جدل سئم المجتمع من النقاش فيه، وتكرار الشكاوى التي لا مجيب لها حول المباني المدرسية المستأجرة للبنين والبنات، وصعوبة تهيئة البيئة التعليمية السليمة لمن هم على المقاعد الدراسية. في إحدى مدارس شمال شرق جدة في حي الحمدانية تستعد كل مساء بعد الظهيرة طالبات المدرسة الثانوية إلى الخروج من منازلهن بعد مساعدة والدتهن في أعمال المطبخ، لتذهب إلى مطبخ المدرسة لتقلي حصة الرياضيات، وتعلم المعادلات على سيراميك جدار المطبخ، ويقضين فيها يومهن الدراسي كاملاً. وشكى لـ «الحياة» عدد من طالبات المدرسة على لسان أولياء أمورهن حالهن، إذ تقول إحداهن: «نقضي يومنا الدراسي في مطبخ المبنى المدرسي دون طـاولات أمامية تتكئ عليها كتبنا، لاسيما وأننا نقضي جهداً واسعاً لنقل ما يتم تدوينه على السبورة السيراميكية، ولاننتهي إلا بعد أن تشل حركة أيدينا من إنحنائنا على أنفسنا». فيما تذمر والد إحداهن من حال ابنته وزميلاتها، إذ يقضين يوماً كاملاً من دون تكييف، والسبب هو عدم وجود صيانة للمبنى، كونه تتناوب عليه الطالبات صباحاً ومساءً، ما اضطرت المعلمات إلى ابتكار فكرة الدراسة في المطبخ كون جهاز التكييف به يعمل بشكل سليم عن بقية الفصول المستكهلة، مشيراً إلى أن إحدى المعلمات اتخذت طاولة الطعام مساحة لاستخدام أدواتها التعليمية وصفّ أقلام السبورة المحولة من جدار إلى سبورة. واقترح أحد أولياء الأمور خلال حديثه مستهزءاً: «يجب دمج وزارة التعليم مع وزارة النقل والإسكان، لأنها لا تتجاوز الوزارة الخدمية التي لا تدرك قيمة العلم والتعليم والابتكار». ويقول إمام أحد المساجد في الحي علي القرني: «هناك أراض حكومية للمالية ويمكن لإدارة التعليم اقتطاع جزء يسير من الأراضي التي يأجر جزء منها لشركة أرامكو وبناء منشأة تعليمية، إذ بلغ عدد البرقيات والمعاملات التي تقدم بها أهالي أحياء الحمدانية 21 معاملة لطلب خدمات تنموية من مدارس بنين وبنات وخدمات بلدية وأمنية لخدمة أكثر من 12 حياً في قطاع شمال شرق جدة، ولكن جميعها تحت الدرس وباءت بالردف في أدراج المسؤولين». فيما أشارت «ربيع اليامي» إلى أنه تم عرض قطع أراضٍ على المسؤولين لإنشاءات التعليم بأسعار مغرية جداً، خفضت لهم إلى 500 ريال لسعر المتر، ولم يجدوا أي تفاعل. من جهته، أوضح الباحث في علم الاجتماع ماجد الحمدان لـ «الحياة» أن ما يحدث للطالبات يؤثر في فقد الجدية العلمية، وفقدان المقومات اللازمة لتنفيذ العملية التعليمية بنجاح، كما أن ذلك يعد انتهاكاً لقدسية العلم، إذ إن الحرم الدراسي في كل الدول الكبيرة، يعد أحد أهم مقومات الحث على التفــوق العلمي، كما أنها تعكس الحالة الـوزارية المتـردية والتي لا تجيد توزيع المــوارد وتنظــيم التعـــليم، وبخاصة مع الدعم المالي اللا محدود من الحكومة السعودية. في حين ما زالت الدراسات والخطط بحسب موقع بوابة الإدارة العاملة للتربية والتعليم في جدة تشير إلى أن الأهداف العامة لتطوير البيئة التربوية التعليمية لتلبية المتطلبات الكمية والنوعية للمرحلة المقبلة تستهدف زيادة أعداد المباني الحكومية المعدة لتحقيق الأهداف التربوية والتعليمية بنسبة 15 في المئة، وجميعها تحتاج إلى دعم مالي وموزانة تشغيلية.
مشاركة :