بيروت – تزيد المواقف الأميركية المتضاربة ارتباك السلطة السياسية في لبنان التي تبدو في حالة تيهان واضطراب لاسيما مع تفاقم الأزمة المالية التي تشهدها البلاد، في ظل تهاو دراماتيكي لليرة اللبنانية مقابل الدولار، وضغوط الدائنين الدوليين. وأكدت سفيرة الولايات المتحدة في بيروت دوروثي شيا خلال لقائها الخميس الرئيس ميشال عون على استمرار الدعم الأميركي للبنان في تناقض مع الرسائل القادمة من الكونغرس والبيت الأبيض والتي تصب في سياق وقف هذا الدعم بما يشمل الجيش اللبناني والذهاب بعيدا في تحجيم نفوذ حزب الله المسيطر على سلطة القرار من خلال الضرب بقوة على الحلفاء السياسيين الذين يوفرون له الغطاء. وقالت شيا، خلال الاجتماع مع عون في قصر بعبدا، إن “الولايات المتحدة تدعم الخطوات الإصلاحية التي يقوم بها لبنان كي يتمكن من الخروج من الأزمة الاقتصادية المالية التي يعاني منها”. وأكدت السفيرة على “دعم بلادها للبنان في المجالات كافة والوقوف إلى جانبه في هذه الظروف الصعبة حتى يجتازها”. ويرجح متابعون أن يكون الرئيس ميشال عون الذي يعد حليف حزب الله الاستراتيجي قد دعا شيا إلى مناقشة الأنباء الورادة من العاصمة واشنطن والتي تتحدث عن مبادرات لوقف الدعم عن لبنان ومؤسسته العسكرية ضمن مشروع يهدف إلى ممارسة أقصى العقوبات على إيران والميليشيات الموالية لها. ويشير المتابعون إلى أن عون بالتأكيد سيسعى للحصول على تطمينات لاسيما في علاقة بالمعلومات التي تتحدث عن إمكانية فرض عقوبات على حلفاء الحزب الذي يعد وتياره الوطني الحر من ضمنهم. وأوصت ورقة بحثية أعدتها مؤخرا لجنة الدراسات في الحزب الجمهوري في مجلس النواب الأميركي، بشأن إيران ووكلائها، بفرض عقوبات على قادة لبنانيين متحالفين مع حزب الله، بالإضافة إلى قطع المساعدات عن الجيش اللبناني. وبناء على مقترح من المنظمة غير الربحية المعروفة باسم “الاتحاد ضد إيران النووية”، نصت الورقة على أهمية معاقبة جميع البرلمانيين الحاليين أو المستقبليين ووزراء الحكومة الذين هم أعضاء مباشرون في حزب الله. وأشارت الورقة إلى ضرورة معاقبة أعضاء مجلس الوزراء المعروفين في لبنان بـ”المستقلين” لكنهم في الواقع من الموالين لحزب الله، بما في ذلك وزير الصحة السابق جميل جبق والنائب جميل السيد ووزير الخارجية السابق (2005 - 2009) فوزي صلوخ. ولم يغفل معدو الورقة عن أبرز الحلفاء السياسيين لحزب الله وهما صهر الرئيس عون ووزير الخارجية السابق جبران باسيل ورئيس حركة أمل رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري. وسبق وأن غمزت الإدارة الأميركية إلى إمكانية شمول لائحتها العقابية كلاّ من بري وباسيل في حال استمر الطرفان في السير قدما في تنفيذ أجندة حزب الله والتماهي معها. ويعتقد المراقبون أن عون سعى من خلال اللقاء مع السفيرة الأميركية لمعرفة مدى جدية البيت الأبيض في التوجه لمعاقبة باسيل وحزبه. وبحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية عرض الرئيس عون مع السفيرة الأميركية العلاقات الثنائية وسبل تطويرها في المجالات كافة، كما أجرى معها “جولة أفق تناولت التطورات الإقليمية الراهنة”.
مشاركة :