من الأمراض المعاصرة التي تمثل تحديات لبعض الأسر هو إضطراب طيف التوحد وهو من الاضطرابات التي قد يصعب علي الآباء والأمهات تشخيصها حيث يرجع ذلك لعدم معرفة الكثيرين به ومن ثم كانت هناك الحاجة لتعريف الناس والمشاركة في نشر الوعي به لأنه وبكل بساطة أصبح واقع ملموس في عالمنا حتي وإن كانت نسبة انتشاره مازالت صغيرة ولكن يؤخذ في الحسبان تصاعد منحني هذا الانتشار سنة بعد الأخري. وقد عرف التوحد على أنه إعاقة نمائية تؤثر تأثيرا بالغًا على التواصل اللفظي وغير اللفظي، وعلى التفاعل الاجتماعي، وتظهر قبل سن 3 سنوات، مما يؤثر على إنجاز الطفل التعليمي، ومن الخصائص الأخرى وجود سلوكيات نمطية متكررة بشكل واضح، والطفل هنا لا يقبل التغيير خصوصا في الروتين اليومي، كما أن ردود فعله غير عادية بالنسبة للخبرات الحدسية، ومصطلح التوحد هنا لا ينطبق على الطفل إذا كان أداؤه التعليمي قد تدني بسبب معاناته من اضطرابات انفعالية شديدة.وهناك أيضًا تعريف أخر لإضطراب طيف التوحد يعرف علي أنه إضطراب في وظائف الدماغ يعاني منه الذكور أربعة مرات أكثر من الإناث. كما هو ليس حكرًا علي فئة عمرية أو نوعية من الناس بل قد يظهر لدي كافة الأعمار والأجناس والطبقات وأبرز أعراض التوحد تكرارية لدي الأفراد "ثلاثة" هي إنخفاض القدرة علي التواصل – إنخفاض القدرة علي التفاعل الأجتماعي – سلوك نمطي متكرر ومحدد و ييعتبر اضطراب طيف التوحد إحدى اضطرابات النموّ المعقدة، والتي تؤثّر على تطوير المخ الطبيعيّ لمهارات الاندماج الاجتماعيّ والتواصل. ومن السمات المشتركة بين مصابي التوحد وجود خلل في التفاعلات الاجتماعية، وفي التواصل اللفظي وغير اللفظي، ووجود مشاكل في كيفيّة استيعاب المعلومات عن طريق الحواس، ووجود أنماط محدّدة من السلوكيّات المتكرّرة. حيث يشمل مصطلح (اضطراب طيف التوحٌّد) في الطابعة الخامسة من الدليل التشخيصي الإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) أمراض النموّ الأربعة الأكثر انتشارًا .ومن أهم الخصائص التي تميز التوحديين أن هناك سمات معينة للاطفال التوحديين وهي عدم الارتباط بالأشياء؛ وضعف إستخدام اللغة والأتصال أو التواصل؛ والمحافظة علي الروتين؛ وضعف في الوظائف العصبية نذكر منها: ضعف وقصور في الاتصال البصري – عدم إندماج الطفل مع المحيطين به – قصور في الانتباه والتركيز – تأخر في نمو اللغة – حركات تكرارية لا إرادية - الأصابة بالصرع عند بعضهم – الاستخدام الغير مناسب للعب بالأشياء – القصور الشديد في الأرتباط والتواصل مع الأخرين ومن العلامات الأولية للتوحد مجموعة من العلامات المحتملة التي قد تدل على أن الطفل من المعرضين لخطر الإصابة باحد اضطرابات التوحد وهذه العلامات هي (عدم قدرة الطفل على إنتاج جمل من كلمة واحدة قبل عمر السنة والنصف - عدم قدرة الطفل على إنتاج جمل من كلمتين قبل عمر السنتين - عدم الاستجابة عند مناداته باسمه - فقدان المهارات اللغوية والاجتماعية خلال السنوات الأولى من العمر- تجنب التواصل البصري - عدم إستخدام الإيماءات بشكل وظيفي خلال السنة الأولى من العمر - يبدو على الطفل إنخفاض القدرة على اللعب بشكل صحيح - متعلق بلعبة معينة أو مجسم أوبشئ محدد - لا يبتسم إستجابة لتبسم الأخرين - يتصرف كالأصم). ولا يوجد سبب واضح للتوحد حتي الأن؛ إلا أنه من الثابت علميا أن خللًا بوظائف المخ مما يؤثر تأثيرًا سلبيا