دمشق - في خطوة تستهدف إبعاد نفسه عن الأزمة العميقة التي تعاني منها سوريا، “أقال” الرئيس بشّار الأسد رئيس الوزراء عماد خميس وعين مكانه وزير الموارد المائية حسين عرنوس، وهو من إدلب. وترافقت خطوة إقالة رئيس الوزراء مع تغييرات مهمّة في مواقع عسكرية قيادية شملت القوات الخاصة والحرس الجمهوري، وذلك بهدف التحكّم في أي تحرّك للقوات الفاعلة التي مهمّتها الأولى حماية النظام القائم. وجاءت “إقالة” خميس، وليس الإعلان عن “قبول استقالته واستقالة حكومته” كما جرت العادة لدى القيام بتغيير حكومي في دمشق، على خلفية احتجاجات واسعة وتدهور سريع للوضع الاقتصادي تشهده المناطق التي تحت سيطرة النظام في سوريا، وذلك قبل أقلّ من أسبوع على دخول “قانون قيصر” الذي أقرته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حيّز التنفيذ. ومن بين أبرز المناطق التي شهدت تظاهرات متواصلة طالب المشاركون فيها بـ”رحيل” بشّار الأسد عن الرئاسة مدينة السويداء ذات الأكثرية الدرزية القريبة من درعا. وترافقت تظاهرات السويداء، التي لم تهدأ لليوم الرابع، مع فقدان الدولار في دمشق وغيرها من المدن السورية وارتفاع جنوني في الأسعار لم تستطع حكومة عماد خميس معالجته. وقال سكان إن المتظاهرين الذين تجمعوا قرب ساحة رئيسية في المدينة الواقعة جنوب غرب سوريا دعوا إلى الإطاحة بالأسد، مكررين هتافات ترددت في بداية الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية عام 2011. وتطالب الاحتجاجات المندلعة منذ الأحد الماضي كذلك بنهاية الفساد المتفشي وخروج الميليشيات الإيرانية والقوات الروسية، التي ساعد دعمُها الأسد على استعادته معظم الأراضي من أيدي معارضيه الساعين لإنهاء حكمه. تغييرات في الحرس الجمهوري العميد الركن ميلاد جديد قائدا للقوات الخاصة العميد الركن منذر إبراهيم رئيسا لأركان القوات الخاصة العميد الركن كمال صارم رئيسا لأركان الحرس الجمهوري العميد الركن أمين اسمندر رئيسا لأركان الفرقة 30 في الحرس الجمهوري وقالت مقيمة وناشطة تدعى نورا الباشا “المحتجون يطالبون بالحرية وإسقاط النظام نتيجة الغضب الشعبي من تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي والأمني والسياسي”. وللمرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات، نظم العشرات من أنصار الحكومة مظاهرة مضادة أمام مقر مجلس المدينة، حيث انتقدوا موجة أخرى من العقوبات الأميركية الجديدة الأكثر صرامة، والمعروفة باسم قانون قيصر، والتي تدخل حيز التنفيذ هذا الشهر. وقالت مصادر في دمشق لـ”العرب” إن الأجهزة الأمنية السورية شنت في الأيام القليلة الماضية حملة اعتقالات شملت عددا كبيرا من الصرّافين بهدف خفض سعر الدولار. وكشفت هذه المصادر التي أمكن الاتصال بها أنّ المفارز الأمنية التابعة للأجهزة صادرت كميات كبيرة من الدولارات كانت لدى عدد من الصرّافين الذين يحظون بدعم من مراكز القوى. وقالت إن ذلك سمح للسلطات الرسمية بالإعلان عن أن سعر الدولار هبط من 3500 إلى 1800 ليرة سورية، في حين أنّ العملة الأميركية بقيت مفقودة من الأسواق. وذكرت المصادر نفسها أنّ التجار في دمشق أُجبروا، في ظلّ تهديد مباشر، على إبقاء محلاتهم مفتوحة بعدما قرّر عدد كبير منهم الامتناع عن بيع البضاعة الموجودة لديه بسبب ارتفاع الدولار من جهة وعدم قدرته على تعويضها مستقبلا من جهة أخرى. إلى ذلك، كشفت مصادر سياسية سورية أنّ “إقالة” رئيس الوزراء السوري كانت مقررة منذ فترة، لكن الأسد تريّث في اتخاذ قراره نظرا إلى أن شخصيات عدة امتنعت سلفا عن المشاركة في حكومة جديدة وقدّمت أعذارا مختلفة من أجل رفض تحمّل أيّ مسؤولية حكومية في هذه المرحلة. ودفع ذلك الرئيس السوري في نهاية المطاف إلى الاستعانة بالوزير حسين عرنوس من الحكومة المقالة وتكليفه بتولي موقع رئيس الوزراء. ولد عرنوس (67 عاما) في إدلب وشغل العديد من المناصب الحكومية المتعاقبة بما في ذلك منصب محافظ دير الزور الواقعة على الحدود مع العراق ومحافظ القنيطرة في جنوب البلاد، وهو من بين المسؤولين السوريين المدرجين على قوائم العقوبات لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. من جهة أخرى، تحدثت المصادر السياسية السورية عن تغييرات كبيرة حصلت داخل الحرس الجمهوري والقوات الخاصة في ضوء مخاوف من حصول أي تحركات عسكرية تستهدف النظام. وذكرت في هذا المجال أن ضباطا علويين من الجيل الشاب، معظمهم برتبة عميد، شغلوا حديثا مواقع عسكرية مهمّة كي يكون أي تحريك للقوات تحت إشراف هؤلاء الضباط الذين يعتبر بشّار الأسد أنّهم موالون له مباشرة وليس لأيّ شخص آخر مثل ابن خاله رامي مخلوف. وفي هذا السياق، أصبح العميد الركن ميلاد جديد قائدا للقوات الخاصة والعميد الركن منذر إبراهيم رئيسا لأركان القوات الخاصة والعميد الركن كمال صارم رئيسا لأركان الحرس الجمهوري والعميد الركن أمين اسمندر رئيسا لأركان الفرقة 30 في الحرس الجمهوري.
مشاركة :