مراكش (المغرب) ـ تواصل دار الشعر بمراكش من خلال برمجتها الخاصة بالطور الثالث، فتح منافذ جديدة لتداول الشعر بين جمهوره. وضمن سلسلة ندواتها، التي تستقصي الخطاب الشعري، تنظم دار الشعر بمراكش ندوة "أسئلة النقد الشعري في المغرب: المنجز ورهانات التأويل"، والتي تعرف مشاركة النقاد: عبدالجليل الأزدي، وعادل عبداللطيف، ورشيدة الشانك للحوار والنقاش واستقصاء أسئلة النقد الشعري في المغرب اليوم، وتقصي ومقاربة هذا المنجز. وسيتم بث هذه الندوة على قناة دار الشعر بمراكش (يوتوب) وفي صفحتها على الفايسبوك، ليلة الجمعة 12 يونيو/حزيران 2020، على الساعة السابعة والنصف ليلا. وتواصل دار الشعر بمراكش، من خلال هذه الندوة، استقصاء الخطاب الشعري استكمالا لسلسلة الندوات التي فتحتها الدار، خلال موسمها الثالث، الدرس الافتتاحي "الشعر والمشترك الإنساني"، "الشعر وأسئلة التلقي"، "الشعر وأسئلة التحولات"، "الشعر وأسئلة التوثيق والرقمنة"،.. ويسعى المتدخلون، عبر محاور ثلاثة، الى تحديد سمات عامة للنقد الشعري في المغرب، مساراته واتجاهاته، ابتداء من عشرينيات القرن الماضي، حيث تعود الارهاصات الأولى بدء من مسامرات الشعر والشعراء للقباج، وضمن ما تبلور من وعي نقدي حديث في المغرب الى اليوم. كما يسعى المشاركون الى تقصي ظاهرة الشعر في المغرب، من خلال أنماط وتجليات الكتابة الشعرية، على مختلف حساسياتها وتجاربها ورؤاها وأجيالها. ويتوقف المتدخلون، في محور ثالث، على المرجعيات المنهجية التي تتحكم في مقاربات النص الشعري، مع تحديد ملامح النقد المغربي المعاصر، ضمن صيرورة التشكل العام. لقد شكلت أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات، بوادر بلورة أسس لحظة نقدية، كرس أعلامها أسماء فاعلة في الحقل الأدبي بالمغرب (اليبوري، برادة، المنيعي، العوفي، الشاوي، الخطيب، الناقوري، المديني..). بدءا من المصطلح المشترك للناقوري ودرجة الوعي في الكتابة للعوفي وسلطة الواقعية للشاوي وظاهرة الشعر المعاصر في المغرب لبنيس والقصيدة: الزجل في المغرب للجراري والشعر الوطني المغربي في عهد الحماية للسولامي، وامتدادا لكتب القصيدة المغربية المعاصرة: بنية الشهادة والاستشهاد لراجع والشعر العربي الحديث بنياته وابدالاته لبنيس ونقد الشعر في المغرب الحديث لناظم وأزمة الحداثة في الشعر العربي الحديث للمعداوي... وانتهاء باجتهادات العديد من النقاد المغاربة، على مختلف مرجعياتهم النظرية. كتب مؤسسة لمشروع النقد الشعري المغربي المعاصر، والتي أسهمت في ترسيخ ممارسة نقدية استقصائية قرائية تحليلية، في تعدد لخياراتها المنهجية والنظرية. يطرح السؤال اليوم، على المنجز الشعري في المغرب، في تعدد روافده ومرجعياته، الى حد يمكن الحديث عن تجديد، الخطاب النقدي الشعري لخياراته ورؤاه؟ وهل يمكن الحديث عن حساسية نقدية جديدة استطاعت أن تتجاوب مع هذا الحراك النصي اللافت اليوم في القصيدة المغربية الحديثة، بمختلف أنماط ما تقترحه من تجارب وكتابات، مع الوعي بمقولتي الهوية والتلقي؟ ضمن مسارات نقد النقد، الى أي حد يمكن بلورة مشروع رؤية جديدة للنقد الشعري في المغرب، بأسئلة تعي لحظتها التاريخية، وتعدد النصوص الشعرية وتجاربها اليوم؟ بموازاة ما شهده النقد الروائي والقصصي، من حراك لافت ضمن حركية النقد الأدبي في المغرب، تظل حركية النقد الشعري في المغرب، ترتهن لمرجعيات جعلته الى حدود سبعينيات القرن الماضي، أسيرا لخطابات محكومة بحس ايديولوجي. ومع بروز حركة النقد الجديد في المغرب، ضمن مشروع رسخ أفقه برادة ويقطين ومفتاح وأخرون، الى جانب دراسات المجاطي وبنيس وراجع، والحضور القوي والمؤثر لمجلات "أقلام" (64) و"الثقافة الجديدة" (75) و"دراسات أدبية ولسانية" (85).. وانتهاء بمرحلة الألق الثمانيني، بفعل ظهور كتب مؤثرة، تناولت الشعر المغربي الحديث والمعاصر، من منظورات نقدية حديثة، قد أسهمت في انفتاح الخطاب النقدي على منطلقات ابستيمية تتغذى من حقول أخرى كالعلوم الانسانية، رغم أنها ظلت متداخلة المكونات والمسارات والرؤى. تسعى ندوة دار الشعر بمراكش، الى تحديد أسئلة النقد الشعري في المغرب، ورهانات التأويل. مع تحديد مسارات هذا النقد ولحظته الراهنة وأفقه، بحكم أنه نشاط تحليلي لأثر إبداعي، ومعطى تأويلي ومعرفي يستقرأ هويات النصوص. ضمن هذا الهاجس المعرفي، نسعى أن نتمثل ووسم تطورات النقد الشعري في المغرب، على امتداد لحظات تشكله، وإعادة صياغة هويته اليوم ومناهجه ونظرياته وأفقه وتشييد لحظته اليوم مع مساءلة النص الشعري في المغرب، في تعدد رؤاه وتجاربه. لهذه الاعتبارات وغيرها، تسعى ندوة دار الشعر بمراكش، "أسئلة النقد الشعري في المغرب: المنجز ورهانات التأويل"، الى رصد مختلف المقاربات للنص الشعري في المغرب، على اعتبار أنها علاقة تجاور وتزامن، رغم اختلافات في منابعها المرجعية. إن التحولات التي مست النقد الشعري في المغرب، وضمن مختلف مساراته التاريخية إلى اليوم، يمثل قيمة معرفية تعيد الاعتبار للنص الشعري ولمكوناته التخييلية والجمالية، وهو ما يعيد للظاهرة الأدبية وضعيتها الاعتبارية، منهجيا ومعرفيا. لكن، وفق تصور يولي للنص الشعري اليوم، وبما يختزله من أسئلة الهوية وأنماط الكتابة الشعرية وأسئلتها، مكانته الأولية كمكون لرصد ومقاربة وتقصي تحولات النقد الشعري في المغرب. إن ما تقترحه أطاريح وكتابات النقاد المغاربة اليوم، يعيد السؤال حول الأفق الذي انطلقت شرارته الأولى، مطلع القرن الماضي ومنذ صرخة القباج عن شعر المغرب الأقصى و"نبوغ مغربي" قعد ملامحه العلامة كنون، وامتدادا في التجارب الشعرية المتعددة، وفي أسئلة المعايرة والاختلاف، وفي المغرب الشعري الغني بحساسياته وتجاربه، يطرح سؤالا حول إمكانية بلورة مشروع تحديثي جديد اليوم، في الوعي النقدي الشعري بالمغرب، ضمن ما راكمه من منجز إبداعي وإبدالات وأيضا من اجتهادات معرفية ونظرية. ندوة دار الشعر بمراكش "أسئلة النقد الشعري في المغرب: المنجز ورهانات التأويل"، محطة جديدة ضمن استراتيجية الدار للمساءلة والتمحيص النقدي، حول منجزنا الشعري اليوم، وما يفتحه من أفق إبداعي. وهي محطة ستتواصل مستقبلا، بمزيد من الانفتاح والمقاربات، سعيا للإنصات البليغ لنبض النصوص ولجغرافيات شعرنا المعاصر اليوم.
مشاركة :