علي قدرة الطفل علي التركيز والأنتباه والتواصل والاندماج؛ وقد يرجع سبب هذا الخلل إلي عوامل وراثية حيث يتكون لدي الطفل من خلال جينات قابلة للاصابة بالذاتوية أو عوامل بيئية حيث تتعدد العوامل البيئية التي يمكن أن تؤثر علي إضطراب طيف التوحد وتؤدي اليه؛ ومن بين هذه العوامل مسببات كثيرة تؤدي كذلك إلي الأعاقة الفكرية منها ما يلي (تعرض البويضات أو الحيوانات المنوية قبل الحمل للمواد الكميائية أو الإشعاعات؛ التلوث الغذائي وذلك عن طريق استخدام الكيماويات والتعرض للأمراض المعدية وخاصة تعرض الأم الحامل لها و أضطرابات الأيض وتعاطي الأم الحامل للكحوليات وهذا الأمر الذي يؤدي به إما إلي الأعاقة الفكرية أو إضطراب طيف التوحد وعوامل خارجية كملوثات البيئة مثل المعادن السامة كالزئبق والرصاص وإستعمالات المضدات الحيوية بشكل مكثف أو تعرض الأم للألتهابات أو الفيروسات والتغيرات الطبية والحيوية ووجود خلل عضوي أو عصبي أو بيولوجي أثناء فترة الحمل مثل إصابة الأم بأنواع من الحميات كالحصبة الألماني وتعرض الأم لجرعات إشعاعية وحدوث نزيف متكرر مصاحب بهبوط بعد الشهر الثالث وتناول الام بعض العقاقير بدون اذن من الطبيب وحدوث رشح شامل في الرحم وكبر سن الام الحامل ونقص الأكسجين الواصل لمخ الجنين).التشخيص: تمر عملية تشخیص أطفال التوحد بعدة مراحل و منها: مرحلة التعرف السريع على الطفل التوحدي وهي تلك المرحلة التي يلاحظ بها الآباء والأمهات أو ذوي العلاقة بالطفل بعض المظاهر السلوكية غير العادية وخاصة تلك المظاهر التي لا تتناسب مع طبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها الطفل وتكرار تلك المظاهر وشدتها ومن هذه المظاهر (ضعف النمو اللغوي، ضعف التطور في المهارات الذكانية، وضعف الجانب الاجتماعي) و مرحلة التاكد من وجود مظاهر السلوك التوحدي لدى الأطفال المشكوك بهم يكون من خلال عرضهم على فريق متخصص من الأخصائيين ويشمل الفريق (الأخصائي النفسي، طبيب أطفال يعرف بالتوحد، أخصائي القياس التربوي، أخصائي علاج النطق، أخصائي قياس السمع، وأخصائي اجتماعي) ويلعب الوالدان دورا حيويا في عملية التشخيص وذلك من خلال تقديم المعلومات عن التاريخ التطوري للطفل وأنماطه السلوكية. ولان التوحد اضطراب يعرف سلوكيا فإن من الصحيح القول بأنه كلما زاد عدد الأخصائيين الذين يلاحظون سلوك الطفل في أوقات مختلفة وأوضاع متنوعة زادت احتمالات التشخيص للتوحد بشكل صحيح. وهناك بعض الأرشادات للوالدين للكشف عن أطفالهم ذوي إضطراب طيف التوحد حيث هناك ظواهر كثيرة للتوحد ولكن بعضها قد تكون أعراض لأمراض أخري والوالدين هم الأكثر قدرة لأكتشاف حالة طفلهم.التدخل العلاجي: لا يوجد علاج شافي للتوحد ولكن يمكن تأهيل الطفل من خلال برامج تعليمية خاصة وشاملة ومن الأساليب العلاجية المستخدمة التحليل السلوكي وهوالذي بدوره يركز علي التقليل من السلوكيات الغير طبيعية وتعليم مهارات جديدة – البرامج التعليمية الخاصة – العلاج التخاطبي ويركز هذا النوع علي تحسين القدرة علي التواصل وإستخدام اللغة …. وغيرها من أساليب العلاج.وفي النهاية كما ذكرنا التوحد هو إضطراب نمائي مازال يعمل الباحثون علي الوقوف علي الأسباب الرئيسية له وكنتيجة للمجهود البحثي المتواصل سوف يأتي اليوم الذي تشرق فيه شمس الأمل ويتم الأعلان عن التوصل لعلاج نهائي شافي للتوحد لملائكتنا الصغار.
مشاركة :