جامعة الملك فهد للبترول والمعادن من قسم الهندسة الميكانيكية وأحد مبتعثيها للدراسات العليا بجامعة كاليفورنيا؛ طريقة فعالة لتشخيص فيروس كورونا تمتاز بالتكلفة المنخفضة والفعالية العالية في إعطاء نتائج التشخيص في وقت قياسي لا يزيد على 10 دقائق، وذلك باستخدام الزفير الخارج من الأشخاص المراد فحصهم. ووافقت مؤسسة العلوم الوطنية بالولايات المتحدة الأمريكية (National Science Foundation) على تطوير فكرة مشروع علي الشهري. وتم تشكيل فريق بحثي يقوده مشرف الطالب البروفيسور بقسم الهندسة الميكانيكية والطيران والفضاء د. بيروز كافيبور، وحصل الفريق على دعم أولي بلغ 150 ألف دولار لتصنيع الأداة التي ستساهم في مواجهة جائحة كورونا من خلال القدرة على تصنيع العديد من هذه الأجهزة؛ نظرًا لتكلفتها المنخفضة، وسرعة التشخيص وإعطاء النتائج؛ حيث تعد سرعة التشخيص عاملًا مهمًّا في اكتشاف المرض واتخاذ الإجراءات اللازمة للتعامل مع المصابين، والذي يساعد على حماية غير المصابين من العدوى. وقال الطالب علي الشهري: الفكرة ظهرت خلال بحث علمي استغرق إعداده مدة عامين ونصف، فقد كنت أحاول إيجاد طريقة فعالة لتجميع الماء من الهواء لغرض تحلية المياه. وقد توصلت لطريقة غير مسبوقة لاستخراج الماء عن طريق تكثيفه على سطح معالج وبكميات كبيرة مقارنة بالتقنيات الموجودة حاليًّا، وعند قدوم جائحة كورونا توقّفت عن التجارب المعملية؛ مما دفعني ومشرفي البروفيسور بيروز كافيبور، للتفكير بطرق بديلة لمواصلة البحث العلمي، فطرحت فكرة استخدام نفس التقنية التي تم تطويرها لتكثيف الماء الموجود بالهواء لتكثيف الماء الموجود في نَفَس “زفير” الإنسان واستخدامه للفحص عن وجود الفيروس. وأضاف: مشرف البحث أبدى إعجابه بالفكرة وتم تشكيل فريق مكون من ستة أساتذة ينتمون إلى ثلاث جامعات مختلفة لمناقشة الفكرة وتطويرها، وبجهد من جميع أعضاء الفريق تم تطوير الجهاز بشكل فعال وسهل التصنيع في وقت قياسي، كما تمت إضافة بعض الميزات عليه ما يجعله جهازًا منافسًا في هذا المجال. وأوضح أن الفكرة المبدئية للجهاز تشابه في عملها أجهزة التحقق من مستويات الكحول في الدم (Breathalyzer) التي تستخدم الأشعة تحت الحمراء، ويتكون الجهاز المعني بفحص الفيروس من جزأين: الأول هو تجميع العينة السائلة من نَفَس “زفير” الإنسان التي تحتوي على كمية من الفيروس الذي يصيب الجهاز التنفسي، بينما يقوم الجزء الثاني بالكشف عن الفيروس باستخدام الإشعاع الضوئي. وأردف: طريقة استخدام الجهاز المتوقعة هي أن يتنفس الإنسان خلال هذا الجهاز لمدة دقيقة فقط ليرى نتيجة الاختبار خلال أقل من عشر دقائق، كما يمكن استخدام الجهاز للكشف عن وجود الفيروس في الهواء بشكل عام؛ مما قد يساعد على اكتشاف الأوبئة في الأماكن العامة كالمطارات والمدارس والمستشفيات. وقال “الشهري”: إن الأداة التي سيتم تصنيعها ستتفوق على الطرق الحالية لفحص الفيروس في عدة جوانب؛ حيث يتم حاليًّا أخذ العينة غالبًا من داخل الأنف في المنطقة الواصلة بينه وبين الفم، ويتم بإدخال عود طويل داخل الأنف أو الفم. وأضاف: قد تؤدي الطريقة إلى تهرّب البعض من إجراء الفحص مما يصعّب على الجهات المسؤولة اكتشاف المصابين وإجراء الاحترازات الناتجة عن اكتشاف المصاب من عزل، وكذلك حصر المخالطين له، كما أظهرت بعض الدراسات أن الطريقة المستخدمة حاليًّا قد تؤدي إلى الإصابة ببعض الأعراض الجانبية كالعدوى. ولكن مع هذه التقنية، فإننا نأمل أن تساعد طريقة أخذ العينة على تفادي هذه المشكلات. وأردف: مدة الحصول على نتيجة الفحص هي ميزة أخرى يتمتع بها الجهاز؛ حيث يتم أخذ العينات للفحص وإرسالها إلى مختبر مجهز بجهاز تفاعل البوليميريز المتسلسل اللحظي (rt-PCR)، علمًا بأنه مع عدد العينات المطلوب إدخالها للجهاز وتوفر الأيدي العاملة، فإنه قد تتراوح مدة الحصول على النتيجة لساعات إن لم تكن أيامًا، أما في الجهاز الجديد فإن الوقت المتوقع هو 10 دقائق فقط حسب التجارب الأولية. وتابع: حجم الجهاز وسعره وكذلك سعر تشغيله؛ سيكون في متناول الجميع ولا يحتاج إلى معدات كبيرة الحجم وباهظة التكاليف، وكذلك يستطيع أي شخص حاصل على تدريب بسيط القيام بالفحص؛ مما يسهل إجراء أكبر عدد من الفحوصات. وذكر “الشهري” أن الجزء الأول من الجهاز والمعني بعملية تجميع العينة قد اكتمل حاليًّا، وقد قام الفريق بإعداد نموذج أولي له بنجاح، وبالإمكان الاكتفاء بهذا الجزء لتجميع العينة ونقلها إلى أحد المختبرات المجهزة بجهاز تفاعل البوليميريز المتسلسل اللحظي (rt-PCR) للفحص عن الفيروس. وقال: أما بالنسبة للجزء الثاني من الجهاز، فإن الفريق حاليًّا يسعى للانتهاء منه بحلول سبتمبر القادم. ويأمل الفريق أن يتوافر الجهاز المتكامل للاستخدام قبل بداية العام الميلادي القادم 2021. ولتسريع عملية التصنيع والاختبار أشار “الشهري” إلى أن المشروع حاز استحسان مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية؛ ما دفعهم لمنح الفريق دعمًا بحثيًّا مقداره 150 ألف دولار، والفريق في طور المناقشات مع جهات دعم أخرى. وقال “الشهري”: سباق الوقت هو العامل المؤثر في مثل جائحة كورونا؛ فالعدد المحدود من الفحوصات وتعقيد معدات الاختبار أدى إلى تأخير عودة الحياة الاقتصادية والاجتماعية لطبيعتها. وكذلك فإن المجتمع العلمي يتوقّع حدوث موجة ثانية قد تكون أكبر من السابقة بعد السماح بعودة الحياة الاجتماعية لسابق عهدها؛ لذلك كانت هناك حاجة ماسة لابتكار طرق تسرع في عملية اكتشاف الأمراض وسرعة احتوائها. وحصل الطالب علي الشهري على درجة البكالوريوس 2014 وحصل على الماجستير 2017 من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وتم ابتعاثه لإكمال درجة الدكتوراه بجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ويهتم في مجاله البحثي بتطوير عملية تكثيف بخار الماء على الأسطح بطرق ذات فعالية وكفاءة عاليتين.
مشاركة :